فى هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر تأتى فكرة ائتلاف الأحزاب –لا اندماجها– لتصبح أولوية سياسية ووطنية لأسباب كثيرة منها أن المجلس العسكرى حتى الآن لا يجد نخبة موحدة ومعبرة عن قطاعات كبرى من الشعب المصرى، وتستطيع أن تكون شريكا مدنيا حقيقيا يعاون المجلس العسكرى على إنهاء مراحل التحول الديموقراطى ونقل الحكم إلى المدنيين وإنهاء فترة الحكم العسكرى فى أقرب فرصة.
وكل التشكيلات المختلفة من ائتلافات واتحادات ومسميات مختلفة كانت بلا معنى، لأنها لم تعبر إلا عن أفرادها الذين لا يتجاوزون بضعة عشرات وليس لهم أى حيثية وليس معهم تفويض من أحد ليتكلموا باسم المصريين، أما ائتلاف الأحزاب الحقيقية ومعها قوى المجتمع المدنى الفاعلة فسيحل مشكلة التمثيل وسيضمن رعاية وحماية منجزات الثورة واستكمال تحقيقها.
كذلك يأتى منطق المنتقدين لائتلاف الأحزاب مجافيا للمنطق، إذ يطلب هؤلاء ويصر بعضهم –للأسف– على استمرار حالة الاستقطاب السياسى بين التيارين الإسلامى والليبرالى ويشعل بعضهم النار حرصا على مصلحة حزبية أو شخصية ضيقة، ضاربا عرض الحائط بمصالح الوطن العليا، رغم أن الثورة لم تنته بعد ولم تحقق أهدافها كاملة وتحتاج من جميع الأطراف درجة عالية من التوحد والترابط والاصطفاف الجمعى كما حدث بميدان التحرير، حتى تنجح الثورة وتفشل مخططات إجهاضها التى تهددنا جميعا.
لم يحن الآن وقت التنافس الحزبى والاستعلاء الأيدولوجى، الكل فى خطر، وقد تنتكس الثورة ولا تكتمل خطواتها، ومجرد التفكير الآن فى البحث عن مصالح حزبية ضيقة أو نشر أفكار أيدولوجية معينة، هو طعنة تصيب الثورة فى مقتل، وكل حزب أو تيار سيبحث عن نصيبه فى التركة ويجعله أولوية عن مصلحة الوطن، لن يغفر له التاريخ ولن يسامحه المصريون الذين كانت ثورتهم شعبية بامتياز ولم يكن لأى فصيل سياسى فضل فيها، بل كان الجميع شركاء بلا استثناء.
الاستقطاب السياسى والصراع الحزبى الآن يصب فى مصلحة أعداء الثورة الذين يعملون بجد واجتهاد لإجهاضها.. إن معركة جميع الأحزاب والقوى السياسية الآن ليست بين بعضهم البعض، بل هى معركة واحدة أمام فلول الحزب الوطنى التى أعادت تجميع نفسها وتتم الآن تحالفات وتربيطات انتخابية مع أطراف قبلية وعائلات معروفة للحصول على ما يقرب من ثلث مقاعد البرلمان القادم عبر الدفع بوجوه جديدة غير محروقة إعلاميا لتضمن الحفاظ على مصالح هؤلاء ولتستعد للعودة بقوة للحياة السياسية المصرية، وهناك معلومات مؤكدة أن عددا من الأحزاب التى سيتم إشهارها قريبا هو واجهة جديدة للحزب الوطنى ويقود هذه العملية بعض الوجوه القديمة للحزب التى كانت تصف نفسها بأنها وجوه إصلاحية.
استمرار حالة التشرذم والصراع اللامنطقى تغرى هؤلاء وغيرهم بإعادة عقارب الساعة للوراء وامتصاص طاقة الدفع الثورى، وكأن شيئا لم يحدث على الإطلاق، لذا ففكرة الائتلاف الحزبى هى الآن أولوية المرحلة، وهو تحالف مؤقت، أهدافه الأساسية ثلاثة، أولها: أن يتم وضع الدستور بشكل توافقى يعبر عن كل المصريين وليس فقط عن تيار معين، وثانيها: محاصرة فلول الحزب الوطنى والنظام البائد وإبعادهم عن المشهد السياسى عبر وحدة الصف الوطنى والتنسيق الانتخابى الذى يحقق الأغلبية للقوى الوطنية، وثالثها: ضمان وجود شريك مدنى حقيقى يتابع مع المجلس العسكرى استكمال خطوات التحول الديموقراطى ونقل السلطة للمدنيين.
إن الطريق لحماية الثورة واستكمالها واضح لا لبس فيه، ولكننا نحتاج إلى مفاصلة شعورية نعلى بها مصلحة الوطن عن مصالح أحزابنا وذواتنا الشخصية، إذا لم نتحل بالنضج الكافى وننحى –ولو بشكل مؤقت- خلافاتنا الحزبية والأيدولوجية ونجلس مع خصومنا السياسيين لنتحد فى مواجهة الخطر المشترك، لن يسامحنا التاريخ وستقول الأجيال القادمة عنا: هؤلاء هم من أجهضوا الثورة حين تفرقوا وتنازعوا.
الدكتور مصطفى النجار يكتب :ائتلاف الأحزاب واجب من أجل مصر وإنقاذ الثورة
الأحد، 19 يونيو 2011 04:11 م
مصطفى النجار<br>
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رمضان عبد الخالق
أحترم رأيك يا دكتور
عدد الردود 0
بواسطة:
ايناس احمد
كلام موزون يستحق الاهتمام
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد المصري
هل من مجيب
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد غنيمان
احترم هذا الكلام وادعمه
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed
كلام محترم
عدد الردود 0
بواسطة:
Yasser
لا للإلتفاف علي إرادة الشعب
عدد الردود 0
بواسطة:
mando
كلام محترم
عدد الردود 0
بواسطة:
م.ناصر
نعم يا د. النجار اتفق معك
عدد الردود 0
بواسطة:
- متابع .....
........ الى السيد / رقم ( 6 )
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر النجار
لا لليبراليين