مجدى أحمد على

عن العند..

الأربعاء، 08 يونيو 2011 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الذى يورث الكفر، والذى كان الرئيس المخلوع يفخر بحصوله على شهادة الدكتوراة فى أصوله.. العند الذى أوصله إلى مشارف الإعدام على أيدى الشعب الذى اعتبره خصما لا يستحق مجرد الإنصات إلى صوته المطالب بإنهاء «الاستهبال» ووقف مهزلة التوريث والفساد والديكتاتورية.. العند الذى منحه الثقة الخائبة وهو يقول متعاجبًا مختالاً بقوته الباطشة: «خلّيهم يتسلوا».. العند الذى يحرق الآن بلدانًا شقيقة كاليمن وسوريا والمغرب، تطبيقا لسياسة الأرض الخراب التى ابتدعها كل من التصق بكرسى الحكم فى أوطاننا المغدورة.. هل يستمر العند حتى الآن فى مصر الثورة؟ هل يحس الشعب الآن بأن ثورته تضيع أمام عينيه بعد آلاف الشهداء والمصابين؟ هل يشعر الناس بأن صفقات تُبرم.. وأن سيناريوهات تُعد.. وأن قوى التخلف المتربصة بهم قد «ضمنت» هذه الصفقة، وأنها تستميت من أجل إتمامها على خير ما يرام؟

لا أميل إلى حديث المؤامرات والصفقات الهادفة إلى خضوع الشعوب، وأثق تمامًا فى قدرة الناس على كشف الزيف والانطلاق بحلمها إلى آفاق جديدة فى كل دولة حديثة تنتمى لهذا العالم، لا إلى القرون الوسطى التى تجترها بحثًا عن وهم مثالى يستند إلى احتكار الحقيقة واستبعاد الأخرى جميعًا، ولكن المتأمل لما يجرى يريد إجابات قاطعة عن أسئلة مشروعة ترددها كل القوى السياسية بشكل دؤوب ومستمر، ولا تجد من الحكام إلا الالتفاف فى الإجابة أو الالتفات عن جوهر الأسئلة التى أصبحت تثير غضبهم يومًا بعد يوم بشكل أفقدهم القدرة على التعامل الهادئ والمستنير الكفيل بإنقاذ الوطن من كارثة قادمة لا محالة إذا استمر العناد وتجاهل مطالب «أهل الحل والعقد» وصناع الثورة الحقيقيين.. السؤال الأول: ما معنى أن يكون المسؤول عن تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد، مجلسا شعب وشورى (لا يريدهما أحد) فى أعقاب حملة انتخابية هى الأولى من نوعها بعد تزوير استمر ستين عاما؟.. مجالس نيابية ليس هناك ضمان (حتى فى ظل النزاهة التصويتية) أن تأتى بممثلين حقيقيين، يمتازون بالتنوع الثقافى والاجتماعى والاقتصادى.. فالمعركة الانتخابية هى عنصر أخير فى عملية ديمقراطية طويلة ومعقدة تشمل إقامة مؤسسات ديمقراطية مستقرة والتدريب على سلوك يحث على احترام الآخر وليست مجرد صناديق انتخابات تأتى «بالأشطر» فى إدارة العملية، وليس بالضرورة الأفضل (ودليلنا الواضح كالشمس هو وصول هتلر إلى قمة السلطة عبر انتخابات صحيحة)، وهنا نسأل القوة التى أصبحت الآن فجأة من دعاة الديمقراطية «الكافرة» باعتبارها حكم الشعب لنفسه بنفسه: ماذا لو فاز الشيوعيون بالانتخابات القادمة؟ هل يتحمل فهمهم للديمقراطية أن يقوم أعضاء هذا البرلمان بتشكيل لجنة تلغى المادة الثانية المقدسة لديهم وتهيئ البلد (عبر الدستور المزعوم) إلى حكم شيوعى؟ أليس الدستور فوق كل الأغلبيات والصراعات الانتخابية بكل ما تحفل به من قبليات وأموال ونفوذ واستغلال لمشاعر البسطاء لقيادتهم نحو مستقبل مظلم؟
السؤال الثانى: هل احترام الديمقراطية يعنى التسليم بكل ما صاحب «الاستفتاء» من «كوارث» ديمقراطية تُفقد إجراءه أى أساس قانونى أو أخلاقى وهى:
١ـ التشحيع الخفى من السلطة إلى التصويت بـ«نعم»، ووضع خريطة طريق لهذا الخيار، وعدم وضع خارطة أخرى لخيار «لا» بحيث يبدو كأنه تصويت للمجهول.
٢ـ تجاهل استخدام الدين بشكل فج لتمرير الخيار المرغوب فيه.
٣ـ إصدار مرسوم بدستور آخر مؤقت دون أن يكون هذا مطروحا على الناس فى الاستفتاء، بل ودون استشارة أحد (اللهم إلا القوى المعروفة لنا جميعا الآن).
٤ـ التعتيم المقصود حول الجدول الزمنى لعودة الاستقرار لهذا الوطن.. هل يستقيم بعد وضع الدستور أن يظل مجلس الشعب قائما على أساس دستور استفتى الناس على غيره؟ وهل ينتخب رئيس للجمهورية فى ظل هذا الدستور أم الدستور القديم؟ وإذا كانت الإجابة هى الخيار الأول، فكيف يكون رئيس الجمهورية منتخبا على أساس دستور ومجلس الشعب على أساس دستور آخر؟ ما هذه الفوضى؟ وما المقصود منها سوى أن ما يحدث لا يهدف له إلا تسليم البلد لقوى الظلام كى تصنع دستورا على مزاجها ثم يحدث ما يحدث حتى لو كان الثمن إعادة الانتخابات مرة أخرى ومزيد من أجواء عدم الاستقرار وهدر المال العام والخاص والعودة بالوطن إلى المربع الأول؟ ويا حكامنا الأفاضل اتركوا العند وتأملوا أصوات الحكمة التى تأتيكم من كل مكان! لا تصمّوا آذانكم فصوت الشعب لا يمكن إلا أن يسمع، وإرادة الشعب لا يمكن إلا أن تطاع.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة