د.رأفت رمضان يكتب: القمح بيحب مصر

فى البداية نروى لكم تفاصيل زراعة القمح فى العالم، حيث لم ينشأ القمح فى مصر بل كان منشأه الأصلى سوريا، ولكنه دخل مصر منذ آلاف السنين وأصبح القمح من أهم المحاصيل فى عهد الفراعنة، وقد ساعدت إنتاجيته العالية على تفرغ المصرى القديم للإبداع فى مختلف الحرف والصناعات الأخرى، حيث قامت الحضارة المصرية القديمة فقد كان يكفى أن يعمل بالقطاع الزراعى فقط 10% من السكان لتلبية احتياجات باقى السكان من القمح.

وبصفتى أستاذ مساعد بالمركز القومى للبحوث، قد ورد ذكر القمح فى القرآن الكريم مرتبطا بإنقاذ مصر من سنوات الجدب والجفاف فى سورة يوسف، ومنذ أن دخل القمح إلى مصر وهو يأبى ألا أن يجود بكل ما لديه من أجل مصر، حيث إن القمح يعطى فى مصر أعلى إنتاجيه فى العالم وهى تصل إلى 2.5 طن / للفدان وهو ضعف متوسط الإنتاج العالمى الذى يصل إلى 1.25 طن/ للفدان ليس هذا فقط إنما القمح يعطى إنتاجيته العالية هذه فى فترة نمو قدرها 6 أشهر، فى حين أن الدول العملاقة فى إنتاج وتصدير القمح مثل كندا وأمريكا واستراليا تحتاج من 8 إلى 10 أشهر كفترة نمو لنبات القمح، أى إنتاج القمح فى مصر يوفر نصف موسم "6 أشهر"، والتى تمكن المزارع المصرى من زراعة محصول آخر فضلا عن توفير الاحتياجات المائية التى تتطلبها طول فترة النمو مقارنة بالدول الأخرى.

ومن المفارقات أن استهلاك الإنسان المصرى يستهلك ما يعادل أردبا واحدا من القمح فى السنة (145كجم/سنه) أيضا نجد أن متوسط استهلاك الفرد المصرى من المياه سنويا يصل إلى 4000 م3 وهو ذات الكميه التى يحتاجها فدان واحد من القمح.

ومن الملاحظ أن الرومان قد زرعوا القمح فى مصر فى مناطق الساحل الشمالى الغربى للاستفادة من مياه الأمطار ولم يزرعوه فى الوادى والدلتا فقط كدليل على أن هذا المحصول يمكن أن ينمو فى جميع أنواع الأراضى تحت ظروف المناخ المصرى.

وقد أوضحت الدراسات العلمية التى أجريت بواسطتى على تقيم مدى ملائمة المحاصيل للزراعة فى الأراضى المصرية بمناطق شمال سيناء، الساحل الشمالى، الدلتا، مصر الوسطى، مصر العليا، درب الأربعين والواحات، أن القمح أعطى أعلى صلاحية للزراعة فى جميع أنواع الأراضى مقارنة مع باقى المحاصيل الرئيسية التى تزرع فى مصر، ولذلك فإن زراعة القمح فى مصر دائما مناسبة فى الشمال أو الجنوب فى الشرق أو الغرب المهم أن يزرع القمح فى مصر لأن "القمح بيحب مصر".