فى الوقت الذى كان فيه العهد السابق يسعى إلى عرقلة إقامة أحزاب جديدة، ويحاول جاهدا أن يصنف اتجاهاتها فى جداول لكى نصل فى نهاية الطريق إلى حائط سد، فإن المدهش أن العكس تماما حدث بعد ثورة 25 يناير، حيث فوجئنا بأكثر من عشرين حزبا قد وافقت عليها لجنة الأحزاب.. وفى المقابل تقدم أكثر من هذا العدد بطلب إنشاء أحزاب أخرى.. ولا أعرف موقف لجنة شؤون الأحزاب من هذه الظاهرة التى لم تشهدها مصر على مدى تاريخها حتى قبل ثورة 23 يوليو 1952، وأنا بالطبع لا أعترض على إقامة أحزاب جديدة ولكنى أخشى أنه مع كثرة أعدادها نصل إلى مرحلة من التشتت والتفريق، فى وقت نحتاج فيه بأقصى سرعة وجدية إلى وحدة الصفوف.. فالقضية لم تكن أبدا فى عدد الأحزاب.. الكم لا يعنى.. وإنما الهدف هو الكيفية.. لأن الوقت لم يعد يسمح لنا بالتجريب، خاصة أننا لم نخرج بعد من عنق الزجاجة، ولانزال رهن الأوضاع الصعبة العصيبة، فالأمن لم يفرض سلطاته بعد بشكل متكامل.. إلى جانب خواء الكيان المصرى من برلمان ورئيس منتخب، وبالتالى فإن الخوف كل الخوف من تشتيت القوى الوطنية وتحويلها إلى جزر متناثرة لكل منها هدف يخالف الآخر.. أو حتى لو التقى مع الآخر فإن الخلاف فى الجذور هو الذى سيظل سائدا، ولن تفلح فى تجميع القضايا المصيرية للشعب المصرى.. نحن فى حاجة إلى حراك سياسى وإلى كيانات تتنافس وإلى آراء تتصارع نحو الوصول إلى أفضل الحلول، إلا أننا أيضا لا نسعى إلى تشكيل كتل مظهرية أو مجرد شكليات وإعلانات والحصاد من ورائها لا يتجاوز الصفر.. نحن فى حاجة إلى إعادة تقييم الأحزاب المصرية وتعريف المزيف منها، حتى لا يبقى عائقا أمام الجدية فى الحياة السياسية، وبالتالى يمكننا أن نواصل المسيرة فى أمان بعيدا عن مخاطر المغامرات غير المحسوبة، والتى لا يقدر صناعها ماذا تخلف على المدى البعيد.. وهناك دول عانت كثيرا من كثرة عدد الأحزاب، مثل إيطاليا التى تسببت الصراعات فيها إلى تغيير الحكومات بصورة غير رشيدة تدفع المجتمع كله إلى عدم الاستقرار، وهو ما يؤخر مسيرة ومشوار الشعب، وفى المقابل فإن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها لا توجد فيها هذه الأحزاب بهذه الكثافة، مما يتيح للبرلمان وللحكومة العمل بجدية وهدوء بدون الاقتراب مما يفرق ولا يوحد، ولكن فى مصر وسط عدم الاستقرار السياسى الذى نعيشه نجد أن القرارات تتضارب وتتدخل فيها أهواء وصراعات، فقد بدأت لجنة شؤون الأحزاب بقرار يؤكد عدم إعلان أى حزب على أساس دينى سواء إسلامى أو مسيحى، ولم يستمر هذا القرار سوى أكثر من أسبوعين تقريبا لنجد أن هناك حزبا قد تم إعلانه للإخوان المسلمين تحت اسم «حزب الحرية والعدالة» وفى المقابل حزب الوسط وهو حزب إسلامى أيضا، إلى جانب التقدم بحزب مسيحى مصرى. وبهذا المفهوم فإن كثرة الأحزاب ستتحول إلى أزمة سياسية، فكل الكيانات المصرية فى طريقها إلى الانقسام مثلما حدث فى مجموعة ائتلاف الثورة التى صارت أكثر من أربعين ائتلافا تقريبا بعد أن كانت كتلة واحدة تحت راية ثورة 25 يناير وهو أمر لا يبشر بخير، خاصة أننا مقبلون على الإعداد لانتخابات برلمانية ربما تكون هى الأهم فى تاريخ البرلمان المصرى، والأمل أن تكون هذه الانتخابات هادئة بعيدة عن العنف حتى لا نصل إلى مأزق جديد بعد أن كدنا نضع أقدامنا على بر الأمان والاستقرار.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود الغول
ahmelanbaa@yahoo.com
عدد الردود 0
بواسطة:
نرمين
كثرة الاحزاب
ان كثرة الاحزاب سوف يتحول الى ازمة سياسية
عدد الردود 0
بواسطة:
مدحت
القضية
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
واقعى
مقال رائع يافودة وواقعى
عدد الردود 0
بواسطة:
علياء
الخوف
الخوف من كثرة الاحزاب حتى لا تتشتت القوى الوطنية
عدد الردود 0
بواسطة:
امير
تقيم الاحزاب
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن
تسلم
يسلم فمك يافودة هو دا الكلام لعايز اقولة من زمان
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالمطلب / اســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوان
نعم 00اشاطرك الرأى 0
عدد الردود 0
بواسطة:
فاطمة
الهدف
عدد الردود 0
بواسطة:
نغم
اتفق معاك
اتفق معاك فى الراى يافودة