مع صحوة 25 يناير التى أطاحت بحكم حسنى مبارك، انفتح الباب لمزيد من المطالب هنا وهناك لتغيير أدوات الحكم وآلياته بغية تحقيق حكم ديمقراطى حقيقى وغير شكلى فى جميع مؤسسات الدولة وأجهزتها. ومن هذه المطالب ما سرى بين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية من ضرورة شغل كل المناصب الجامعية بالانتخاب وليس بالتعيين، وكانت القاعدة المتبعة منذ عام 1972 حين صدر قانون تنظيم الجامعات فى أول حكم السادات أن رئيس الجمهورية يختار رئيس الجامعة من بين عدد من المرشحين، ورئيس الحكومة يختار نواب رئيس الجامعة من بين عدد من المرشحين بعد استطلاع رأى مختلف دوائر الأمن فى الحالتين، أما العميد فيتم انتخابه من أساتذة الكلية ويقوم رئيس الجامعة بتعيين واحد من ثلاثة حصلوا على أعلى الأصوات. وعادة لم يكن رئيس الجامعة يختار صاحب أعلى الأصوات حتى لا يشعره بأنه جاء بناء على قاعدة جماهيرية بل كان يختار الثانى أو الثالث حتى يشعره بفضله عليه مراعاة للولاء، وفى كل الأحوال يتم استطلاع رأى الدوائر الأمنية أيضا. أما الكليات التى لا يتوافر فيها أحد عشر أستاذا فيقوم رئيس الجامعة بتعيين العميد وكان هذا واضحا فى الكليات الناشئة التى لم تكن قد استكملت هيئة التدريس.
وفى أكتوبر 1994 تقرر تعيين عميد الكلية بمعرفة رئيس الجامعة وإلغاء الانتخاب، وحدث احتجاج وانتقاد من كثير من أساتذة الجامعات للعودة إلى الانتخابات لكن دون جدوى.. شأن كثير من الاحتجاجات التى كانت تحدث على كثير من الأوضاع لكنها ذهبت هباء وسدى. وفى حمأة مناخ 25 يناير ارتفعت نغمة شغل كل المناصب الجامعية بالانتخاب وليس بالتعيين ووعد وزير التعليم العالى بأن ذلك سوف يتم فى أغسطس القادم. ومع ذلك استبقت بعض الكليات الزمن وأجرت انتخابات فيما بينها واختارت العميد الفائز بأعلى الأصوات وينتظرون تصديق رئيس الجامعة على اختيارهم.
على أن شغل المناصب الجامعية بالانتخاب رغم مظهره الديمقراطى حيث تتاح لأبناء المؤسسة حرية اختيار من يتولى أمرهم خلال مدة معينة، فإنه لا يسفر بالضرورة عن اختيار أكفأ الأساتذة أو الأكثر كفاءة ناهيك عن أن هناك من الأساتذة من يربأ بنفسه عن الزج بها فى آتون المزاحمة خشية اكتساب عداوة وخصومة وبغضاء هو فى غنى عنها. وعند هذه النقطة سوف تجد أنه لا فرق بين أن يأتى العميد بالانتخاب من زملائه أو يأتى بالتعيين بمعرفة السلطة، ذلك أنه فى الحالتين (الانتخاب والتعيين) يأتى الاختيار طبقا لمقاس الذى يختار.. فعندما كان المنصب بالانتخاب لم يكن الأساتذة يختارون الأكفأ، بل يختارون الذى يستطيع قضاء مصالحهم، أو يتوسمون فيه الاستعداد لقضاء المصالح، وعادة فإن المصالح تكون متعارضة مع القانون أو اللوائح. وعندما كان المنصب بالتعيين المباشر من قبل رئيس الجامعة فإن رئيس الجامعة أيضا لم يكن يختار أكفأ الأساتذة بل يختار أكثرهم ميلا للتفاهم وعدم المناطحة.
وهكذا فإن الانتخاب رغم مظهره الديمقراطى البراق فإن كثيرا من العيوب تصحبه لعل أقلها الوقوع فى مستنقع الابتزاز والتبرع بوعود وعهود هى أكبر من قدرات صاحبها.
وعلى هذا، فإن الحل الذى يتناسب مع البنية الثقافية للمصريين أن يتم شغل منصب العميد بالدور Rotation بين الأساتذة حسب الأقدمية ولمدة عامين وكذلك الوكلاء، ويكون اختيار رئيس الجامعة أيضا وكذلك النواب، بالدور حسب أقدمية كليات الجامعة فى الإنشاء. وبهذا الدور (الطابور) يأخذ كل واحد حظه فى التمتع بالمنصب حيث سوف يكتشف كم هو زائف وكم هو مرهق إلا إذا استطاع أن يفيد منه بطرق غير قانونية وتلك قضية أخرى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د محمد الضباعنى
لماذا تسمى الثورة صحوة
عدد الردود 0
بواسطة:
أستاذ بالمركز القومي للبحوث
أنتخابات المراكز البحثية غير مذكورة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية جدا
عندك حق يا د. محمد تعليق 1
عدد الردود 0
بواسطة:
mo
صاحب التعليق رقم 2