مخترعو مصر على رصيف الثورة.. عقول نابغة تشكوا الإهمال وغياب التمويل و"تفاهة الإعلام" ويتساءلون: لماذا لم نتغير بعد 25 يناير؟.. ومطالب بتبنى منظمات المجتمع المدنى لهم وتفعيل دور أكاديمية البحث العلمى

السبت، 18 يونيو 2011 05:47 م
مخترعو مصر على رصيف الثورة.. عقول نابغة تشكوا الإهمال وغياب التمويل و"تفاهة الإعلام" ويتساءلون: لماذا لم نتغير بعد 25 يناير؟.. ومطالب بتبنى منظمات المجتمع المدنى لهم وتفعيل دور أكاديمية البحث العلمى صورة ارشيفية
كتب محمد فتحى وهدى زكريا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى تمام الثانية صباحًا، أثناء رحلته إلى نويبع، فوجئ سائق أتوبيس إحدى شركات النقل بصوت إنذار يدل على حريق داخل الأتوبيس، وقف على جانب الطريق وفى أقل من دقيقة واحدة تم إطفاء الحريق تمامًا دون أن تمتد إليه يد.

انطفاء الحريق أوتوماتيكيًا وفى هذا التوقيت القياسى لم يكن من باب "المصادفة" أو "السحر والشعوذة" لكنّه نتاج اختراع مصرى خالص، يطلق عليه جهاز الإنذار والإطفاء الآلى للسيارات.

"مخترعو مصر".. لم تصدأ عقولهم رغم محاولات ممنهجة للتغييب والإقصاء، ولم يفقدوا الأمل فى أن تمتد إليهم أيادٍ تتبنى اختراعاتهم وتحول أحلامهم إلى حقيقة تعم فائدتها على المجتمع بأكمله.. لكنهم، كما يقولون، صُدموا بعد الثورة لأن أحلامهم التى عادت تداعبهم مجددًا بعد سقوط النظام السابق تبخرت جميعها على أرض الواقع الذى لم يتغير.

تعود قصة "جهاز الإنذار والإطفاء الآلى للسيارات" إلى عام 1993، حين قرر أيمن عوض زايد، فنى سيارات، أن يبتكر أسلوبًا كهروميكانيكيًا يمكنه من إخماد الحرائق التى تشب فى السيارات والحافلات.. قضى زايد، على حد قوله، عشرة أعوام ترك فيها عمله بالسعودية من أجل الوصول إلى هذا الاختراع، الذى خرج للنور عام 2003.

يقوم الجهاز، على دائرتى إنذار وإطفاء، تكون الأولى مسئولة عن تنبيه السائق إلى وجود حريق فى أحد أجزاء الحافلة بإشارتين إحداهما صوتية والأخرى ضوئية، وتقوم الدائرة الثانية أوتوماتيكيا بإطفاء الحريق، حيثُ تنطلق المواد المسئولة عن الإخماد عبر مواسير يتم تركيبها داخل جسد الحافلة إلى موضع الحريق.

يقول زايد، الحاصل على براءة اختراع محلية عام 2003، وأخرى دولية عام 2005 :"أنفقت أموالاً كثيرة من أجل هذا الاختراع، وقررت العام الماضى "تسوية معاشى مبكرًا" من أجل التفرغ التام له"، مضيفًا: "التمويل هو الأزمة الرئيسة التى واجهتنى منذ بدء العمل فى هذا الاختراع، وحين وقعت عقدًا مع شركة حلوان للصناعات الهندسية "مصنع 99 الحربى سابقًا" كان من شروطه أن أتحمل تكاليف الجزء الأكبر من صناعة الجهاز على أن يقوم المصنع ببيعه مقابل هامش ربح بسيط أحصل عليه".

ويعدد المخترع الـ 47 مزايا فى جهازه، ممسكًا بين يديه شهادات إشادة بما حققه، قائلاً: "الميزة الرئيسة فى الجهاز أن "عمره طويل" واحتمالات الخطأ فى عمله غير واردة على الإطلاق، كما أن استخدامه ليس قاصرًا على الحافلات والسيارات ولكن يمكن تركيبه فى المخازن الكبرى وحتى فى المنازل" ويضيف: "هناك 108 أتوبيسات تستخدم الجهاز فى الفترة الحالية، وقد نجح فى إخماد حرائق 18 منها.

شكوى زايد الرئيسة تتمثل فى الإعلام الذى يهتم بـ"التفاهات"، على حد قوله، ولا ينتبه إلى المخترعين الذين يحاولون إفادة المجتمع بابتكاراتهم ويقول: "توقعت بعد الثورة أن يتغير الأمر كليًا، لكنّ أجندة الاهتمامات لم تتغير كثيرًا، وما زال هناك تجاهل للمبتكرين والمخترعين، حتى الآن لم تصل رياح الثورة إلينا لنجد من يساعدنا على محاولات النهوض بمصر خلال المرحلة المقبلة".

كما يشكو أيضًا من سوء الإدارة التى جعلت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى تخصص 2.5 مليون جنيه لمساعدة الابتكارات نصف الصناعية، دون أن تخصص ميزانية أخرى للاختراعات التى تم تطبيقها على أرض الواقع وتبحث عن ممول.

الأزمة الرئيسية التى تواجه المخترعين فى مصر، عدم وجود ممول يتبنى ابتكاراتهم ويدعمها، بالإضافة إلى غياب الوعى المجتمعى بأهمية هذه الاختراعات، فضلاً عن عدم تسليط الضوء الإعلامى عليها "..الأسباب الثلاثة السابقة لخصت بها جانيت إبراهيم يوسف، رئيس جهاز تنمية الابتكار والاختراع أزمات المخترعين المصريين.
وأضافت: "إذا تبنى المجتمع ابتكارات المخترعين وقام بتمويلها فسنحقق طفرة كبيرة، وسيكون لدينا خلال سنوات "زويل" جديدًا" متابعة: "نسعى لتسويق هذه الابتكارات ونبذل مجهودًا شاقًا من أجل ذلك، لكن المحصلة النهائية ضعيفة".

هل جربت يومًا أن تطفئ أضواء غرفتك وتقرأ على ضوء القمر المنبعث إليك من النافذة، ربما تكون التجربة مُرهقة وفشلها محسوم.. دعك من النافذة وضوء القمر، هل حاولت يومًا أن تطفئ الأنوار جميعها ثم تغلق النافذة وتقرأ على الضوء المنبعث إليك من الرخام الذى يكسو أرضية حجرتك؟.

التجربة الأخيرة، ليست خيالاً وكاتب هذه الأسطر لم يصبه الجنون، لكنها حقيقة تمكن من تطبيقها مخترع مصرى اسمه عبدالله أحمد عبدالله يعمل فى تصنيع الرخام.

فكرة الاختراع تولدت فى ذهن عبدالله، الذى لم يكمل تعليمه مكتفيًا بالحصول على شهادة الثانوية العامة، من رخام "الأونكس والأباستر" الذى تراه داخل المساجد مفرغًا من الداخل لوضع "لمبة صغيرة" تعكس ضوءًا خافتًا.

يقول عبدالله: "تساءلت كثيرًا، لماذا لا أقوم باختراع رخام مضىء، لديه القدرة على الإنارة بذاته دون القيام بتفريغه من الداخل ووضع "لمبة" مضيفًا: "حاولت كثيرًا الوصول إلى طريقة أتمكن بها من ذلك، وبعد عناء وجهد طويل توصلت إلى مادة فوسقورية ذات تركيبة خاصة يتم تعشيقها فى ألواح الرخام لتجعله قادرًا على الإنارة ذانيًا".

يضيف المخترع ابن الـ 45 عامًا: " الرخام المضئ موفر للطاقة، فيكفيك إنارة الغرفة التى تتواجد بها خمس دقائق فقط، ثم ينير الرخام ذانيًا لمدة تصل إلى ثلاثين دقيقة".

أزمات هذا المخترع متعددة، فهو أولاً يجد صعوبة فى تسجيل براءة اختراع دولية بسبب مصاريفها المرتفعة، وثانيًا لا يجد من يموله ويساعده على تعميم تجربة الرخام المضىء فى أماكن مختلفة تضمن توفير الطاقة وتحقيق لمسة جمالية ساحرة وفوق كل هذا لديه حالة "غضب شديد من التجاهل التام له ولاختراعه".

يقول عبدالله: "إذا تبنت الدولة هذا المشروع، فبإمكاننا إنشاء مصنع متخصص فى إنتاج الرخام المضىء يوفر فرص عمل للشباب، كما أن إنتاج متر الرخام المضىء لا يكلف أكثر من عشرة جنيهات فى حين يتخطى سعر متر الرخام الأباستر الألف جنيه".

ولم تقتصر شكوى هذا الرجل عند حد التجاهل الرسمى، الذى ما زال قائمًا على حد قوله بعد قيام الثورة وسقوط النظام السابق، لكنها امتدت إلى وسائل الإعلام، حيث قال: "الإعلام لا يهتم بالمخترعين والمبتكرين على الإطلاق، وحين تحدث معى بعض الصحافيين فى وقت سابق لم يهتموا بمتابعة الاختراع أو محاولة تبنيه وإيصاله للمسئولين وهو ما أصابنى بإحباط بالغ".

"أكاديمية البحث العلمى كانت تمول المشاريع الكبيرة فقط، أمّا المشاريع الصغيرة والمتوسطة فلا تجد من يدعمهاعلى الإطلاق".. سببُ حددته الدكتورة نادية إبراهيم، خبير براءات اختراعات بالمحاكم الاقتصادية بوزارة العدل ومتحدث دولى للملكية الفكرية للأزمات التى يعانى منها كثير من المخترعين المصريين.
وألقت إبراهيم "الكرة" فى ملعب منظمات المجتمع المدنى قائلة: "لابد من توفير التمويل اللازم من جانب مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الخاصة حتى يشعر المخترع بالثقة فى مشروعه ويتأكد المجتمع من أن هناك مخترعين يمكن أن يُستفاد منهم"، مشيرة إلى أن هذا الحل هو الآمن والأكثر سرعة خلال المرحلة الحالية التى تحتاج لتضافر جميع الجهود للنهوض بمصر.

حالة ثالثة لمخترع مصرى أربعينى العمر أيضًا، لكنه يختلف عن سابقيه، إذ أعلن ترحيبه بتبنى اختراعه من أى دولة أجنبية بعدما "نشف ريقه" من محاولات الوصول لمتبنٍ مصرى يدعمه ويعمم فائدة اختراعه على المجتمع.

أما أسامة عبد القادر، فهو مخترع مصرى ابتكر عام 2000 جهازًا لحماية البيئة من التلوث والانبعاثات السامة الناتجة عن الأنشطة الصناعية، وعانى منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا وهو يعانى، على حد قوله، للبحث عمن يتبنى اختراعه.

يقول عبد القادر عن اختراعه: "الجهاز يقوم بتحويل أول أكسيد الكربون وثانى أكسيد الكربون وثانى أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين والجسيمات الكربونية الصلبة إلى خليط من الرواسب الغنية بمركبات الكالسيوم، ويقوم أيضًا بحماية البيئة من خطر الانبعاثات المسرطنة الناتجة عن المحارق الملحقة بالمستشفيات وهو ما يُجنب مصر خطر السحابة السوداء ويؤدى إلى تخفيف حدة ظاهرة الإحتباس الحرارى.

الأزمة الرئيسة لعبد القادر تتلخص فى اقتصار دور أكاديمية البحث العلمى على "عقد المؤتمرات والندوات" للمخترعين دون أن تبذل جهدًا كبيرًا لنشر الابتكارات أو القيام بدور حلقة الوصل بين المخترع وبين الممول أو حتى تمويل هذه الابتكارات.

والجهاز يتكون من ثلاث وحدات.. الأولى تسمى "حقن هوائى" ويتم فيها الخلط بين الهواء الجوى والانبعاثات الناتجة عن عملية الاحتراق والثانية وحدة "تبريد وتكثيف" ويتم فيها تبريد الانبعاثات وتجميع للجزيئات أما الوحدة الثالثة فهى "التفاعل الكميائى" وفيها يتم الخلط بين المواد الكيماوية وجزيئات الانبعاثات السامة الناتجة عن عملية الاحتراق فيحدث تفاعل ينتج عنه خليط من المركبات الغنية بالكالسيوم.

ويتابع عبد القادر حديثه عن معاناته منذ ابتكر هذا الجهاز قائلاً: "طوال سنوات عديدة ظل هذا الجهاز الحاصل على براءة اختراع عام 2000 حبيسًا فى أدراج أكاديمية البحث العلمى، وحتى حين وعدنا الدكتور ماجد الشربينى، رئيس أكاديمية البحث العلمى، قبل أشهر بتمويل المشروعات عن طريق بعض الجمعيات الخيرية لم يحدث شىء ولم يتعد الأمر حيّز الندوات والمؤتمرات التى تتحدث عن الاختراعات فقط".
واختتم المخترع المصرى حديثه متسائلاً: "لمصلحة من يتم تجاهل هذا الجهاز الذى لن يكلف أكثر من 20 ألف جنيه فقط، فى الوقت الذى تقوم فيه وزارة البيئة باستيراد فلاتر يكلف الواحد منها ما يقرب من 120 ألف جنيه وسرعان ما تتعرض للانسداد والتلف".

التساؤلات التى طرحها المخترعون الثلاثة السابقون نقطة صغيرة فى بحر الشكاوى والأزمات التى تعانيها "صفوة عقول مصر" والتى كانت وما زالت تبحث عمّن يقدرها أولاً ويمولها ثانيًا، وهى إنذار بأن رياح الثورة التى هبّت على المصريين قبل أربعة أشهر لم تصل إلى مجالات عديدة تحتاجها وتحتاج من يمد لها يد العون لتعبر بمصر إلى طريق الأمان على الضفة الأخرى.






مشاركة




التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد قوشتى

انصر بلدك بالعمل وقاوم الجهل والبطالة والرشوه

عدد الردود 0

بواسطة:

mahmoud ahmed

لا تعليق

لا تعليق

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد الشاعر

الطابور السادس

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد رياض

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد رياض

اليوم السابع

الله يسامحك

عدد الردود 0

بواسطة:

سلوى

وعاطلين مصر على الرصيف ايضا

عدد الردود 0

بواسطة:

beroo12

التعاون لبناء مصر

عدد الردود 0

بواسطة:

ام مريم

العاطلين المؤهلين هم ايضا بدون عمل من سنه 1985

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة