مائة يوم لا تكفى

مائة يوم مرت على حكومة الدكتور عصام شرف، فهل تعد هذه الفترة كافية للحكم عليه إذا كان فاشلا أم ناجحا؟

أخطر ما فى هذا السؤال أنه يأتى بعد ثورة، والثورة تعنى بالنسبة للجماهير اقتلاع نظام قديم من جذوره ليحل محله نظام جديد، وبهذه الحسبة فقد يرى البعض أن النظام القديم مازال باقيا، ربما ليس فى أشخاصه، وإنما فى توجهاته، وبالتالى فإن حكومة شرف لم تحقق ما جاءت من أجله، وفى المقابل يرى آخرون أن فترة 100 يوم غير كافية لاقتلاع جذور نظام استمر 30 عاما، وبالتالى فمن الطبيعى إعطاء الفرصة الزمنية الكافية لهذا الأمر، على أن يتم الحساب بعدها.

وبقدر ما أرى أن الرؤيتين تشملان بعض الصواب، إلا أن تأنى التناول يقودنا إلى أن فترة الأيام المائة شملت إيجابيات علينا أن ننظر إليها بغرض استكمال أهداف الثورة وليس الاكتفاء، ومنها مثلا ما يحدث على مسار الديمقراطية التى أرى أنها تسير فى مناخ حوارى بين القوى السياسية المختلفة سيقود فى النهاية إلى نتائج ملموسة، ولا أراها بعيدة.

قد يرى البعض أن هذا ليس من إنجاز الحكومة، وإنما من إنجاز المجلس العسكرى، لكن على الأقل تبقى الحكومة حارسة عليه، ومن قلب هذه المسألة أستدعى شيئا آخر لكنه لا ينفصل عن الموضوع، ويتعلق بحال القوى السياسية التى شاركت وفجرت الثورة، فقراءة مشهدها تأتى على نحو أن الإخوان فى جانب والباقين فى جانب آخر، لكن هذا الجانب منقسم أيضا، وفى قراءة باقى الخريطة سنجد شباب الثورة منقسمين إلى فرق، وقد يكون ذلك طبيعيا فى قراءة تاريخ الثورات التى قامت دون أن تكون لها قوى قائدة، لكن التحدى يبقى فى كيفية الوصول إلى تجاوزه حتى لا تغرق السفينة بالجميع، والخلاصة أننا أمام حالة انقسام عامة، الكل يساهم فيها بقدر ما، ومن الطبيعى أن نقرأ أداء الحكومة فى ظل هذه الحال.

لا أقول ذلك من قبيل التماس العذر للحكومة، ولكن أرى أن الحكم عليها كاملا فى مائة يوم لا يكفى.