معصوم مرزوق

كل ثورة وأنتم بخير!!

السبت، 18 يونيو 2011 04:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أحد الاختبارات الشفوية، أجاب شاب عن سؤال حول ما يعرفه عن ثورة يوليو، فقال بثقة العارف الفاهم: الثورة هى التى اغتصبت سعاد حسنى فى الكرنك، وهى التى سلمت أرض مصر لليهود، وهى التى سرقت أرض جدى الباشا …
قال له كبيرهم: مبروك يا بنى.. أنت ناجح.
فأجاب الشاب فى خجل عذرى: مرسيه يا أونكل!!
من بين ضباب الزهايمر كان ذلك الشيخ الوقور ذو المكانة العالية يحاول أن يتذكر بصعوبة، إلا أن عقله لم يسعفه لكى يقول للمذيعة الشقراء إن الثورة وفرت له التعليم بالمجان، وإن أباه الأسطى سيد العجلاتى لم يكن باستطاعته الإنفاق على تعليمه مع أشقائه، لقد نسى تماماً البعثة الدراسية التى وفرتها له تلك الثورة فى أحد بلاد الفرنجة كى يعود بلقب «الدكتور» الذى يتباهى به على خلق الله، لم يعد يتذكر نشاطه المحموم فى الاتحاد الاشتراكى وهتافاته لتحالف القوى العاملة ولمجتمع الكفاية والإنتاج، وكأن تلك الفترة من حياته قد غرقت فى محيط الزهايمر، إنه يتذكر فقط فترة دراسته المتفوقة فى بلاد الفرنجة، ويقول للمذيعة لقد أرهقت والدى بنفقة دراستى الباهظة فى الخارج، فتقول له المذيعة برقتها المعهودة: سيادتك يا أفندم قدوة لشباب لمصر!!، فيهز رأسه فى تواضع وهو يتبسم كذئب عجوز، ويقول فى حكمة دون أن تطرف له عين: «لقد كان من أكبر أخطاء الثورة أنها علمت الناس الكسل والكذب».

سيدة أخرى أكل عليها الزمن وشرب، تحاول أن تثبت أسنانها الصناعية كى تحكى لثلة من النسوة، هن بدورهن من مخلفات الزمن، تقول لهن عن أيام القصور وليالى ألف ليلة وليلة التى تمتعت بها فى شبابها قبل الثورة الملعونة، عن أناقة سيدات المجتمع المخملى، وعن جمال عيون أفندينا، وليبرالية الأشياء، تقول فى قرف: «كان الباشوات زمان باشوات بصحيح»، فيؤمن النسوة على كلامها بهزات رؤوسهن التى تشبه أعجاز نخل خاوية.
لسبب أو لآخر تنسى هى أيضاً أن تروى دورها فى قصر الأمير، فهذه مسائل غير ضرورية، فكونها كانت وصيفة أو مصففة شعر ليس مهماً، وكونها ساعية للخير بين رغبات الأمير وبنات الناس ليس من شأن أحد، لقد حرمتها الثورة من موائد القمار، وساحات العهر المحترمة..

شاب آخر يقول لأصحابه بفخر إن جده كان إقطاعياً يملك زمام قرية كاملة بمن عليها من بشر ودواب، ولا يزال أهل القرية يذكرون أنه فى شهر رمضان كان يمد لهم سماط الطعام، ويوزع عليهم قماش الجلاليب فى المواسم والأعياد، ثم يستدرك قائلاً إن هؤلاء الفلاحين الملاعين ناكرى الجميل أخذوا أرضنا بعد الثورة، وحتى القصر الذى كانت الأسرة تتجمع فيه من حين لآخر حولوه إلى مركز للشباب، وأصبح زريبة. كان أصحابه يستمعون إليه فى أسى، ولكن أحدهم قال له إن لاعب كرة القدم الشهير «فلان» ذكر فى حديث تليفزيونى أنه تلقى تدريباته الأولى فى مركز الشباب المذكور، وإن نفس المركز خرج منه كاتب شهير كان يتحدث عن المكتبة العظيمة التى فى هذا المركز.. قاطعه الشاب المكلوم بغضب قائلاً: هذه كانت مكتبة جدى. لم يذكر هذا الشاب ولو لمرة واحدة أن جده لم يقرأ كتاباً واحداً فى هذه المكتبة، فقد كان يقتنى الكتب كى تدخل فى ديكور القصر البديع، ليس إلا.
نعم.. لكل أجل كتاب، وألف رحمة ونور على من ماتوا مخدوعين، ولم يعد غريباً أو مستهجناً أن ينادى البعض بعودة الفرنجة كى يصلحوا ما أفسدته الثورة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل صدقى

مفارقة عجيبة

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالمطلب / اســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوان

الى الاستاذ معصوم مرزوق 00

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

لماذا يحدث ذلك فى بلادنا ؟

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة