يقع الشباب المسلم فى حيرة كبيرة.. ما هى ثوابت الإسلام والشريعة الإسلامية كى نثبت عليها ونتمسك بها بقوة، وما هى متغيراته حتى نتغير معها بتغير الزمان والمكان والظروف والأحوال؟ وهل الإسلام كله من الثوابت فلا حيلة أمامنا كى نتغير مع متغيرات الحياة ومع شتى الأعراف والمجتمعات، وكى نطور حياتنا وأفكارنا ورؤانا وفى نفس الوقت لا نخالف الإسلام؟
والحقيقة أن الشريعة الإسلامية تحمل فى طياتها وتعاليمها الثابت والمتغير معا، وهذا من عظمة الإسلام، فقد جمع بين أمرين ظاهرهما التناقض وحقيقتهما التكامل، وكلاهما سر خلود الإسلام وصلاحيته للتعامل مع كل الأزمان والبلاد وشتى الأعراف والبيئات، فثوابت الشريعة الإسلامية هى بمثابة الأعمدة التى يقوم عليها الإسلام، وتحفظه من الانهيار، وتحول بين تغيير أصوله أو ذوبان أركانه الأساسية مع تقادم الأزمان وتعامله مع البيئات المختلفة.
أما المتغير من الشريعة الإسلامية فهو الجزء المرن منها الذى يتغير بتغير الزمان والمكان والأعراف والبيئات، وهو الذى يجعل الشريعة الغراء تتكيف مع مستجدات كل عصر، وهو الذى يمكنها من تجديد شبابها وحيويتها دون هدم لأركانها، أو تقويض لغاياتها العظمى، وهو الذى جعل الإسلام مازال غضا طريا نابضا فتيا حتى اليوم، وعلينا أن نكون مع ثوابت الإسلام فى صلابة الحديد، وأن نكون مع متغيراته فى مرونة الحرير.
فالثوابت والمتغيرات هما سر خلود الشريعة وبقائها، فالشريعة تفصل فيما لا يتغير، وتجمل فيما يتغير، بل قد تسكت عنه تماما.. لقد أودع الله فى الشريعة الإسلامية عنصرى الثبات والتغير فى الوقت ذاته، فالثبات على الأهداف والغايات العظمى للإسلام، والمرونة فى الوسائل والأساليب، والثبات على الأصول والكليات، والمرونة فى الفروع والجزئيات، والثبات على الأخلاق والعقائد، والمرونة فى أمور الدنيا وفيما لا نص فيه وفى المصالح المرسلة، فالشورى من ثوابت الحكم فى الإسلام.. ولكن كيفية تحقيق هذه الشورى فى كل بلد هو من المتغيرات القابلة للاجتهاد المتغير من عصر إلى عصر ومن مصر إلى مصر.
ومن ثوابت الإسلام العدل فى الحكم، ومن متغيراته أساليب ومنظومات الحكم للوصول إلى هذه الغاية، سواء أكان الحكم رئاسيا أو برلمانيا أو برلمانيا رئاسيا، أو غير ذلك من الأساليب، فالمهم من يحقق العدل منهم، ومن ثوابت الإسلام ألا يكون المال دولة بين الأغنياء وحسب، قال تعالى: «كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم».. ولكن تحقيق هذا الثابت فى دنيا الناس يختلف من زمان إلى زمان ومن عرف إلى عرف.. والزكاة من ثوابت الإسلام، ولكن قيام الدولة بعمل منظومة حكومية دقيقة لجمع الزكاة ووضعها فى مصارفها يعد من المتغيرات الفنية الإدارية التى تتطور من زمن إلى آخر.. والأخلاق من ثوابت الإسلام وهى قيم مطلقة لا تقبل التحوير أو التبديل أو التطور، والذى يدعى تطورها فهو يسعى لتدمير بلادنا كما دمرت أوروبا أخلاقيا، فالزنا والشذوذ والمثلية والإجهاض والكذب والنفاق والغدر محرمة فى كل العصور.
والجهاد وسيلة وليس غاية، وتحويل الوسيلة إلى غاية يضر بالوسيلة والغاية معا، والبعض فعل ذلك، فجعل الجهاد للجهاد والقتال للقتال، وليس إعزازا للدين وحماية لبلاد المسلمين، فقاتل فى المكان الخطأ وفى الزمان الخطأ وبالطريقة الخاطئة، فأضر المسلمين وبلادهم وحركاتهم وأضر بسمعة هذه الفريضة العظيمة بين المسلمين وغير المسلمين.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
zizo
مقال محترم
مقال محترم من انسان محترم
عدد الردود 0
بواسطة:
Tarek
عقلية محترمه
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد شبل المشد
أحسنت شيخ ناجح
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام بنة
جزالك الله خيرا
جزاك الله خيرا ووفقك لما يحبة ويرضاة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد سعادة الواحاتي
مقال يستحق القراءة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
بارك الله فيك
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد من الناس
اكثر من رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
بفكر
تقيه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد صلاح
ليس تقية يا 8
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل صدقى
مفيش جديد