-1-
يا (رشيدُ) الغيثُ قحطٌ
لم يدمْ فينا سحابُكْ
لم تدُمْ فينا سيوفُ المعتصمْ.
من مُترَعاتِ الذُّل نُسقىَ،
كلّ يومٍ يعصفُ الخسرانُ فينا،
كيف لم نشعُرْ بتبريحِ الخسارةْ!.
-2-
جنةُ (الفردوْسِ) كُنَّا فى دُجاها
ننشرُ الصّبْحَ المبينْ
نزرعُ الحقّ اليقينْ
كم محَوْنا، فى لياليها
ليالى الظالمينْ
كم غرَسنا فى ثراها عسْجدًا
ونثرْنا فى سمَاها أنجُمًا
ثمَّ دبَّجْنا القوافِى
وامتطيْنا صهْوةَ الدّنيا
ولا دنيا ودينْ.
وقتَ فاضَ الليلُ سُكْرًا
حين باتَ الحقُّ كفرًا
انتهيْنا
وابتدأْنا
فى دُجَا ذلٍّ مُهيْنْ.
ذبَّحونا..
مَن مضَى منَّا على درْبِ (التَّقِيَّةْ)
كان فى هَوْلِ المَنايا
يمتَطِى مُهْرَ الأمانى
قد تُواتِيه البقيّةْ
بَيْدَ أنّا
يا أبا (المأمونِ) كنَّا
لم تعُدْ فينا بقيّةْ
من عَلا بالشَّرقِ أضنتْهُ
الأماسِى الفارسيّةْ
من عَلا بالشَّرقِ
أعمَتْه العروشُ الفارسيَّةْ.
جنَّةُ الفردوْسِ ضاعتْ.. وانتظرنا
فى ذُرا (الأعرافِ) حينًا.. وانتهينا
فى دياجيرِ الجحيمِ السرمديَّةْ.
أو تدرِى كيف ضاعتْ؟
(مُنْيَةُ الصَّقرِ) تهاوىَ،
لم تَزلْ فينا سُمومُ (البَابِكيَّةْ) .
-3-
فى ربوع (القدْس) سَلْ دهّر الحضارةْ
كيف باتَ الطفلُ يَدمِى فى جسارةْ
والصبايا يَتَّشِحْنَ الموتَ
مَهْرًا للوطنْ.
يا أبا المأمون قل لى:
هل خبرتُم كيف يُغتالُ الوطَنْ؟
بعدما صِرْنا مع الأنواءِ
أشلاءَ ذبيحةْ
فارسُ العربانِ طفلٌ
قام يستلُّ الحجارةْ
ليس تُثنيهِ الوحوشُ الآدميَّةْ
ربَّما يرتاعُ من قصْفٍ يُدوِّى
ربَّما يرتابُ فى حسْمِ القضيَّةْ
غير أنَّ الطفل ماضٍ
ما تهزُّ القلبَ ذى الروحُ الفَتيَّةْ
سوفَ يروِى الأرضَ فيضًا من دَمٍ
حتى القرارةْ.
سَلْ أميرَ القوْمِ فينا
كيف أمسَى وقتَ طوفانِ الحجارةْ
سَلْ أميرَ القومِ فينا
كيف ضحََّى للإمارةْ
سَلْ أمير القومِ
إن كانتْ على الموتَى إمارةْ.
-4 -
فى سراييفو تمهّلْ..
كيف لم تُخبرْك أنّات القوافى
كيف نفنَى؟
ذبّحونا
بعثرونا بين طرْقات المدينةْ
أعدموا الأطفال فى الأرحام بقْراً
أحرقوا زهر العذارى
شكلوا من جيشهمْ جيشاً يقود الِاغتصابْ
أودعوا الأرحامَ من نسْل الكلابْ
كرّةُ (الفردوسِ) عادتْ
أم أرى (أقصىً) جديدًا
قد يواريه الضبابْ؟.
ما علا بالشّرقِ سيفٌ
يفرغُ الكأسَ المُوَشَّاةَ
بتيجانِ الذّهبْ
يعبرُ الأنهارَ والأدغالَ
يجتاحُ العطَبْ
ثمّ يُنجِى ما تبقَّى من فلولِ المسلمينْ
فانتبهنا
واجتمعنا
واتفقنا
كيفَ تأتيهمْ إغاثةْ
من طعامٍ
أو إزارٍ
أو وشاحٍ
أو غثاثةْ
يا أبا المأمونِ أضحَى شرقُنا
شرقَ الغثاثةْ
كلّ سيفٍ عندنا سَبْىُ الرثاثةْ
كلّ فجرٍ عندنا يتمٌ وزينةْ
مزّقتْنا
هوّنتْنا
بهجةُ التاجِ الحزينةْ.
-5-
بعدما صارتْ عروشاً
خلّدوا فينا (ابنَ يوسفْ)
علّمونا كيف نخشَى
كيف يحيا الحقُّ فينا كالغريبْ
كيف يُفنى عزَّنا سوْطُ اللهيبْ
أضرموا فينا تباشيرَ الضغينةْ
أغرَقونا فى انقساماتٍ لعينةْ
بعدها من قال حقًّا
بات زنديقًا صَبأْ
بعدها غالتْ روابينا
وغالتنا الحِدَأْ
بعدها صرنا سيوفًا
جُلّ ما فيها صَدَأْ.
عوّدونا كيف تأتى البسمةُ الصمّاءُ منّا
فى تهاجيدِ البكاءْ!!
واستقامَ الذلُّ فينا
فضحكنا..
عندما كانت نوايانا البكاءْ!!
دفّعُونا للمساءْ
حيثُ كأسُ الوهْمِ فى زهْوٍ تدورْ
والأمانى والأغانى مثقلاتٌ بالبخورْ
والجوارِى والخمورْ
والغدُ المسحورُ يأتى بالإباءْ.
وغرقنا بين أيام العربْ
نتلهّى عن مآسينا
وأزمان الذّنَبْ
فثمِلنا وانتشينا
وعلا الشيطان فينا
وغرقنا بين شطآن الذهبْ
والدنانير الموشّاةِ بأجساد النساءْ
نقرأ القرآن حينًا
ثمّ تشفينا الخدودْ
نتبارى
نتفانى
تحت أقدامِ النهودْ
واستشاط الخزى فينا
ذات يومٍ
وانتبهنا فى ذهولٍ
فإذا الأيامُ كلمَى
يعتلِى فينا ويبْغِى مَن يشاءْ.
***
