كتبت منذ فترة مقالاً أؤيد فيه عملية إنشاء وتقديم الدعم للنقابات المستقلة وإلغاء النقابات الحكومية القائمة باعتبار ذلك نتيجة من نتائج التحول السياسى الحاصل هذه الأيام.
ولكن بعد ما كتبت مقالى السابق اتصل بى بعض المقربين من أعضاء النقابات المستقلة يستغيثون من تهديدات رئيس أحد النقابات العامة ورجاله والتحذيرات الصادرة عنه بعدم التعامل مع النقابات المستقلة، واصفاً إياها بالكيانات غير الشرعية.
كما أصدر رئيس هذه النقابة تعليمات لزبانيته لتحريض العاملين على عدم الاشتراك فى النقابات المستقلة وكأنها رجس من عمل الشيطان، وأن أعضاءها سفراء جهنم! وهو ما حدث بالفعل لدرجة أن بعض زبانية النقابات القائمة اتصل بى محذراً من الاشتراك فى النقابة المستقلة ولكن تحذيره جاءنى بأسلوب يتفق وشخصيتى الرافضة لأساليب التهديد بكل صوره وأشكاله، فأسلوب الناصح المحذر جاء بطريقة الشياطين، وجاءت عباراته من نوعية "بتوع النقابات المستقلة دول محسوبين على النظام السابق "اوع فلان ده حرامى"، "فلان ده عين مراته وأخد شقة وبيدور على مصلحته بس"، وبعد أن استمعت لوسوسة المتصل شكرته ووعدته بالتفكير فى الأمر إلى أن جاءنى اتصال عضو النقابة المستقلة الذى ذكرته فى بداية حديثى.
ومكثت فترة أفكر فى مصير النقابات المستقلة الوليدة – التى يريد البعض وأدها فى المهد – وتولدت لدى قناعة أن مصير هذه النقابات الفشل – وقبل أن يغضب منى القارئ ويلعننى أرجوه قراء المقال لنهايته – وسبب الفشل الذى أدعيه يرجع لعدم تقديم الحكومة للدعم الكفاى للنقابات المستقلة المتمثل فى موافقة وزير القوى العاملة على إنشاء النقابات المستقلة وإطلاق الحريات النقابية فقط لا غير دون إيجاد حل للنقابات الحكومية القائمة التى كانت تسبح بحمد الرئيس السابق ونظامه، ولم تكلف الحكومة نفسها عناء إصدار تشريع يتيح لأعضاء النقابات المستقلة أداء عملهم على الوجه الأمثل ويحدد مهامهم وأنشطتهم ويمنح العامل الحق فى الاشتراك فيها، وخلاصة القول إن الحكومة صرحت بالبلدى "يلا يا ولاد روحوا اعملوا نقابة وافرحوا" فقط ليس أكثر دون أن تمنح، الأولاد الأدوات والأسلحة التى تمكنهم من حماية أنفسهم وإضفاء الصبغة الشرعية عليهم.
وهناك عدد من الأسئلة تبادرت إلى ذهنى منها، كيف يتسنى للعامل الاشتراك فى النقابة المستقلة وهو محبوس على ذمة النقابة الحكومية، وكيف يتمكن من فك أسره ليهرب منها، وإذا افترضنا أنه سيشترك فى النقابتين الحكومية والمستقلة – وهو افتراض جدلى غير مستساغ عقلاً وعملاً – فلأى النقابتين سيسدد اشتراكاته الشهرية، فإذا افترضنا أنه سيسدد للنقابة الحكومية فكيف سيتم تمويل النقابات المستقلة التى يصرف أعضاؤها من مالهم الخاص إلى جانب تعرضهم لكافة أنواع الضغوط.
أما إذا افترضنا أن الاشتراكات ستسدد للنقابات المستقلة – مع التسليم أنها كيانات ليس لها الطبيعة القانونية أو الشخصية الاعتبارية التى تتيح لها إنشاء حسابات بالبنوك وممارسة أنشطتها – فقد يتعرض مسئولو هذه النقابة للسجن بتهمة جمع أموال ومحاولة التربح.
ومن ناحية أصحاب الأعمال هل سيتعامل الأخير مع النقابات القائمة أم مع النقابات المستقلة الوليدة، إنها ازدواجية تسببت فيها الحكومة الله أعلم عن قصد أو دون قصد، فإذا افترضنا أن صاحب العمل سيتعامل مع أعضاء النقابات القائمة التى يحميها القانون سيخرج العمال رافضين ذلك التعامل بحجة رفضهم لهذه النقابة الحكومية التابعة للنظام السابق، وهم محقون فى ذلك فلهم حرية الاختيار، أما إذا اختار صاحب العمل التعامل مع أعضاء النقابات المستقلة نزولاً على رغبة العاملين سيخرج عليه أعضاء النقابات القائمة منادين أن الشرعية والقانون ينحازان لهم وهم محقون فى ذلك أيضاً ! إذن ما الحل؟
الحل يا حضرات فى منتهى البساطة أن تصدر الحكومة تشريعا فوريا يسمح بإنشاء النقابات المستقلة لإضفاء الصفة القانونية إليها ويصبغها بالشرعية اللازمة، فهذه هى الأداة الوحيدة لإطلاق الحريات النقابية، أما دون ذلك فإننى أؤكد أن الحكومة تطلق شعارات رنانة وعبارات رصينة ليس أكثر بهدف كسب ود الشعب ليس أكثر ولكن تصرف فعلى يشعر المواطن بالحرية على أرض الواقع.
أتمنى أن تصل الرسالة لأولى الأمر وإنقاذ النقابات المستقلة التى مازالت فى المهد وتخطو أولى خطواتها فى عالم الحرية والديمقراطية الحقيقية.
اللهم بلغت اللهم فاشهد.
أحمد إسماعيل محمد يكتب: النقابات المستقلة وهم كبير
الجمعة، 03 يونيو 2011 12:19 ص
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد ابو بيدو
اللهم بلغت اللهم فاشهد.
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير الخضري
المستقلة
عدد الردود 0
بواسطة:
ماجد إبراهيم طه
سبق صحفي