ما أن وصل الرئيس اليمنى على عبد الله صالح الأراضى السعودية أمس بعد إصابته فى قصف القصر الرئاسى منذ يومين حتى أعاد للأذهان اليوم الذى أعلن فيه هروب الرئيس التونسى زين العابدين بن على ولم يجد أيضا بابا مفتوحا ومرحبا به سوى السعودية، حتى تتحول تلك الدولة الكبرى إلى ملجأ للرؤساء العرب الهاربين من مطاردة الشعوب الثائرة ضدهم.
ورغم أن الديوان الملكى السعودى أعلن أن الرئيس اليمنى على عبد الله صالح وصل إلى السعودية للعلاج من الجروح التى أصابته إلا أنه اصطحب معه وفدا مرافقا يضم كثيرين من أقاربه وهو ما يؤكد أن دعوة السعودية له لم تكن فقط لتلقى العلاج وإنما العرض تجاوز ذلك لحد القبول به كلاجئ سياسى، وهو ما اعتبره الثوار اليمنيون هروبا بعد مواجهات دامت لثلاثة أشهر بين صالح والثوار، ليكتسب لقب الرئيس المخلوع.
وما أشبه اليوم بالبارحة عندما انشق الجيش التونسى عن الرئيس فى أول ثورة شعبية ضد الحكم الديكتاتورى فى المنطقة العربية ولم يجد زين العابدين سوى السعودية يلجأ إليها بعد أن تخلى عنه كل حلفائه ورفضت المطارات الدولية المختلفة استقبال الطائرة التى حملته وخرجت من تونس دون أن تعلم أى وجهة تقصدها، حتى جاءت الرياض لنجدته والقبول به غير آبهة بموقف الشعب التونسى من استضافتها حاكما أذل شعبه.
وإن كان صالح هو ثانى رئيس عربى تستضيفه السعودية بعد ثورة الشعب ضده، إلا أنها عرضت سابقا على الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك استضافته وقت أن كان حكمه يتهاوى أمام إرادة الثوار فى ميدان التحرير، ورفض مبارك دعوة السعودية وتمسك بالبقاء فى أرض مصر، ثم عادت وجددت عرضها بعد أن تنحى لتلقى العلاج على أرضها ولكنه جدد رفضه للعرض.
الغريب فى الأمر ليس لجوء الرؤساء المخلوعين للسعودية وإنما الدور الذى تلعبه باستمرارها فى دعم رموز النظم الديكتاتورية فى العالم العربى ورفضها إهانة أى منهم وبحثها دوما عن خروج وملجأ آمن لهم، ولكن الملاحظ أن الرؤساء الثلاثة كانوا فى الماضى القريب حلفاء أستراتيجيين للسعودية وحلفاء مشتركين للولايات المتحدة ومنفذين لأجندتها تجاه قضايا المنطقة، فى حين وقفت السعودية موقفا عنيفا تجاه الرئيس الليبى معمر القذافى الذى مازال يصارع ثورة شعبه ضده ودعمت بقوه تدخل قوات حلف الناتو فى الأراضى الليبية ودفعت المجتمع الدولى باتجاه قرار فرض الحظر الجوى، وذلك نتيجة للخلافات الدائمة التى كانت بين المملكة والقذافى وحتى لم ولن تفكر فى أن تستضيفه.
وأيا كان السبب وراء دعم السعودية للرؤساء المخلوعين فإن المملكة بعد أن كانت ذات مكانة استراتيجية فى المنطقة يعتقد الخبراء أنها ستفقد فى المستقبل بعضا من هذا الدور، خاصة بعد قيام دول ديمقراطية فى مصر وتونس واليمن، وربما سوريا ربما لا يعجبها استمرار السعودية فى نهج دعم الديكتاتوريات.
