لا شك أن إسرائيل لا يروقها بأى حال من الأحوال ما حققه الشعب المصرى من ثورة على النظام البائد والإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك الذى اعتبر حليفها الرئيسى فى المنطقة، وهو الأمر الذى خلق حالة من القلق لدى إسرائيل من الثورات العربية، وخاصة بعد انتقال رياح التغيير من تونس إلى مصر ثم إلى باقى الدول العربية.
فلقد كان الرئيس السابق هو بمثابة الدرع الواقى لإسرائيل، ولهذا فإن رحيله زاد المخاوف الإسرائيلية حول صعود التيار الإسلامى إلى سدة الحكم فى مصر، وهو أمر سيغير من معادلة الصراع العربى الإسرائيلى جملة وتفصيلاً، بل سيخلق واقعا مغايراً للواقع الذى أرسى بعد توقيع الرئيس السادات معاهدة السلام مع إسرائيل، وهو أمر تخشاه إسرائيل، ولهذا خرجت تصريحات وسائل الإعلام الإسرائيلية تؤكد أن ثورة الخامس والعشرين من يناير هى بمثابة كارثه لإسرائيل، كما نشر أحد المواقع الإسرائيلية تصريحات تؤكد أنه بسقوط مبارك سقطت إحدى قلاع الدول العربية الحليفة لها فى الشرق الاوسط... وأن الإرهاب الإسلامى فى طريقه للاستيلاء على الحكم فى مصر، مدعيا أن التيار الإسلامى يسوده الغلو والتشدد وسيسيطر على العالم ويفنى إسرائيل ويمحوها من على الأرض وهو الأمر الذى يلزم معه إجراء تغييرات فى الجيش الإسرائيلى.
ومما زاد من مخاوف الكيان الصهيونى ما أقدمت عليه مصر عقب ثورة الخامس والعشرين بقيادة راية المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس وتوقيع هذه المصالحة فى القاهرة، لتعبر عن أن الدور الإقليمى المصرى فى الشأن العربى قادماً لا محالة وأن الفترة السابقة صفحة طويت من ملف السياسة الخارجية المصرية، بل زادت هواجس إسرائيل أكثر بعد فتح مصر لمعبر رفح بين مصر وغزة، لهذا خرجت العديد من التصريحات الإسرائيلية التى تعبر عن قلقها من الوضع الجديد، فقد أكد وزير الدفاع المدنى الإسرائيلى ماتان فيلناى للإذاعة الإسرائيلية العامة أن هذا القرار اتخذ فى سياق المصالحة بين فتح وحماس مما سيخلق وضعا إشكاليا للغاية، وكذا تصريحات سيلفان شالوم، نائب رئيس الوزراء الاسرائيلى، والتى قال فيها أنه بدون سيطرة محكمة وفعالة سيسمح معبر رفح بتجارة الأسلحة ودخول إرهابيى القاعدة وإيران إلى قطاع غزة، وكذلك تصريحات المحلل السياسى الإسرائيلى روعى نحمياس فى حوار لدوتيشه فيلد والذى قال فيه "إن اسرائيل تتابع بقلق التقارب بين مصر وحركة حماس الذى ظهر مؤخرا وذلك منذ الإعلان عن اتفاق المصالحة الفلسطينيه".
الأمر الأكثر خطورة بالنسبة للقيادة الإسرائيلية هو التخوف من إقدام مصر على إلغاء معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وهو أمر سيدخل مصر من جديد فى جدلية الصراع العربى الإسرائيلى كأحد الأطراف التى يحسب لها وزنها سواء على المستوى السياسى أو العسكرى.
ومن هنا يبقى السؤال هل ستحمل الأيام المقبلة تغييراً فى العلاقات المصرية الإسرائيلية وخاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وقيام مصر من جديد بقيادة المصالحة الفلسطينية، هذا فى الوقت الذى تخشى إسرائيل من رياح التغيير المفاجئ فى مصر، فلقد أصابت الثورة المصرية أجهزة المخابرات والمراكز البحثية فى الكيان الصهيونى بصدمة كبيرة من هول المفاجأة، فيما وصفه الكثير من المراقبين والمحللين ووسائل الإعلام بالفشل المخابراتى الإسرائيلى فى توقع الثوره الشبابية فى مصر، خاصة وأن انعكاسات تلك الثورة لن تكون على إسرائيل فحسب بل على منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع.
أسامة عبد الرازق يكتب: رياح التغيير وخوف اسرائيل
الأربعاء، 08 يونيو 2011 02:34 م
نتانياهو
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة