"كلنا أمير عوض"، عنوان صفحة على فيس بوك أنشأها عدد من قضاة مصر، احتجاجا على قرار وزير العدل المستشار محمد عبد العزيز الجندى بإحالة القاضى أمير عوض إلى التفتيش القضائى.
بدأت القصة بخلافات بين القاضى أمير عوض، الرئيس بمحكمة الجيزة الابتدائية، وبعض المحامين، وطلب وزير العدل من رئيس محكمة الجيزة نقل أمير عوض إلى دائرة أخرى غير التى يعمل بها، لكن الجمعية العمومية للمحكمة رفضت قرار النقل، فأصدر وزير العدل قراراً بإحالة أمير عوض إلى لجنة الصلاحية، بما يعنى التحقيق معه، وقد يصل الأمر إلى فصل أمير عوض من القضاء وتحويله إلى وظيفة أخرى مدنية.
واتهم أمير عوض، من وصفهم بأذناب النظام السابق داخل وزارة العدل بالتأثير على الوزير، وأوضح أن بعض المستشارين بالوزارة، الذين تورطوا فى انتهاكات وتجاوزات فى الانتخابات الأخيرة ساهموا فى دفع المستشار عبد العزيز الجندى، وزير العدل، لاتخاذ قرار بإحالته للصلاحية.
وهدد عدد من قضاة الأقاليم بالدعوة إلى جمعيات عمومية طارئة بعد إعداد مذكرة تطالب وزير العدل بالتراجع عن قرار الإحالة، وحسب ما نشر فى بعض الصحف، فإن وزير العدل أصر على اعتذار أمير عوض مقابل سحب ملف إحالته للصلاحية.
قضية أمير عوض نموذج صارخ لعدوان السلطة التنفيذية ممثلة فى وزير العدل، على السلطة القضائية، فبادئ ذى بدء، لا يجوز لوزير العدل التدخل فى أعمال المحاكم، وطلب نقل قاض من دائرة إلى أخرى داخل نفس المحكمة، لأن هذا من صلاحيات الجمعية العمومية للمحكمة، دون سواها، وقد أخطأ وزير العدل بالتوصية أو بطلب نقل القاضى، ثم أخطأ مرة ثانية عندما تعامل بتعسف مع رفض المحكمة لتوصيته، وقرر تحويل القاضى إلى لجنة الصلاحية، بمعنى التحقيق معه داخل التفتيش القضائى التابع لوزارة العدل.
وأتذكر أنه حين تولى عبد العزيز الجندى مهام عمله كوزير للعدل كان أول تصريح قاله إنه سينقل تبعية التفتيش القضائى إلى محكمة النقض، باعتبار أن تبعية التفتيش للوزارة انتقاص من استقلال القضاء.
وحسب دستور 1971 المعطل، وحسب قانون السلطة القضائية، فإن القضاء سلطة مستقلة، لكن وجود التفتيش على رجال القضاء فى عهدة وزارة العدل يقضى على هذا الاستقلال، ويجعل القضاء تابعا للسلطة التنفيذية، ويجعل التفتيش القضائى سيفا مسلطا على رقاب القضاة، ويمكن استغلاله لتصفية حسابات سياسية مع القضاة الذين يرفضون الانصياع لأوامر الحكومة.
قضية أمير عوض نموذج صارخ على تدخل السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية، وما لم ينفذ وزير العدل وعده بنقل التفتيش القضائى إلى مجلس القضاء الأعلى، فإن كل ما يقال عن استقلال القضاء ليس أكثر من كلام مرسل، وحتى وإن كان وزير العدل الحالى رجلا محترما مشهودا له بالنزاهة، فإن استقلال القضاء يجب أن يكون مبدأ لا يحيد عنه أحد، لأنه الضمانة الحقيقية لحقوق الناس وحرياتهم، ولاستقلال القضاة أنفسهم، لذلك كلنا أمير عوض.
عدد الردود 0
بواسطة:
علاء عزب
الزمن الصعب فى القراءه ..والكتابه