مع كل نسمة نتنسمها من نسائم الحرية، تقع على كل واحد منا مسئولية الحفاظ على هذه الحرية، بل ومسئولية كيف نستطيع أن نحيا فى هذا الجو من الحرية؟
ما أصعب وأذل الحياة فى ظل القيود والمنع والحرمان، ولكن فى ظل ظروف عدم الحرية التى عانى منها الشعب سنوات وسنوات، بل أكاد لا أبالغ إذا قلت إننا كشعب مصرى عانينا من عدم الحرية وحكم الغرباء قرونا وقرونا، فى ظل فرض الهيمنة والقوة من الخارج أو التسلط من غير المسئولين فى الداخل وصل الكثير من الشعب المصرى إلى مرحلة ترك التفكير السياسى فى مرحلة وصل فيها مجرد الرأى السياسى تهمة- دون سند قانونى– تستوجب المساءلة، وأصبح الكثيرون يرحبون بمن يأخذ القرار نيابة عنهم حتى ولو كان القرار به الكثير من المغالطات.
فى ظل سنوات الظلم والجهل فقدنا الكثير من المبادئ الأساسية فى الحياة، حتى مبادئنا الاجتماعية أصابها الكثير من الخلل، يستثنى من ذلك كل من حافظ على عماد أسرته وقوتها، أقول خلل فى المبادئ الاجتماعية فالحياة النظيفة التى كان يريد أن يحياها المواطن العادى كانت حياة صعبة، تمسك البعض بالمبادئ والقيم أما الكثيرون فانقادوا من أجل أن تستمر عجلة الحياة حتى قيل: "فى كثير من الدول يدفع المواطن رشوة ليحصل على مميزات ليست من حقه، أما فى مصر فيدفع المواطن رشوة ليحصل على حقه "شىء كان صعبا ومؤسفا جداً لأننا لا نتكلم عن كوكب آخر، بل عن حياة رأيناها بأعيننا.
فى وسط كل هذه الأجواء، فى وسط مرحلة البحث عن رغيف العيش، والموت أحياناً فى طوابير العيش، وسط حرمان الشعب من الاحتياجات الأساسية حتى يطالب بها الشعب باستماتة وعندما تعطى له تعطى له كمنحة وليس حقا طبيعيا يأخذه إنسان يتعب ويعمل ويكافح من أجل أسرته ومن أجل وطنه أثناء الإحساس بالخطر، وسط كل هذه الظروف لم يتعلم الكثيرون كيفية اتخاذ القرار، فالمسئول يتخذ ما يراه مناسباً من قرارات دون مساءلة أو شبه مساءلة وكيف المساءلة؟ فالمسئول اعتاد على ترك منصبه فى حالتين، إما تنتزع روحه منه أو يترك المنصب بعد أن يصيبه الملل بعد عشرات السنوات من احتكار الكرسى.
طوال السنوات الماضية كان المواطن البسيط مسئول عن بعض الأمور وأمور أخرى لم يكن مسئولا عنها، أما الآن فكلنا فى وضع المسئولية: كل فرد مسئول عن أمانته وإخلاصه فى العمل الذى بين يديه، مسئول أن يبذل كل جهده بأمانة، مسئول أيضاً أن يأخذ حقه بالكامل، ولا يترك حقه لأنه لا يملك الواسطة أو الرشوة، مسئول أن يتابع ويراقب ويشجع أحياناً وينتقد أحياناً أخرى كل قرار يصدر من مسئول- لا من أجل أهواء شخصية ولكن من أجل مصلحة وطن بالكامل– بل وأيضاً مسئول عن تثقيف ذاته وأن يتعلم كيفية المشاركة السياسية، يتعلم كيفية الحوار الناجح، يتعلم كيف يشجع وكيف ينتقد، يتعلم أن يحلم ويحلم ويبذل كل جهده من أن يصل لهذه الطموحات.
المستقبل الذى نريده هو المستقبل الذى يبنى الآن.... فماذا نريد لمستقبلنا؟؟؟ هلم نبنى وطننا من جديد ولا نكون متفرجين على الأحداث، هلم نصنع وطنا يعتمد على أصالة وعراقة أدهشت العالم أجمع، تحتاج هذه العراقة لأسس بناء المستقبل الحديث.
إنها دعوة لنا جميعاً للمشاركة بكل الطرق المشروعة، وإن كانت الدولة منحت حرية تكوين الأحزاب، فياليتنا جميعاً ندرس هذه الأحزاب ونشارك فى الحزب الذى نراه يعبر عن آمالنا وطموحاتنا ويشعر بآلامنا وإحتياجاتنا، من أجل وطن يشهد التاريخ بقوته، كان قويا وسيظل قويا إلى ما شاء الله.
