محمود حامد يكتب: خضراوات.. للبيع

الإثنين، 20 يونيو 2011 09:00 م
محمود حامد يكتب: خضراوات.. للبيع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

متتأخرش وياريت بسرعة عشان ألحق..
حاضر، خلاص فهمت
لا أدرى كيف وافقتها على أن أفعل ذلك؟!
******************************************************

*فمذ أن تزوجنا لم أشاركها أى عمل من أعمال منزلها فهى وزيرة كل الوزارت، ولا أعتقد أننى أصلح إلا أن أكون وزيرا للمالية فقط

- دا بالنسبة لبيتنا بس طبعا - وكل ما أعرفه عن أمور منزلها هو مشهد زوجتى، وهى تأخذ منى مصروف المنزل، مع أول كل شهر ميلادى.

*لا أعرف الفارق بين الكوسة المطبوخة والمحشية ولا حتى المسلوقة ولا أريد أن أعرف الاختلاف بين القلقاس والبطاطس، ولا يشغلنى التفكير أو التساؤل بأيهما أصلح للحشو: الباذنجان الأسود أم الأبيض.

*لم تكن كل تلك المفردات تهمنى أو تشغلنى، شىء واحد كان يشغلنى هو عملى، ولكن الأمور قد تغيرت قليلا - من وجهه نظر زوجتى على الأقل - بعد أن تركت عملى لظروف ما منذ ما يقرب من شهر، فانا أؤمن أن الجلوس بغير عمل أفضل من عمل لا تقبله أو عمل لا يقبلك.
******************************************************

*على ما يبدو أن زوجتى قد شعرت بما داخلى من ملل، فأنا لا أميل للابتعاد عن المنزل، فأنا حقا كائن بيتوتى بكل ما تحمل الكلمة من معنى، طالعتنى زوجتى هذا الصباح على غير عادتها، وقالت:
- تحب تأكل كوسة محشية؟
أجبتها متظاهرا بالاهتمام ممتنا لكوب النسكافيه المحبب لدى، والذى صنعته لى منذ قليل:
- يا ريت طبعا.
قالت بسرعة كمن وجدت كنزا :
طيب، انزل بسرعة الحق الراجل اللى واقف تحت عمارتنا، وهاتلنا منه كوسة.

تعجبت لطلبها وتعجبت أكثر لأنى وافقتها، تحركت لأسفل المنزل كالمسحور أو المسلوب إرادته وتوجهت لعربة بائع الخضراوات والتى يقف الى جوارها شاب ريفى يافع فى العقد الثالث من عمره تبدو عليه سمات الرجولة وشهامة أولاد البلد فقابلنى قائلا:
- أؤمر يا بيه.
-عايز.. اممممممممم.
ثم فكرت قليلا محدثا نفسى (أنا ومراتى وأحمد وعلياء)، ثم رددت كالواثق:
- خمسه كيلو كوسة للحشية.
وتخيلنى الرجل الأول فى عالم الطهى تخصص كوسة محشية.
فرد الرجل بلهجة جمعت بين الأسف والرجاء:
- ممكن تستنانى يا بيه أروح أول الشارع أجيب لحضرتك الكمية اللى طلبتها.
على الفور وللمرة الثانية أوافق بدون تفكير، ولكن هذه المرة أوافق على كلام البائع مومئا برأسى وبكل أدب.
مشى الرجل مسرعا حاملا قفصا فارغا لإحضار الكوسة المطلوبة
******************************************************

*شردت قليلا وتأملت المشهد أمامى: عربة خشبية يجرها حمار ينظر أمامه غير عابئ بما يحمل من خضراوات وأقفاص، وفوق العربة أقفاص فارغة وأخرى ممتلئة وميزان بسيط، وعدد من الاثقال وخضراوات مفروشة على العربة أبرز ما عرفته منها هى الطماطم. ولكن جذبنى بشدة مشهد الحمار وهو ينظر أمامه فقط ولا يفكر أن يلتفت على كل ما تحمله العربة من خلفه، ثم حدثت نفسى:

بالرغم من أننى أرى أن هذا الحمار عجيب فى أمره، إلا أننى كنت أشبهه إلى وقت قريب، فأنا أقود كل تلك الأسرة ولا أنظر إلا لعملى ولا أهتم أن أعرف أى شىء عن تفاصيل منزلى لدرجة أننى اسميته منزلها، فهى أعلم بكل شىء فيه، أكثر ما كان يهمنى فى المنزل هو سريرى الذى كان يأوينى بعد يوم طويل من العمل الشاق، وتلفاذى الذى أرى من خلاله أسعار العملات فى السوق المحلية والعالمية بحكم طبيعة عملى، أجل فأنا أشبه ذلك الحمار- ولكن ليس كأى حمار طبعا- الناظر أمامه فقط.
******************************************************

وسط تلك التأملات جاء شيخ عجوز لم أر منه سوى جلبابه البنى وعمته البيضاء، ووجهه الأسمر الذى تغطيه التجاعيد، وسألنى:
هى الطماطم بكام يا ابنى؟ ووسط دهشتى وحيرته من تلك الدهشة فوجئنا بصوت يقول:
أوزنله الكيلو ب 2 جنيه يا باشمهندس.
طالعنا مصدر الصوت فإذا بها امرأة عجوز كانت تفترش جانب الطريق من خلفى، لم أرها إلا وقتها فقط، وكأشطر بائع فى أسواق مصر، وزنت الطماطم ووضعتها فى شنطة بلاستيك سمراء وأخذت المقابل، ولا أدرى كيف أسمع وأطيع للمرة الثالثة، وبدون أدنى تفكير!

*طال انتظارى وتأخر البائع ثم تذكرت المرأه التى تجلس من خلفى وتأملت وجهها، والذى كسته قسمات الدهر، وعيناها المنغلقتان بفعل الزمن، وجلبابها الأسود وطرحتها الملفوفة بإحكام، وجلستها الواثقة أمام جوال يضم أعواد خضراء لم أهتم بماهيتها، ولكن وضح على وجه المرأه أنها تريد أن تطلب منى شيئا ما لا أعرفه!
*شعرت بالحرج لطول النظر إليها، ووسط تأملاتى فى حال المرأة لاحظت شيئا غريبا، وهو أن هناك من يعرفوننى يمرون من أمامى وما أن يرونى حتى يحملقون فى وجهى ليتأكدوا من شخصيتى فتظهر عليهم بوادر اندهاش لا تلبث إلا أن تتحول إلى تظاهر بعدم المعرفة، ونظر للأرض ثم إسراع بالانصراف من أمامى!!
*****************************************************

*ياااااااااه لقد تأخر الرجل.
- ممكن يا أستاذ..
طلب لم يستكمله صاحبه يحمل نفس الصوت السابق إنها المرأة ذاتها من خلفى، توجهت إليها بجسدى ونظرت إليها فأكملت:

- ممكن لو حد سألك على ملوخية تبيعله الربطة بجنيه، أصلى رايحة أجيب شوال تانى وجاية بسرعة؟
واندفعت مسرعة وسط ذهولى من ثقتها بموافقتى، ولكن لا غرابة فاليوم يوم المفاجآت.
*وسط دهشتى سألت نفسى عما يحدث لى اليوم، وهل هناك شىء خاطئ يراه الناس فى، ولا أراه بنفسى يجعل الناس تعاملنى هكذا؟ ثم إن.. صدمتنى حقيقة ما أمر به، وانفجرت بالضحك، وقطع ابتسامتى وتأملاتى البائع العائد بعد طول انتظارحاملا بين يديه قفص الكوسة المطلوبه قائلا:
- خير إن شاء الله يا بيه.
حاولت أن أشرح ما حدث ولكنى سرعان ما تراجعت عن الفكرة واسترجعت صرامتى وجديتى واعطيته ثمن الكوسة التى أحضرها، وتذكرت أيضا أن أعطيه ثمن الطماطم التى ابتاعها الشيخ العجوز، فضحك الرجل، وتعجب لذلك، وما أن هممت بالانصراف إلا وعدت سريعا وقلت له:

- على فكرة لو حد سألك على ملوخية الرابطة بجنيه، إنما ملوخية من اللى قلبك يحبها.
وانصرفت على وعد بألا أعود..





مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

علاء

جميــــــــــــــــــــــلة جدا

صدقنى انت تنفع سيناريست جامد يا حودة

عدد الردود 0

بواسطة:

اكرم

الانتباه من البدايه للنهايه

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد الديب

احسنت

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة