هل حققت الثورة التغيير المرغوب فيه؟، هل نجحت فى تعديل نهجنا وطريقة تفكيرنا؟، هل غيرت من أسلوب حياتنا؟.
كثيرة هى الأسئلة التى تحوم حول الثورة وجدواها وما حققته خلال ستة أشهر، ولعل ما يشغل فكر المفكرين، وبحث الباحثين الآن هو نتائج الثورة على المدى البعيد، وربط هذه النتائج والتداعيات فى الوقت الراهن بوضع الدولة والمجتمع على الأرض، وحال البلد الذى لا يزال فى وضع سيئ، والذى لم يتغير حال مواطنيه كثيرا بعد قيام الثورة.
ورغم قصر المدة التى مرت بعد الثورة، وهى ما يطلق عليها "المرحلة الانتقالية" فمن الظلم التاريخى والسياسى أن يتم الاعتداد بها والحكم على مستقبل البلد بهذه التسعة أشهر، إلا أن هناك مؤشرات قوية على الأرض تؤكد عدم جدوى الكثير من الأحداث والفعاليات، التى جرت منذ يناير الماضى، والتى اتبعت الثورة وحتى الآن، فالوجوه التى تمارس العمل السياسى ما زالت كما هى بكافة اتجاهاتها، وما زال الكثير منهم فى أماكنه يمارس عمله بأريحية، والثوار الذين دخلوا فى هذا الحراك السياسى وهو جديد عليهم لم يحترفوا هذا العمل بعد، بل انقسموا على أنفسهم وضل عنهم هدفهم، وامتصهم عتاة العمل السياسى، كما أن المجتمع المصرى لا يزال يغص فى ثبات عميق، اللهم إلا بعض حركات التمرد التى أصابت بعض أطياف المجتمع نتيجة الظلم فى توزيع الدخول وعدم وجود العدالة الاجتماعية، أما سلوك الأفراد داخل المجتمع فلم تنله يد التغيير فأعمال البلطجة فى ازدياد نتيجة ارتخاء قبضة الأمن، والغائبون عن العمل التطوعى والخيرى تشغلهم مصالحهم الشخصية ولا يأبهون للدعوات الموجهة للانخراط فى العمل العام، والذين مردوا على الكسب المادى والحسابات والأرقام مازالوا يطوفون حول خزائنهم ولا يهمهم تدنى مستوى سعر صرف عملة بلدهم مقابل العملات الرئيسية، أو انخفاض الاحتياطى للنقد الأجنبى من 36 ملياراً إلى 25 مليار دولار، فهل قام رجال الأعمال والاقتصاديون بعمل مشروعات تنموية للشباب وغيروا من نمط أسلوبهم فى الكسب المادى.؟، أم أنهم أجبن من رءوس أموالهم؟، هل التزم موظفو الدولة بالمواظبة على أوقات حضورهم وانصرافهم وصبروا حتى تعدل رواتبهم ومصروفاتهم؟، أم أنهم ينتظرون تعديل رواتبهم دون تعديل سلوكهم الوظيفى واحترام تعاقدهم مع الدولة؟.
الشرطة التى رفعت شعار خدمة الشعب لايزال أفرادها لا يخدمون مجتمعهم بعد فقد السطوة السابقة، ومنهم من لا يريد العمل إلا بتلك السطوة، ولقد رأيت بنفسى أحدهم يلمح لمواطن بأنه خدمه فى محضر التعدى الذى كتبه له، مما اضطر هذا المواطن أن يدفع له عشرة جنيهات على سبيل هذه الخدمة، وهى فى قاموس الشرطى والمواطن "إكرامية" وما هى برشوة، رغم أن الثورة قامت من أجل تغيير هذا الأسلوب.
كذلك الآلة الإعلامية للدولة لم تتغير وجوهها، فرموز وأقطاب الإعلام قبل الثورة لايزال معظمهم يجثم على صدور المشاهدين والمستمعين والقراء، وما تغيير النهج والأسلوب إلا من تداعيات المرحلة وما هى إلا تماشيا مع الوضع السائد لها.
إن المجتمع المصرى بعد الثورة ما زال كما هو لم يتغير سلوكه ولم يطرأ عليه أى تعديل، فالتغيير المنشود أتى من عل، ولم يأت على القاعدة العريضة للمجتمع، فالبلطجية لم يصبحوا دعاة هدى، والمرتشين لم تعف نفوسهم، ولم تمنع يد التغيير مد أيديهم، والتجار الذين غالوا فى الأسعار لم يرحموا مستهلكاً، واستغلوا نقص المعروض وزيادة الطلب فى بعض الأحيان فكان الغلاء رمزًا لبعض السلع بعد البوار، جاءتنا بعض الأزمات فلم تزرع فينا قيما إيجابية، بل أفرزت منا سوء السلوك والأخلاق، هل علمتنا أزمة الغاز خصلة الإيثار؟ أم جنبتنا أزمة السولار غلاء المواصلات، وبهظ التنقل لأهل الدار، وتكلفة نقل السلع والمستلزمات، واستغلال أصحاب النفوس الضعيفة من السائقين وتجار المواد البترولية للأزمة، لذلك فتجذر خصلة الأنانية أظهرت فى الأخلاق انحدار، هل ما زلنا نحلم بتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وحب الخير للغير، كما نحبه لأنفسنا، هل يناهنا الوازع الدينى ووجع الضمير أم أننا أصبحنا نقيس الأمور بمقاييس دنيا.
كنت أود ألا أكون من المتطيرين أو من المثبطين إلا أننا لا يزال أمامنا عشرات السنين حتى نتغير التغيير الذى يصبح البيئة التى تنضج فيها ثمرة الحرية والعدالة وتنمو فيه أغصان التقدم والرقى، وتبذر فيها بذور الثقة والعزة والكرامة ونكون يومها أهلا لثورة الحرية، وتكون حينها عوامل التقدم والبناء موجودة على الأرض، أرجو أن أعيش لأرى تلك الأيام.
نشأت النادى يكتب: هل حققت الثورة التغيير المطلوب؟
الخميس، 16 يونيو 2011 12:52 ص
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اكرم
من العنوان - ما أفسد في سنين - يلزمه مصباح علاء الدين
عدد الردود 0
بواسطة:
د مصطفى نصار
مبروك