يضم عدد شهر يوليو من مجلة الدوحة الثقافية؛ ملفًا خاصًا بعنوان: "الكرسى ومن حمل"، يشارك فيه 30 كاتبًا عربيًا بمقالات حول الكرسى وشهادات حول كراسيهم الخاصة، وتقرأ الكاتبة القطرية بشرى ناصر تجليات الكرسى والعرش فى النصوص المقدسة، ويكتب صبرى حافظ عن كرسى البابا "ظل الله"، ويقارن النجم السينمائى خالد النبوى بين الكرسى والمنبر متناولاً ثقافة السمع والطاعة، ويكتب الشاعر عبد المنعم رمضان تمارين جلوس الديكتاتور على الكرسى، ويقرأ الاستشارى النفسى خليل فاضل سيكوباتية الزعماء الهاربين من المصحات النفسية إلى كراسى الحكم، كما تكتب ديمة الشكر "مزاج الجسد" مع الكراسى المختلفة من كرسى الحكم إلى كرسى التعذيب، أما حزامة حبايب فتقرأ لؤم كرسى التحقيق والمشاعر اللطيفة التى تنتاب من يتعرض لهذه التجربة.
بين شهادات العدد نقرأ للروائى إبراهيم أصلان عن كرسيه الهزاز الذى أجبره ضيق المكان على الاستقامة تحت الإقامة الجبرية، أما الروائية هدى بركات فتكتب عن الكرسى البرتقالى وثقل الذكريات، ويكتب إبراهيم نصر الله عن أول وهم بالحب تلقاه على كرسى السينما.
الشاعر أمجد ناصر، يأسف لحال الكرسى الذى يعرف الناس من مؤخراتهم، وإن كان ذلك ليس سيئًا دائمًا، ويعتقد أن للكراسى أرواحًا وعلينا أن نستأذنها قبل الجلوس. يكتب أمجد قصيدتى نثر مع شذرات شعرية عن الكرسى.
ويبدأ الروائى الطاهر بن جالون الكتابة للمجلة بمقال عن أصحاب المقام العالى العرب ومصائرهم البائسة، بينما يكتب خوان غويتسولو عن الماضى العربى المغدور فى الأندلس. وعن أماكن كتابتها وعيشها تكتب الروائية علوية صبح عن وحشة البيت وألفة المقهى.
ويضم باب السينما ملفًا خاصًا عن فيلم "الفاجومى" الذى يتناول سيرة الشاعر أحمد فؤاد نجم، بما أثاره الفيلم من ضجة حيث رآه البعض سيرة جنسية لا لسياسية لمناضل. يضم العدد قراءتين فى الفيلم لعصام زكريا وفيروز كراوية، وحوارا مع نجم أجراه سامى كمال الدين ومقالا للكاتبة صافى ناز كاظم تصحح فيه وقائع حياتها مع نجم، بينما يتناول بدر الرفاعى ظاهرة نجم والشيخ إمام.
ويتضمن العدد تحقيقًا من مختلف العواصم العربية حول قراءات الأدباء فى الصيف، بالإضافة إلى الأبواب والمقالات المعتادة.
مقدمة ملف الكرسى:
الكرسى
ومن حمل
لا يختلف الكرسى عن حامله؛ كلاهما من أصل واحد، كلاهما يهرم ويموت ويعود إلى أمنا الأرض. لكن الكرسى يختلف عن حامله؛ فهو أكثر نبلاً، لا يغتاب كراس أخرى أو يشى بها، ولا يفسد من تلقاء ذاته بسبب شر متأصل فى نفسه، ولا يرفض وظيفة تسند إليه. لن يرفض كرسى الألم فى عيادة الأسنان أن يصبح مأوى ليلى لقطة سعيدة، أو يتحول سريرًا لطبيب قرر أن يخون قسم أبو قراط، ولن يرفض كرسى الشاطئ القابل للطى أن يعمل سريرًا للحكم فى قصر حاكم متواضع يراعى فقر دولته، ولن يرفض كرسى الحكم الفخم أن يحتضن قصة حب حقيقية، بين ملك ورعية.
"مثلما تكونوا يول عليكم" الكرسى برىء وكيفما يكون حملة الكرسى يكون المحمول. يدب الفساد فيمن يرفعون الكرسى ليضرب المرفوع، وعندما يصبح لدى الجالس فوق الكرسى القدر الكافى من الشر لا يعود بحاجة إلى شر من خارجه؛ بل ينتج شره الذاتى، ويصبح على حملة الكرسى أن يتطهروا بالانتفاض وأن ينزلوا حملهم بدفع ضريبة الدم.
الأكثر مخاتلة بين من جلسوا على كراسى الحكم فى زماننا العربى السعيد هو العقيد القذافى؛ الذى ادعى أنه بلا كرسي، وشغل جميع الكراسى.
أغلب الكراسى راضية عن حياتها، لأنها تقدم عن طيب خاطر الراحة لجسد منهك، وترفعه قليلاً عن الأرض؛ فى البيت، فى الحديقة، على محطة قطار، على شاطئ بحر أو أمام بركة سباحة، وبعض الكراسى يسوء حظها فتقع بين حامل ومحمول. كراسى السلطة فى أى موقع كانت ليست أقل نبلاً من كراسى الحدائق العامة، لكن حملة هذه الكراسى ومحموليها هم الذين يسيئون إلى براءة الخشب.
الكراسى تتفوق على حامليها والمحمولين فوقها بالذكريات السعيدة؛ ففى أوقات فراغها تحن الكراسى إلى الشجر، بينما يحن البشر إلى التراب!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة