توفيق صالح: الأفلام المأخوذة عن أدب محفوظ "خانته"

الخميس، 02 يونيو 2011 03:56 م
توفيق صالح: الأفلام المأخوذة عن أدب محفوظ "خانته" المخرج السينمائى الكبير توفيق صالح
كتب وجدى الكومى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال المخرج السينمائى الكبير توفيق صالح، إن الأفلام التى تم إنتاجها عن أعمال نجيب محفوظ، خانته، وخانت فكره، لأنها لم تعكس أدبه، وعمق كتابته الداخلية، مشيرا إلى أن الكاميرا تعكس فقط ما تراه، لكنها تعجز عن تصوير المشاعر الداخلية، وهو أكثر ما كان يهتم به محفوظ فى أعماله الروائية.

جاء ذلك خلال الاحتفالية الفنية التى أقامها المجلس الأعلى للثقافة عن نجيب محفوظ والسينما، وحضرها عدد من الفنانين والمخرجين السينمائيين، مثل الفنانة معالى زايد، والفنان عزت العلايلى، والناقد السينمائى كمال رمزى، والمخرج هاشم النحاس.

وتابع صالح: عرفت محفوظ بعد كتابته لثلاث روايات فرعونية، وكان دخوله للكتابة السينمائية بواسطة صديق للموسيقى عبد الحليم نويره، الذى أخذ منه قصة، وأعطاها لصلاح أبوسيف، ومن هنا بدأ محفوظ بكتابة السيناريو، حيث كتب مجموعة أفلام، ليست من رواياته، ثم باع روايته "بداية ونهاية" للسينما، وفى رأيى هى أقرب الأفلام التى تم إنتاجها لنص نجيب محفوظ الأصلى.

وقال صالح: كتابة السيناريو المفروض أن تكون صورة من العمل الأدبى، لكن أكثر الأفلام لا تحافظ على ذلك، وأحيانا يكون فيها تأليف جديد، نظرا لرغبة المخرج أحيانا إضافة أشياء حسب رغباته، أو أهوائه، أو أشياء فى النص الروائى، يجدها المخرج صعبة فى التنفيذ .

وتابع صالح: صحيح أن الممثل فى السينما هو الموصل للشعور والإحساس للمتلقى، لكن عادة السينما ما تهرب من الأفكار الداخلية، والروايات التى تحدثت عنها، الداخلى فيها أهم من الخارجى، والسينما تعتمد على جهازين تسجيل، الكاميرا تسجل ما أمامها، وجهاز آخر للصوت، يسجل كلام، ويسجل موسيقى، ولذلك تصوير ما هو خارجى للإنسان سهل، ويتحرك أمام الكاميرا، أما مشكلة السينما، ولا تزال مشكلة ، تصويرها للشعور التفكير والتأمل الداخلى للإنسان.

ولفت توفيق صالح النظر إلى أن محفوظ عمل فى 60 عملا سينمائيا، بينما طبع 55 كتابا فقط، مما يعنى أنه عمل فى السينما أكثر مما عمل فى الأدب.

وتحدثت الفنانة معالى زايد مشيرة إلى أنها كانت متخوفة من أداءها لشخصية حميدة على المسرح، بعدما أدتها الفنانة شادية فى الفيلم الشهير زقاق المدق، فتوجهت لنجيب محفوظ، وسألته: فى الفيلم عباس تم قتله، وفى المسرحية التى يكتبها بهجت قمر، المفروض أن يتم قتل حميدة، فأجابنى محفوظ: طبعا حميدة لا يمكن قتلها، لأنها صورة تعبيرية عن مصر.

وأشارت زايد إلى أن العمل التلفزيونى لثلاثية محفوظ كان أجمل وأعمق من الفيلم السينمائى، قائلة: أنا فعلا طلعت السلم، بعد هذه الأعمال التى أديتها لأستاذنا الكبير نجيب محفوظ.

وتحدث الفنان عزت العلايلى، مشيرا إلى صعوبة الحديث عن نجيب محفوظ، قائلا: أنا أكثر واحد قدم أعمال عن محفوظ، وكنت دائما أقرأ أعماله، وأسعد بها، وأتمتع بكل شخصياته، وأسمعها وهى تتحدث، وأشوفها صورة، وأظل مع الصفحات مستمتعا، وعندما أدخل للتصوير، كنت أشعر بأسعد لحظات حياتى.

وأشار العلايلى، إلى أنه التقى بمحفوظ فى إسكندرية عام 1967، لأول مرة، عندما كان يصور عمله "ميرامار" وجلست معه وكان وقتها يجلس مع توفيق الحكيم، مضيفا: كانا يتحدثان معى ببساطة، كأننى ندا لهما، لذلك أرى أن الموضوعات الروائية قلت نتيجة قلة الفلسفة فى العالم، لأن الفلسفة التى درسها محفوظ، جعلته يجمع بينها وبين الأدب والدراما.

ولفت العلايلى النظر إلى الصدمة التى شعر بها عندما حدثت بها النكسة، وكان نفس الشعور لدى "إريك لوروا" رئيس تحرير اللوموند الفرنسية، والذى تعرف عليه بواسطة المخرج السينمائى يوسف شاهين، وأضاف العلايلى: قلت لشاهين، لماذا لا يكتب محفوظ هذا الموضوع؟ سأذهب إليه لأقترح كتابته هذا الموضوع.

وقال العلايلى: ذهبت وقتها لمحفوظ، وكان وقتها مستشارا لوزارة الثقافة، وقلت له: نفسى تكتب عملا عن النكسة، كى نقدمه للسينما، فوجدته يقول لى: أه ليه لأ، أنا عارف إن يوسف شاهين مجنون، لكن اتركنى 15 يوما.

وتابع العلايلى: عدت له بعد 15 يوما، فوجدته كتب صفحتين غاية فى الروعة، كانا باكورة عمله "الاختيار" عكس فيهما انقسام الانسان المصرى، وأثناء عرض الفيلم، كانت ماكينة الصوت لا تعمل، وتم توجيه شتائم لى، أثناء العرض، واتضح فيما بعد، أن المتفرج المصرى اعتاد على طريقة حديث الممثلين، إنما الفيلم لم يعتاده المتفرجون.

وأشار العلايلى إلى أن ثانى أيام عرض الفيلم، توجه للقاء السيدة أم كلثوم، ولم يكن سعيدا بما حدث فى العرض الأول من توجيه للسباب، فسألته أم كلثوم عما حدث، فشرح لها يوسف شاهين ما حدث.

وقال العلايلى: أم كلثوم قالت لى ربنا أعطاك موهبة، تفتكر دى أنت اللى عملتها، أم ربنا؟ فقلت لها: ربنا طبعا، فقالت: تفتكر ربنا سيتخلى عنها؟ فأسعدنى هذا الكلام، واستعدت ثقتى فيها.

وتحدث الناقد السينمائى كمال رمزى، مشيرا إلى أن محفوظ كان يلمس بعصا من نور، أى شخص يقرأ له، مضيفا: هناك نوع من الضياء خاص بنجيب محفوظ، يشعر به كل من اقتربوا منه.

وتحدث رمزى عن قدرة نجيب محفوظ على الإصغاء، ووصفها بالمذهلة، مشيرا إلى أنه كان يصغى بجدية لأى كلام، حتى لو كان كلام فارغ، مضيفا: اكتشفنا فيما بعد أن كل الكلام مهم، حتى لو كان كلام فارغ، وهو ما كان يؤمن به محفوظ.

وقال رمزى: عام 1955 عمل محفوظ فيلما مع نيازى مصطفى بعنوان "فتوات الحسينية" وجسد محفوظ معانى للفتوات لم تحدث من قبل، ومجموعة الفتوات الذين ظهروا عن رواية الحرافيش، كل منها له رونقه، وله معناه الخاص.

وتابع رمزى: من العلامات التى يتركها محفوظ مضيئة، عند الممثل، فكل الممثلين، يؤكدون أن أفضل أفلامهم كانت روايات محفوظ، حيث يستطيع محفوظ اكتشاف قانون الأشخاص، وقانون الواقع.

وتحدث الكاتب محمود قاسم مؤلف كتاب نجيب محفوظ بين الفيلم والرواية، مشيرا إلى أن هناك علاقة بين النص الأدبى والنص السينمائى، مضيفا: قمت بتحليل مائة فيلم مأخوذة من مائة نص، ووجدت أن محفوظ حبس أبطاله فى أماكن ضيقة، خاصة فى مجموعة الروايات التى قدمها قبل الثلاثية، وأغلبها عنواينها مشتقة من أسماء الأماكن، مثل قشتمر وزقاق المدق، وغيرها، لكن رواية السراب المكتوبة فى نفس الفترة، أخذت عنوانا مختلفا.

ولفت قاسم النظر إلى أن اللعنة لاحقت كل الشخصيات التى حاولت الخروج من المكان، فماتت حميدة، عندما خرجت من زقاق المدق، ومات عباس الحلو كذلك، وكذلك شخصيات الحرافيش وغيرها، فهو ملعون من يفكر فى التمرد على المكان الذى نشأ فيه.

وتحدثت الناقدة أمانى فؤاد حول العلاقة بين المشهد الروائى والمشهد السينمائى، مشيرة إلى أن محفوظ عشق السينما، وعشق المشهد، من خلال الفنون التشكيلية، ومحاولة وصفه للوحات أدبيا، وهو ما أثر على طريقة تكوين المشهد عند محفوظ.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة