فى انتخابات مجلس الشعب عام 1987 كنت مندوباً فى لجنة فرز الأصوات فى دائرة مركز المحلة الكبرى، حيث شاهدت بعينى ولأول مرة كيف يجرى تزوير الانتخابات، ليس فقط، خلال عملية التصويت، وإنما فى المرحلة التالية، خلال فرز بطاقات الاقتراع، وحتى إعلان النتيجة العامة.
ولعل أهم ما استوقفنى فى ليلة الفرز الطويلة، وجود أكثر من 35 صندوقا وضعت بها أوراق التصويت كتلة واحدة، ما يعنى أن الصندوق كان مفتوحا، وجرى تعليم أوراق الاقتراع على عجل، ووضعها كتلة واحدة فى صندوق الانتخابات ثم إغلاقه بعد ذلك.
وأتذكر أننى ومرشح حزب التجمع على مدكور قدمنا للمستشار رئيس اللجنة طعونا فى كافة الصناديق، لكنه بدلا من استبعادها، أمر باستمرار عد الأصوات، وكان يؤشرعلى كل طعن بتأشيرة واحدة: النيابة للتحقيق.
كان هذا يعنى أن نغادر مقر الفرز، ونذهب إلى سراى النيابة بالبلاغ ليفتح وكيل النيابة تحقيقا، ويأخذ أقوالنا بينما يتم طبخ نتيجة الانتخابات، وحين فطنا إلى اللعبة أصررنا على الاستمرار، حتى انتهاء الفرز وإعلان النتيجة، لكن الغريب أن محاضر الفرز التى وقعنا عليها ليست المحاضر التى تم إعلانها بعد ذلك
الأغرب أننا اكتشفنا بعد ذلك أن السيد المستشار رئيس اللجنة العامة، كان فى نفس الوقت رئيسا للجنة عامة بالقاهرة، وأخرى بمحافظة بنى سويف فى نفس الوقت، ونفس الانتخابات، ووقع على محاضر فرز اللجان الثلاث باعتباره يحمل عصا سيدنا سليمان عليه السلام.
هذا نموذج يثير الشك ، لكنه ليس النموذج الوحيد، فالقضاء مثل أى هيئة فى مصر طالها الفساد أيضا، منه ما هو سياسى، أى تدخل حكومى سافر فى أعمال القضاء والتأثير عليه، ومنه ما هو فى التقاضى بإصدار أحكام بالمخالفة للقانون.
لكن فى نفس الوقت هناك أغلبية من القضاة الشرفاء، الذين رفضوا الفساد بكافة أنواعه وأشكاله، ولم يستجيبوا لضغوط السلطة، ومنهم من دفع ثمنا باهظا، فهناك نحو 500 قاضى أحيلوا للصلاحية، ونقلوا إلى وظائف مدنية بعيدا عن القضاء فى عهد وزير العدل السابق ممدوح مرعى كثير منهم شرفاء، خرجوا بوشايات، أو بضغوط أمنية أو سياسية، فيما يعرف داخل أوساط القضاء بمذبحة القضاة الثانية.
وحينما يرفع المتظاهرون والمعتصمون فى التحرير مطلب تطهير القضاء، فلا بد أن أكون معهم، وكل مواطن أيضا، فالقضاء هو الحصن الأخير الذى يلجأ إليه المواطنون لرفع الظلم أو للحصول على حقوقهم، لذلك يجب أن يعود ثوب القضاء ناصع البياض دون أية شائبة.
لكن هذا التطهير لا يجب أن ينبع أو يأتى بتوجيهات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولا من الحكومة، ففى سعينا لتطهير القضاء يجب أن نحافظ على استقلاليته بعيدا عن سلطات الدولة الأخرى، ومن حسن الحظ أن رئيس محكمة النقض المستشار حسام الغريانى واحد من رموز تيار استقلال القضاء، وسيمضى فى منصبه عاما، وهو بحكم رئاسته لمجلس القضاء الأعلى يملك صلاحية النظر فى رفع الظلم عن الكثير من القضاة فى عهد ممدوح مرعى، وعليه أيضا أن يسعى جيدا لاستعادة التفتيش القضائى ليكون تابعا لمجلس القضاء، وليس لوزارة العدل.
وحين يعود التفتيش إلى القضاء سيبدأ التطهير، وتنقية العدالة، وإعادة الثقة إلى قضاة مصر حتى يظل القضاء شامخا مستقلا، وحصنا منيعا للعدالة، وحاميا لحريات المواطنين ومصالحهم.
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed ahmed
مذبحة القضاه الثانية على يد ممدوح مرعى وزير العدل السابق وغنى عن التعريف
عدد الردود 0
بواسطة:
قانونى
لابد من رقابة القضاء
عدد الردود 0
بواسطة:
قانونى
لابد من رقابة القضاء
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر حبيب
سيرة وأنفتحت
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام الجزيرة
واحدة من ضمن مقالاتك الرائعة ..
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام الجزيرة
واحدة من ضمن مقالاتك الرائعة ..
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام الجزيرة
احتار دليلى مع اليوم السابع ..
عدد الردود 0
بواسطة:
انا احد القضاة الشرفاء ضحية من الضحايا الل 500
شكر ا شكرا على المقالة الرائعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
لعبه البنج بونج الجديده = يستدعوه - يؤجلوه - يعفوه - يرجعوه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
لعبه البنج بونج الجديده = يستدعوه - يؤجلوه - يعفوه - يرجعوه
بدون