لا يمر يوم دون سقوط قتلى من المدنيين السوريين، وبين القتلى أطفال وصبية صغار، ولا تتورع أجهزة القمع فى سوريا عن تعذيب أطفال، وقد لا تكون حالة الطفل «حمزة الخطيب» استثنائية لنتذكر أن بداية المظاهرات فى سوريا كانت بسبب قيام أجهزة الأمن فى مدينة «درعا» بإلقاء القبض على مجموعة من الصبية كتبوا على الحوائط عبارات مطالبة بالحرية، هل كان هؤلاء الأطفال يعنون ما كتبوه بالفعل، أم أنه الانفعال بزخم ما جرى فى مصر وتونس من ثورة والإطاحة بنظام مستبد.
ما يجرى فى سوريا يسقط الأقنعة عن الكثيرين، بدءا من نظام بشار الأسد الذى تحدث كثيرا عن الإصلاح وعن الممانعة، وفى الممارسة العملية كان الأكثر استبدادا وتسلطا، وكان ممانعا للحرية وللديمقراطية، لقد تحدث أحد أركان نظام بشار الأسد وابن خاله رامى مخلوف عن أن استقرار إسرائيل من استقرار سوريا، وعرض بشار الآن على إسرائيل التفاوض من أجل السلام، وخرجت الأصوات من إسرائيل تعلن الخوف على بشار الذى ضمن لهم جبهة آمنة، لقد هاجمت إسرائيل أجزاء من سوريا أكثر من مرة، وفى إحدى المرات حلق الطيران الإسرائيلى فوق قصر بشار وكان الرد الرسمى من جانب بشار أن سوريا تحتفظ لنفسها بحق الرد فى الوقت المناسب، ولم يأت الوقت، ونحن لا نريد ولا نحب للجيش السورى أن يدخل فى أى مواجهة مع إسرائيل دون أن يكون جاهزا ومستعدا، لكن من العار أن تتحرك بعض قوات الجيش السورى ضد المواطنين السوريين، وما قام به نظام سوريا من تحريك الجيش ضد الشعب جريمة وطنية كاملة، فضلا عن أنها جريمة إنسانية وأخلاقية.
الشعب السورى عروبى بالفطرة وبالتاريخ، فأول دولة عربية كبرى عرفها التاريخ كانت فى دمشق، أقصد الدولة الأموية، والشعب السورى كان حاضرا بوعيه وبمساندته فى كل القضايا العربية، لنتذكر ما جرى أثناء العدوان الثلاثى على مصر من مساندة حقيقية، فضلا عما قام به الضباط السوريون وفى أيام الثورة المصرية الأخيرة كان السوريون يتابعون ميدان التحرير، ويبدون المساندة المعنوية، وصدرت بيانات من مثقفين سوريين تناصر الثورة المصرية، لكن الإخوة فى سوريا الآن لا يجدون من يساندهم، ونحن كمصريين علينا أن نقوم بهذا الدور.. بمظاهرات رمزية تضامنية وبيانات مساندة، فهذا الشعب العظيم يواجه محنة ويدفع فواتير سياسية عديدة، وإسرائيل ومعها الولايات المتحدة تريدان نظاما فى سوريا لا يزعج إسرائيل، وليس أفضل لهم من نظام يقوم على الاستبداد والفساد، وإيران تدافع علنا عن نظام بشار، والسيد حسن نصر الله يهدد ويلوح مساندا النظام السورى، ونحن أيها السادة صامتون، نحن المواطنين الأحرار هل نترك طاغية ومشهدا ليتكرر ما وقع فى بغداد أو ما يقع فى ليبيا؟
الواضح أمامنا أن النظام السورى ممثلا فى بشار الأسد مصمم على القمع والاستبداد، وهو لا يمكنه أن يصبح ديمقراطيا، وكيف يكون ذلك وهو «الوريث» للمنصب عن والد مستبد، والشعب السورى يصر على حقه فى الحرية، وقد احتمل طويلا، وبهذا المعنى لن تتوقف آلة القمع والقتل فى شوارع المدن والقرى السورية، وعلى المدى البعيد فإن هذا قد يدفع قوى أجنبية للتدخل فى سوريا أو أن تستمر المذابح، ولذا فإن المساندة الأهلية والمدنية المصرية واجبة، لأن المساندة المصرية سوف تفتح الباب أمام مساندة عربية واسعة، مما يعطى الثقة للأحرار السوريين ويضعف قدرة القمع لدى النظام، لقد أفلح النظام حتى الآن أن يفرض ستارا حديديا على ما يجرى داخل سوريا، فلا يسمح للإعلام أن ينقل ما يجرى، فضلا عن ممارسة إرهاب حقيقى تجاه الإعلاميين السوريين الذين يعملون فى قنوات تحاول كشف ما يجرى هناك، مثل قناتى العربية والجزيرة، ولذا لا نعرف حجم الدمار هناك ولا أعداد القتلى والجرحى، فضلا عمن يتم اعتقالهم، وهذا يؤكد أن المساندة للشعب السورى واجب علينا تجاه أشقاء لنا يعانون، وأكاد أقول يبادون من نظام لا يمكنه إلا أن يكون مستبدا وقمعيا وفاسدا.
لقد وجد النظام السورى من يسانده ويدافع عنه، ولم يجد الشعب السورى من يسانده.. فهل نفعلها نحن؟