لم تمنعهم رؤيتهم المتباينة لمتطالبات المرحلة الراهنة، وقراءتهم المختلفة للمشهد الحالى، من تبادل النكات و"الإفيهات"، بل والارتماء فى أحضان بعضهم البعض، بمجرد أن يلتقوا، مُظهرين مدى سماحة قلوبهم، ومُستعرضين تاريخ العلاقة الوطيدة التى ربطت بينهم من قبل الثورة وبعدها.
كان فى بداية اللقاء الذى جمع بين الثلاثى "عصام العريان القيادى الإخوانى ونائب رئيس حزب العدالة والحرية، جورج إسحاق أحد مؤسسى حركة كفاية وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان وعمرو حمزاوى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة" أول أمس، الأحد، بالمتحف القبطى، حينما تبادل إسحاق والعريان القُبلات والأحضان خارج القاعة، مبتسمين فى أوجه وسائل الإعلام ومتمنين أن تلتقط عدسات الكاميرات تلك اللحظة الحميمية "الصادقة"، على حد قولهما.
بمجرد أن جلسوا على المنصة، استشعر إسحاق عبق وقدسية المتحف وراح يتحدث عن أواصر العلاقة بين المسلمين والمسيحين معلنا رفضه التام لمحاولات التعدى على دور العبادة قائلا: من يحاول أن يتعدى على الكنائس ويحرقها فلقد أهان الشعب المصرى بأكلمه، لأن المساجد والكنائس لنا جميعا وها هو الدليل أننى أجلس بجانب أخى عصام العريان، فما لبث أن ذكره الأخير، ممثل حزب العدالة والحرية ليرد عليه إسحاق قائلا: يا أخى أنا ناوى أبدأ الندوة فى هدوء وأتجنب الصدام معاك، لكن واضح أنك بتجر شَكلى، فيعلق عليه العريان ضاحكا: عايزك تحمى وتسخن الجو على طول.
بعدما انتهى إسحاق من الحديث عن موقفه من رفض الانتخابات البرلمانية قبل وضع دستور جديد، وجه مجموعة أسئلة للقيادى الإخوانى على طريقة معاتبة الحبيب: أريد أن أعرف مدى شرعية الجماعة بعد أن أصبحت ليست محظورة، وكم عددكم وما هى مصادر تمويل حزبكم ورؤيتكم للمرحلة القادمة، خاصة أن البعض يرى أن الحزب السياسى لا يختلف كثيرا عن توجهات الجماعة العامة وما تعليقك على تصريحات من يقول إن المسلم الليبرالى كافر وأنتم تتحدثون دائما عن تأييدكم للدولة المدنية، أتمنى أن يحسن الحزب خطابه ويوقف هذا السيل من التصريحات، خاصة بعد الموقف المتذبذب من نسبة الإخوان فى البرلمان القادم، فتارة تعلنون أنكم تنافسون على نسبة 30% ثم 50 و70%، وهذا لا يليق من وجهة نظرى، لأنها إهانة للشعب المصرى، أنا أسألك كل هذه الأسئلة وانت تعلم مدى حبى وعلاقتى بكم لدرجة أننى كنت محسوبا عليكم فى فترة من الفترات.
ولم يتوقف إسحاق عن استخدام الإيماءات اللفظية بل و"التلقيح" على الإخوان فى استخدام أموالهم لتحقيق أهدافهم، وذلك عندما وجه نصيحة لائتلافات الشباب الكثيرة التى تشكلت بعد الثورة، مطالبا إياهم بالنزول إلى القرى والنجوع لتوعية المواطنين ولكسب شعبية مثل شباب الجماعة قائلا: هى دى شغلانة الإخوان نزلوا مع الناس وساعدوهم اجتماعيا وأعطوهم الأموال ومن هنا اكتسبوا شعبيتهم لكن نحن فالعين بصيرة واليد قصيرة، ولكن بالتأكيد هنستلف منهم. فيرد عليه العريان قائلا: وإحنا رجالة وهنسد يا جورج، فيجيبه الأخير: شعب مصر كله رجالة مش أنتم لوحدكم.
لم يكترث العريان بكل هذا، وإن كان أوضح موقف الجماعة فى السؤال الأخير تحديدا عندما قال إنها لا تطمح فى الحصول على أكثر من 35% فى الانتخابات القادمة إذا خاضتها بشكل فردى أما إذا انضمت لائتلافات كلية فبلا شك أنها تطمع فى الأغلبية، وراح يمزح مع عمرو حمزاوى المتحدث الثالث فى الندوة قائلا له: هتقول أيه تانى يا حمزاوى أنا كل يوم بشوفك فى الفضائيات.
طرفان فى مواجهة طرف، هكذا كان حال السجال بين ثلاثتهم يفند كل منهم أسبابه المنطقية من وجهة نظره ويحصن بها نفسه ليعلن موقفه على الملأ من رفض أو قبول الدستور أولا، ولكن بمجرد أن شعر حمزاوى بتوافق رؤيته مع العريان فى إجراء الانتخابات قبل الدستور بشكل دفع أحد الحاضرين لسؤاله إن كان شكل ائتلافا بين حزب مصر الحرية الذى يمثله وحزب العدالة والحرية لممثله العريان لخوض الانتخابات القادمة، راح ينفى بشدة وجود أى تحالفات بين الطرفين قائلا: كل منا مختلف فى برنامجه ولكن ما المانع أن تجمعنا رؤية وقضية واحدة.
استمر اللقاء هكذا قرابة ساعتين حتى انتهى بموافقة العريان على ترشح إسحاق للرئاسة إذا أراد الأخير ذلك، وبعدما وجه عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان دعوة لزيارة عائلة مبارك ورجاله فى سجن طره لرؤية ماذا يفعلون وقبل قيامهم من على المنصة بادره العريان بسؤال: مش عايز معاك فى الزيارة دى خبير سجون، فرد عليه: لا طبعا أنت عارف كل حاجة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة