قالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن المجالس المحلية التى مازالت قائمة حتى الآن كانت تستمد شرعيتها من النظام السابق ومن دستور 71 الملغى، وقد صار واقعا ملموسا اعترف به الجميع على المستوى المحلى والإقليمى والدولى أن ثورة 25 يناير قد نجحت نجاحا باهرا، وأجبرت الرئيس السابق حسنى مبارك عن التخلى عن منصبه، وفى 13 فبراير أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانا بحل مجلسى الشعب والشورى وتعطيل العمل بدستور 71، وبالتالى سقط النظام وليس من شك من أن سقوط النظام وانهيار أدواته ورموزه وحزبه أسباب كافية لإصدار قرار بحل المجالس المحلية، لكونها أداة من أدواته وركيزة من ركائزه.
واستكملت المحكمة أن هذه المجالس كانت من بين أدوات النظام السابق تنفذ سياساته ورغباته، ومن غير المقبول أن يزاح هذا النظام ويسقط رموزه وأدواته وأعضاؤه، ومع ذلك تبقى المجالس الشعبية المحلية حتى الآن بعد أن عطلت أحكام دستور 71، وتبرأ منها الشعب ولم يعد لها دور فى السياسية أو الإدارة، فضلا عن ذلك فقد ثبت باليقين أن تلك المجالس قد أخلت إخلالا جسيما بواجباتها وبمصلحة هذا الوطن، وقصرت فى أداء مهامها وتقاعست عن ممارسة الاختصاصات التى حددها لها المشرع فى القانون رقم 43 لسنة 79.
واستطردت المحكمة فى أسباب حكمها أن المجالس الشعبية المحلية القائمة فقدت أصل شرعية بقائها فى نظام الحكم بمصر كأثر مباشر لنجاح ثورة الشعب فى 25 يناير، وكنتيجة حتمية لتعطيل العمل بدستور 71 الذى كان ينص عليها ويجعلها جزءاً من أجهزة نظام الحكم والسلطة التى أفسدت ودمرت كل شىء جميل فى هذا الوطن، كما أنها لم تنهض بالاختصاصات المحددة لها، وبالتالى صارت وجها لا سند له لا من الدستور ولا من القانون ولا فى ضمير هذا الشعب وثورته الناجحة، وصار من غير المقبول فى القانون أو الواقع أن يسمح لها بالاستمرار فى حياة هذا النظام الجديد الذى اختاره الشعب الثائر، وأصبحت هذه المرحلة فى حاجة ماسة إلى مجالس شعبية محلية تعبر حقيقة عن هذا الشعب وترعى ثورته وتسهر على رقابة حكومته حتى تحقق آماله وطموحاته.
وأشارت المحكمة إلى أنه كان لزاما على مجلس الوزراء أن يتدخل على الفور دون تراخٍِ أو تأخير بإصدار قرار بحل هذه المجالس على مستوى الجمهورية وكافة وحدات الإدارة المحلية، وبما أنه لم يفعل ذلك فإن موقفه سلبى وغير مشروع ويتنافى مع مبدأ المشروعية الذى تخضع له كافة سلطات الدولة، وعلى الرغم من أحكام المادة 62 من الإعلان الدستورى الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أكدت على سريان جميع القوانين واللوائح ومنها قانون الإدارة المحلية، وقد نصت المادة 145 منه أن يصدر قرار بحل المجالس المحلية من مجلس الوزراء وأن تكون له سلطة تقديرية لحلها لما يحقق المصلحة العامة للبلاد، إلا أن ذلك لا يعنى أن سلطته مطلقة دون الخضوع لرقابة القضاء ومن حق مجلس الدولة التدخل فى حال تراخى مجلس الوزراء ومتى كانت المصلحة العامة فى اتخاذ الإجراء ظاهرة كالشمس فى كبد السماء، ولا تحتمل تأخيرا أو تقاعسا.
وأخيرا أكدت المحكمة أنه على الرغم من أن المادة 44 من قانون الإدارة المحلية نصت على أنه لا يجوز حل هذه المجالس بإجراء شامل، فقد كان ذلك حظرا مقصودا به فى الظروف العادية التى تجيز هذا الحل، ولا ينطبق على الأحوال الاستثنائية التى تمر بها البلاد بعد الثورة العظيمة "ثورة 25 يناير".






