أكدت منظمة هيومان رايتس ووتش، أن ازدياد الهجمات التى تقودها الحكومة السودانية على المناطق المأهولة فى دارفور والقصف الجوى تسببا فى مقتل عشرات المدنيين وتدمير المناطق المستهدفة ونزوح ما يزيد على 70 ألف شخص، غالبيتهم من المناطق التى يقطنها الزغاوة والفور، الذين تعتقد الحكومة أنهم يرتبطون بالمجموعات المتمردة.
وجاء فى تقرير نشرته "هيومان رايتس ووتش" أمس أن إقليم دارفور شهد المزيد من الانتهاكات الخطيرة خلال فترة الشهور الستة السابقة، فيما تركّز اهتمام المجتمع الدولى على الاستقلال المرتقب لجنوب السودان.
وقالت المنظمة إن كل من مجلس الأمن، المقرر أن يتلقى غدا الأربعاء، تقريراً حول الوضع فى دارفور، والاتحاد الأفريقي، عليهما أن يتخذا المزيد من الخطوات لضمان محاسبة المسئولين عن جرائم الحرب المستمرة فى دارفور والضغط أيضاً، على السودان بغرض حمله على وقف الهجمات على المدنيين فى دارفور ووقف الاعتقال التعسفى بحق الناشطين وإصلاح جهاز الأمن والاستخبارات الوطني.
ويوثّق التقرير الذى جاء بعنوان "دارفور: غياب الاهتمام الدولي.. هجمات الحكومة السودانية المستمرة على المدنيين وحقوق الإنسان"، تفاقم النزاع، المستمر على مدى السنوات الثمانى السابقة، خلال الشهور الست الماضية.
وذكر تقرير هيومن رايتس ووتش إن "إطلاع مجلس الأمن غدا على الجرائم الدولية فى دارفور، بواسطة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، سيمنح الحكومات فرصة مهمة للضغط على السودان كى يتعاون مع المحكمة الدولية. إذ لم يمثل أمام العدالة حتى الآن أى من الذين اتهمتهم المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم فى دارفور، بمن فى ذلك الرئيس عمر البشير".
ويرتكز تقرير هيومن رايتس ووتش على نتائج بحوث اُجريت خلال الفترة من يناير حتى مايو 2011 فى كل من شمال وجنوب دارفور والخرطوم. وأجرى باحثو هيومان رايتس ووتش خلال هذه الفترة لقاءات مع ما يزيد على 50 من شهود العيان وضحايا الهجمات وانتهاكات حقوق الإنسان فى دارفور، فضلاً على لقاءات مع مسئولين حكوميين ومحامين وأعضاء فى منظمات المجتمع المدنى فى المدن والقرى ومعسكرات النازحين.
وفى واحدة من الحالات التى وثّقتها هيومان رايتس ووتش ضِمن هجمات الحكومة على منطقة شنقلى طوباية فى 21 ديسمبر الماضي، حاصرت مجموعة من 20 جندياً حكومياً منزل زعيم محلى ونهبته. وطلب الجنود من الزعيم المحلى معرفة اسم قبيلته، وهدّدت بـ"قتل كل الزغاوة واغتصاب جميع نسائهم". سرقت مجموعة الجنود معدات زراعية يملكها هذا الزعيم المحلى واختطفت قريب له، يبلغ من العمر 22 عاماً، واتهمته بالانتماء لمجموعة "جيش تحرير السودان" المتمردة.
وتوصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن انتهاكات الحكومة لحقوق الإنسان ازدادت أيضاً. ففى 6 مايو الماضى اعتقل مسئولو جهاز الأمن والاستخبارات الوطنى الناشطة الاجتماعية حواء عبد الله من معسكر أبو شوك للنازحين فى الفاشر، واعتقلت أيضاً موظفاً يعمل فى بعثة حفظ السلام المشتركة للأمم المتحدة/الاتحاد الأفريقى فى دارفور (يوناميد). وفى 8 مايو الماضى نشرت وسائل إعلام حكومية مقالات اتهمت فيها حواء عبد الله بـ"تنصير" الأطفال فى معسكرات النازحين، واتهمتها أيضاً بالارتباط بجماعة متمردة - وهى جريمة يُعاقَب عليها بالإعدام فى القانون السوداني. كما نُشرت مع المقالات صورة لحواء عبد الله وهى تمسك بنسخة من الإنجيل وقد بدت عليها علامات إنهاك واضحة وكدمات على وجهها.
ومن جهته قال دانيال بيكيل، مدير قسم أفريقيا فى هيومن رايتس ووتش: "دارفور تصدّرت الأنباء فى السابق لكنها تواجه فى الوقت الراهن خطر النسيان. ثمة حاجة الآن، أكثر من أى وقت مضى، لممارسة ضغوط دولية على السودان لإنهاء الانتهاكات المستمرة التى ترتكبها الحكومة فى دارفور وضمان عدم إفلات مرتكبى جرائم الحرب من المحاكمة، فى وقت لم يتبق فيه سوى أقل من شهر فقط على انقسام السودان إلى دولتين".
وتابع بيكيل: "إن أنماط انتهاكات واضحة، تعتمد فى الغالب على الخلفية العرقية، قد صاحبت تجدد القتال فى دارفور"، وأضاف قائلا: "فشل الحكومة المستمر على مدى فترة طويلة فى محاسبة مرتكبى هذه الانتهاكات أدى فيما يبدو إلى تأجيج الانتهاكات".
وكان القتل فى دارفور قد تجدّد فى 10 ديسمبر الماضى إثر هجمات شنّتها قوات الحكومة على خور أبشى وجنوبى دارفور وشنقلى طوباية وشمال دارفور، عقب تدهور العلاقات بين الحكومة وأركو منى مناوي، القائد الرئيسى الوحيد فى "جيش تحرير السودان" الذى وقّع على "اتفاق سلام دارفور" عام 2006.
ووقعت هجمات على المدنيين فى شمال وجنوب دارفور، فضلا عن مناطق فى شرق جبل مَرّة، حيث أسفر القتال المستمر منذ مطلع عام 2010 عن نزوح عشرات الآلاف من المدنيين باتجاه الجبال، فخلال منتصف شهر مايو فقط أسفرت الغارات الجوية للقوات الحكومية على مناطق فى شمال وجنوب دارفور عن مقتل ما يزيد على 20 مدنياً.
"هيومان رايتس" تطالب مجلس الأمن بمحاكمة مرتكبى جرائم "دارفور"
الثلاثاء، 07 يونيو 2011 05:36 م