عماد صبحى

سؤال افتراضى عن توقيت 25 يناير

الإثنين، 11 يوليو 2011 09:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سؤال افتراضى: ماذا لو تأخر موعد اندلاع الثورة المصرية عن25 يناير؟ بعبارة أخرى ماذا لوجاءت انتفاضة الشعب المصرى لاحقة لانتفاضات سوريا وليبيا واليمن؟
أحد أصدقائى من دولة عربية، كلما رأى على شاشة الفضائيات مشاهد قمع الشعوب العربية الثائرة فى سوريا وليبيا واليمن وأصابه الإحباط وتيقن أن قبضة القمع البوليسية لحكام تلك الدول أقوى من إرادة الثوار، وأن الثورات هناك تستعصى على النجاح - كان يقول لى على سبيل المزاح والفكاهة "احمدوا ربنا يا مصريين إن ثورتكم قامت بدرى بدرى، دى لو كانت اتأخرت شوية كان مبارك حيديكوا لامؤاخذة بـ ......".

ومقولة هذا الصديق العربى - التى كنت بالطبع أرد عليها رد المصرى المعتز بكرامته والذى لا يقبل التسلط أو الإهانة من أحد حتى لو كان الحاكم نفسه - تمثل وجهة نظر يقتنع بها البعض، ومفادها أن المخلوع لو ظل رئيسا ورأى ما يفعله الأسد والقذافى وصالح فى شعوبهم الثائرة ثم اندلعت الثورة المصرية، لسحق الثوار شر سحقة وأجهض الثورة المصرية ولما قامت لها قائمة، ولظل جاثما على صدور المصريين كرئيس حتى الآن، وحجة هؤلاء أن الديكتاتورالمخلوع كان سيتخذ من أصدقائه قدوة ومثل ، وسيهتدى بهديهم، وسيفعل كل شىء وأى شىء من أجل البقاء، على غرار ما يفعلونه فى شعوبهم الثائرة الآن ، وأن الطغاة على أشكالهم يتمسكون بالكرسى ويدمنون السلطة.

والحقيقة من وجهة نظرى المتواضعة أن الثورة المصرية - بصرف النظر عن توقيتها- كانت كالطوفان الهادر الذى يمتلك القوة والقدرة على الإطاحة بأى ديكتاتور طاغية، مهما بلغ حجم جبروته وتشبثه بالكرسى وظلمه لشعبه ومصادرة حرياته، ولم يكن فى إمكان أى حاكم قابض على السلطة - سواء كان مبارك أوالأسد أو القذافى أو صالح أو غيرهم - أن يقف فى وجهها، والمؤكد أن أساتذة التاريخ عندما يرصدون ظاهرة الثورة المصرية الطاهرة سوف يتأكدون أنها لم تكن قابلة لسيناريوهات النجاح أو الفشل، ذلك أنها لم تكن تقبل وفى كل الظروف والتوقيتات والأحوال إلا سيناريو واحدا، وهو النجاح وإسقاط الحاكم الفرعون ونظامه الفاسد مهما بلغ حجم جبروته ومهما كان اسمه.

بعض المضارين من انتهاء نظام الرئيس المخلوع يحاولون بين الحين والآخر إحداث نوع من الإسقاط والمقارنة بين ماحدث فى مصر، وما يحدث فى سوريا وليبيا واليمن، ويقولون بشكل غير مباشر إن مبارك لم يفعل كما يفعل الأسد والقذافى وصالح الآن .. وكأن اختزال الشعوب فى كلمة "القلة المندسة" ووصف الثائرين بـ"الجرذان" وقمع وقتل الثوار فى نظرهم هو الوضع الطبيعى، وأن علينا نحن المصريين أن نبوس إيد الرئيس المتنحى شعر ودقن .. صباحا ومساء ..على ما أنعم علينا به من نعمة أنه اكتفى فقط بقتل ألف شهيد من الثوار وجرح 4 أمثالهم فى 18 يوما فقط، ونسى هؤلاء أوتناسوا أن المخلوع قضى(18 يوما) (432 ساعة) (10368 دقيقة) بعد اندلاع الثورة متشبثا بالكرسى، حتى لو كان بقاؤه على حساب دماء الشعب، ونسوا أنه أعطى موافقة لسفاح الداخلية السابق على استخدام الرصاص الحى ضد المتظاهرين، وأنه حاول خداع الثوار بمسكنات وترقيعات تطيل أمد بقائه على الكرسى، متوهما أن الثورة لاتستهدفه ولم تقم ضده، الفرعون كان مستعدا لأن يضع بقاءه فى الكرسى فى كفة ، وأرواح الملايين من الشعب فى كفة أخرى، ولم يتنح إلا بعد أن استوعب أن الموقف وصل الى نقطة اللاعودة ، وشعر أن طوفان الثورة الهادرسوف يمتد إلى مقر إقامته ، وأن الثوار سوف يتحركون إلى قصره فى مصر الجديدة ، وأن حياته أصبحت بالفعل فى خطر ، فهرب إلى منتجعه المفضل فى شرم الشيخ.

الحقيقة أيضا أن أحد أوجه عبقرية الثورة المصرية تكمن فى توقيتها، ذلك أنها وإن استلهمت من الثورة التونسية الكثير، لكنها كانت ستحدث من دونها، لأن الفساد كان قد وصل للركب، وبات المصريون مقتنعين بأن مبارك أسوأ وأفسد من تولى حكم مصر على مر تاريخها، وصار صمتهم بركانا وصل إلى مرحلة الانفجار.

لقد فتح توقيت ثورة 25 يناير الباب على مصراعيه لانتفاضات الشعوب العربية، وأعطاها الأمل فى إمكانية تحقيق ماكانت تعتقد أنه المستحيل وهو الإطاحة بحكامهم الطغاة ، والعيش بكرامة وتحقيق مبادىء الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

ما لا يعرفه الكثيرون أن زخم الثورة المصرية وقوتها وطوفانها الجارف كان كفيلا بأن يطيح بأى ديكتاتور مهما بلغ حجم طغيانه، بالطبع الثورات العربية فى سوريا وليبيا واليمن لها من الزخم الكثير، وكنت أتمنى أن يتم استنساخ ثورة 25 يناير المصرية فى كل الدول العربية وتنعم الشعوب برحيق الحرية، ولكن أحداث التاريخ لا تتكرر ولا تتشابه بنفس التفاصيل، ولكل ثورة ملابساتها وظروفها.

المؤكد أيضا أن أشقاءنا فى سوريا وليبيا واليمن سوف ينجحون فى إزاحة أولئك الجاثمين على صدور شعوبهم والحاكمين لهم بالحديد والنار كالثورة المصرية مهما بلغت آلة القمع ومهما طال الأمد.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة