كل قاعدة قانونية تصدر مهما يكن أمرها تنشئ حولها مصالح للمستفيدين منها، وهؤلاء المستفيدون يتولون الدفاع عنها، ويقولون إن تغييرها أو إلغاءها يعد ضربا لمصالحهم.
وعلى هذا وعند الاستفتاء على تعديل بعض مواد دستور 1971 فى 19 مارس الماضى طافت الجماعات الإسلامية على الجماهير تدعوهم لقول «نعم» لصالح الإسلام. فلما جاءت نتيجة الاستفتاء بـ«نعم» اعتبرتا تلك الجماعات نصرا مؤزرا.
وعندما أدركت سائر القوى السياسية أن الجماعات الإسلامية لابد أنها ستفوز بأغلبية مقاعد مجلسى الشعب والشورى فى الانتخابات المقرر إجراؤها فى سبتمبر القادم، وأنهم بهذا سوف يسيطرون على السلطة الشريعية، أدركوا الخطر على المصير فدعوا إلى تأجيل الانتخابات لحين وضع دستور جديد بمعرفة جمعية تأسيسية منتخبة، وهنا انتفض الإسلاميون وقال أحدهم فى مسجد رابعة العدوية: «إن الذين يقولون بالدستور أولا هم شياطين الإنس»، وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه من أن أى قاعدة قانونية تنشئ حولها أصحاب مصالح، وأصبح من يطالب بالدستور أولا إما علمانيا أو ملحدا أو كافرا، أو حتى مغرضا فى أبسط التحليلات.
ولست أدرى لماذا يعارض المعارضون أن يكون الدستور أولا مع أنه حجر الزاوية فى البناء السياسى وبغيره لا يستقيم، ففى كل بلاد العالم الدستورية تم وضع الدستور أولا، ففى مصر كما هو معروف صدر أول دستور فى 19 أبريل 1923، وتمت الانتخابات على أساسه فى أول يناير 1924، ودستور 1930 أصدره إسماعيل صدقى بعد تعيينه رئيسا للوزراء بثلاثة أشهر، ثم أجريت الانتخابات، وثورة 23 يوليو 1952 أعلنت سقوط دستور 1923 فى 10 ديسمبر 1952، ثم صدر إعلان دستورى بفترة انتقال ثلاث سنوات انتهت بإصدار الدستور فى يناير 1956، ثم جرت انتخابات أول مجلس أمة، وحتى السادات بعد انفراده بالحكم أعلن دستور 1971، وبمقتضاه تمت الانتخابات.. وهكذا.
فلماذا يتنكر حكام مصر الآن لهذه الأصول ويأخذون ببدعة الانتخابات قبل إصدار دستور يعبر عن حالة الثورة التى تعيشها البلاد، ويقبلون بتعديل بعض مواد حددها الرئيس السابق نفسه قبل تخليه عن الحكم، ودون تحديد فترة انتقالية، وكأن شيئا لم يحدث. ومن عجب أن الذين يعارضون شعار «الدستور أولا» يقولون فى معرض البرهنة على صحة ما يقولون: هل يجوز إلغاء نتيجة استفتاء 19 مارس، وكأن هذا الاستفتاء سوف يكون أبديا، فمن المعروف أن ذلك الإعلان الدستورى سوف يلغى تلقائيا بعد إعلان الدستور الجديد، فما الفرق بين إلغاء نتيجة الاستفتاء اليوم أو إلغائه، بعد فترة انتقالية طالت أو قصرت؟ الفرق يبدو فى أنه بعد إجراء الانتخابات فى سبتمبر سوف يتم تشكيل لجنة من مائة عضو من أعضاء مجلسى الشعب والشورى لوضع الدستور الجديد، وفى هذه الحالة سوف يدخل فيها عدد ملحوظ من الإسلاميين، وسوف تكون مهمتهم الإبقاء على المادة الثانية من الدستور الحالى بصياغة أو بأخرى تتفق مع ما أعلنه شيخ الأزهر أثناء عملية تعديل مواد الدستور «إياها» من أن المساس بالمادة الثانية خط أحمر، وكذلك مع بيان الأزهر الصادر فى 19 يونيو الجارى الذى يدعو إلى أن تكون سلطة التشريع لنواب الشعب بما يتوافق مع المفهوم الإسلامى الصحيح.. وأن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع، وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكام إلى شرائعهم الدينية فى قضايا الأحوال الشخصية، وبهذا تصبح مصر بفضل ما يضمره هؤلاء على طريق البشير فى السودان!!
والحال كذلك.. ترى من هم شياطين الإنس.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Nader
الدستور لابد ان يكون اولا
عدد الردود 0
بواسطة:
motaz
طيب
عدد الردود 0
بواسطة:
ehab
ليس ما تقول هو الحقيقة
عدد الردود 0
بواسطة:
omda
صح
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف ابو عميرة
طالما صوت الشعب على الانتخابات اولا باغلبية فالدستور ثانيا ثم ثانيا
عدد الردود 0
بواسطة:
فارس
هل رايت مصالح بتوع الدستور اولا
عدد الردود 0
بواسطة:
د. تامر
النخبة !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام
الدستور اولا
عدد الردود 0
بواسطة:
صوت الشعب
كنت سأكتب رداً لكنى اكتفيت بمن سبق
عدد الردود 0
بواسطة:
جوده
خطيئة الإستفتاء وماتلاها من فتنة كانت أول مشهد من مشاهد الثورة المضادة . أفيقي يامصر .
لاتعليف !