بدأت أحداث التحرير وانتهت، ووقعت مصادمات انتهت إلى مئات الجرحى من المتظاهرين، وعشرات من الشرطة، ولم يعرف أحد، لماذا وقعت المصادمات.. ولماذا توقفت؟. وبالرغم من كل الكلام والجدل الذى سال طوال الليل فى الفضائيات و«التوكشوهات» لايزال الكثير من المواطنين حائرين لا يعرفون أسباب المعركة التى وقعت، وشهدت إطلاق القنابل من الأمن، والحجارة من المتظاهرين، استمعنا إلى عدد من ممثلى الاعتصام، وبعض رجال الداخلية، وكلهم تحدثوا عما حدث ولم يقدموا تفسيرا لما حدث ولا لماذا!.
كل ما ذكره الطرفان أن هناك شائعة حول الاعتداء على أهالى الشهداء، لم تتأكد، ولم يذكر الأمن الأسباب التى دفعته إلى أن يحشد قواته فى التحرير لمواجهة المتظاهرين. ولا لماذا دخلت موتوسيكلات الغموض إلى الميدان، ومن كان وراء مد الميدان بحمولات من الحجارة كذخيرة للمعركة. النتيجة حتى الآن أن كلا الطرفين الأمن والمتظاهرين خاض معركة بلا سبب، غير محاولة إثبات الوجود على أرض التحرير. كان أحد زعماء المشهد يتحدث عن «أرض المعركة والكر والفر، وكيف كان يحارب ويخوض معركته»، ويبدو وهو يتحدث أنه كان يواجه أعداء يهددون أمن البلاد، وهى نفس الصيغة التى كانت الشرطة تطرحها.
حيث بدا أن هناك قيادات بالداخلية تريد استمرار هذه الحرب الأهلية التى ليست من مهام الداخلية.
وفى زحام التحاليل كانت ترد سيرة أهالى الشهداء ومطالبهم، دون أن تمثل القضية الأساسية التى يفترض أن تفرض نفسها. كما أن تركيز الصراع مع الأمن يتجاهل أن الداخلية جزء من الحكومة، التى تعتبر سياستها جزءا من الأزمة، وأن طول المدة وقلة الناتج تضاعف الإحباط وتدفع لمزيد من الصدام.
الخلاصة أن هناك أطرافا تستفيد من الحرب بين الأمن والمتظاهرين، وأطرافا تستفيد من إغلاق ميدان التحرير وعودة الخيام إلى الميدان وربما إغلاقه. والمؤكد أنه ليس فى صالح البلد ولا الثورة، وغابت فكرة مليونية 8 يوليو، والاستعداد لها، وكيف يمكن أن ننقل الجدل إلى المستقبل بدلا من الوقوف عند الماضى، أو الاشتباك فى معارك جانبية وهمية تستنفد القوى دون أن يكون لها مردود.
لم يسأل أى من المتحدثين نفسه، لماذا تحول التظاهر والميدان إلى غاية بدلا من أن يكون وسيلة للتغيير؟!. ولم يشعر أى من كبار المتحدثين أن التغيير مسألة صعبة، وتحتاج إلى عمل جماعى واسع، يكون الشعب طرفا فيه. لكن انتقلنا من جدل الدستور والانتخابات إلى جدل الشرطة والمتظاهرين وكأننا ننزل درجة.
ولم يبد الأمن منشغلا بسد الثغرات الأمنية التى ما زالت تمثل مشكلة، قضايا الجريمة والمرور والسرقة. بمعنى أوسع قضايا الأمن.
قصة نموذجية للعبث المطلق، ولعبة يستمتع كل طرف بدوره فيها، مع انها لعبة كلها تدور خارج الملعب السياسى والثورى، والمنتصر فيها مهزوم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال المتولى جمعة
فلول النظام الفاسد
عدد الردود 0
بواسطة:
manal mani
merc
شكرا لكم