كفاية.. للفوضى حدود!!

أن تتوالى البلاغات والشكاوى المعقولة واللامعقولة ضد كل أفراد النظام السابق فهذا شىء عادى جداً.. وحصل قبل كده.. أن تؤلف الفضائح الأخلاقية والعلاقات النسائية بمطربات وفنانات وتكتب الأسماء ثلاثية عادى جداً فى صفحات الجرائد، والفنانات موجودات وماحدش ينطق من الخوف عادى شوية مش قوى.. أن تلقى الاتهامات بالسرقة والقتل والبطش والرفد والإبعاد والإقصاء وكل من يتحدثون هم أبطال وشرفاء وكانوا والله العظيم ثلاثة ضد التوريث.. عادى برضه.. لكن الجديد جداً هو البلاغات التى تطالب بإعادة التحقيق فى قضايا سابقة تم التحقيق فيها وأودعت بين أيدى القضاء وتم الحكم فيها، وأغلق الملف وخلاص، ويتم فتح هذه الملفات من جديد بالطبع مع متهمين جدد هم من أفراد النظام السابق والرئيس السابق وأسرته.. والأمثلة كثيرة جداً وكل يوم وساعة، ومنها الذى لفت نظرى بشدة، الطلب الذى قدم بإعادة التحقيق فى سرقة لوحة «زهرة الخشخاش» للفنان «فان جوخ» والتى سرقت من متحف «محمد محمود خليل» بالجيزة.. ويقول البلاغ فى حيثياته الجبارة:
«لأن السيدة سوزان مبارك كانت كل مرة تذهب فيها للمتحف تتوجه إلى هذه اللوحة وتقول عليها حلوة قوى وتجنن.. يبقى هى اللى سرقتها».. ويضيف صاحب البلاغ أن الشارع المصرى فى حالة من الوجوم واليأس بسبب اختفاء لوحة زهرة الخشخاش التى سرقتها السيدة الأولى وحرمت منها الشعب!! اللى بعده.. أهالى المنوفية فى حادث تفجيرات شرم الشيخ تقدموا ببلاغ يتهمون فيه جمال مبارك والعادلى بالقيام بالتفجيرات والتخطيط لها!! ليه؟ انتقاماً من رجل الأعمال حسين سالم الذى استولى على كل مشروعات شرم السياحية وماسابش فتفوتة، والدليل أن فنادق حسين سالم هى اللى تفجرت وسياحة حسين سالم هى اللى انضربت وخسرت والقرى بتاعته فضيت من السياح.. «ماشى».. وليه عملوا كده؟ عشان اتخانقوا على نسبة صفقة تصدير الغاز لإسرائيل.. والظاهر إن حسين سالم راح «مضى» على صفقة من وراهم.. والله أعلم وهبش النسبة كلها وخلع.

اللى بعده.. طلب أسرة الأميرة هند الفاسى إعادة التحقيق فى وفاتها واتهام زوجها الأمير ترك وابنها بقتلها.. وطالبوا بإخراج جثتها وإعادة التشريح.. لغاية كده ماشى.. ويتهم البلاغ أيضاً مباحث أمن الدولة وحبيب العادلى وحسنى مبارك ومدير أمن فندق موڤيمبيك بارتكاب الجريمة وإخفاء الأدلة وذلك بإعطائها حقنة «مورفين مميتة».. وقال علال الفاسى مقدم البلاغ إنه عندما قدم بلاغا أيام موت أخته تم اختطافه بواسطة أربعة من الضباط، وكان معاهم ستاشر ميكروباص «ماقالش فيهم إيه» وأخذوه على المطار عشان يتخلصوا منه بالسفر، وفى المطار قابله واحد «مهم» وقال له: (أنا «مدير» أمن الدولة) وقال إن شخصية سعودية كبيرة اتصلت بحسنى مبارك الذى كلف جمال مبارك الذى كلف أربعة ضباط مش عارف من فين بالضبط ناس تقول أمن دولة وناس تقول من حرس الرياسة.. الكذب خيبة.

طبعاً الكلام معقول جداً.. بس حكاية حقنة «مميتة» دى فيها قولان لأن المورفين مادة مخدرة تستعمل فى حالات الجراحة والألم الشديدة جداً وأيضاً الإدمان والمميت يبقى تلات أربع حقن كده جرعة واحدة، وطبعاً فى النص وعلى الماشى طرحت قضية قتل ذكرى وابنة ليلى غفران وتفجير كنيسة القديسين فى الإسكندرية والبقية تأتى والخير كثير.

ولكن كان البلاغ الأشد إيلاماً للمصريين جميعاً والأشد إساءة وانعداماً للخلق والإحساس والكرامة والضمير هو البلاغ المقدم من أخت الفنانة «سعاد حسنى».. هذه الفناتة التى من الصعب تكرارها وتعويضها والتى بكاها الشعب المصرى كله بأطفاله ونسائه وشيوخه وشبابه وفنانيه يقول البلاغ «إن سعاد حسنى كانت قد قررت أن تكتب مذكراتها وبعد هذا القرار تم قتلها وأن القاتل هو صفوت الشريف، لأنه عندما كان ضابطا فى المخابرات استغلها فى أعمال ضد عدد من القادة ورجال السياسة وأنها كانت على «علاقات» مع عدد من الكبار، وأنها تحمل كثيرا من الأسرار عنهم، وكان نشر هذه المذكرات سيكشف أشياء لا يجب أن يعرفها أحد»!! هذا هو الحال.. الأخت تنهش فى عرض أختها التى لا تستطيع أن تدافع عن نفسها.. ولا أظن أنها تحمل ضغينة لصفوت الشريف بشكل شخصى ولكن أغلب الظن أنها أخذت وعداً بتعويض مغر، فى سبيله لا يهم شرف الأخت ولا سمعتها.. المهم أن لحم الأخت المشهورة مازال يبعث بالأموال.. يا ستار يا رب.

المقلق فى هذه المهازل أن فتح التحقيقات سوف يفقد الناس الثقة فى القضاء ويكون القضاء فى موضع اتهام صريح، بأنه كان يلفق القضايا للناس بأوامر من النظام وأصحابها ومحاسيبه، وماذا يتبقى لنا إذا لطخنا شرف القضاء فى سبيل الشهرة أو التعويض أو الانتقام أو لتخليص حقوق.. كفاية يا إخواننا للفوضى حدود.