تداخلت أعمال الفنانتين رانيا الحكيم ووفاء النشاشيبى ليقدما حوارًا لونيًا، ليعتقد المشاهد أنه يتابع لوحات فنان واحد، وقدمت الفنانتان مع معرض "جدلية الإنسان والأرض" الذى افتتحه الدكتور عماد أبو غازى، وزير الثقافة، مساء أمس الاثنين، بقاعة إيزيس بمتحف محمود مختار.. قدرة على التخلص من فكرة الذاتية التى تحكم عمل التشكيليين ولاقى العرض اهتمامًا كبيرًا من الحضور.
يبدأ المعرض بجملة للشاعر الراحل أمل دنقل تقول "إنك لاتدرى معنى أن يمشى الإنسان.. ويمشى (بحثا عن إنسان آخر) حتى تتأكل فى قدميه الأرض!! ويذوى من شفتيه القول".. لتصف بعدها الفنانة رانيا الحكيم الأعمال المعروضة بأنها ولدت من الدفء الذى عاشته الفنانتان فى ميدان التحرير، والروح الوثابة والطاقة المتفجرة، ليستلهما من التحام ملايين البشر فى الميدان للوحة وطنية واحدة بشعارات سلمية حرية.
اندماج لوحات الحكيم مع النشاشيبى قد يدخل المتلقى فى محاولة التمييز بينهما لأن تنظيم المعرض لم يفرق بين الأعمال وتركها تتكامل فى حوار لونى، ومع قليل من المتابعة يكتشف المتابع للوحات أسلوب الحكيم المعتمد على المساحات اللونية بإيقاعات تجريدية تعبيرية، بجوار عناصر تشخيصية للنشاشيبى.
وقالت الفنانة راينا الحكيم "بدأت فكرة المعرض بالصدفة، وعملنا عليها كمشروع يتحرى تطويرها واختيار إمكانياتها الفنية بشكل فنى معاصر، والتقيت صدفة بوفاء النشاشيبى، ونحن نعمل فى مرسم واحد نستعرض بعض اللوحات التى أنجزتها كل واحدة منا على حدة، واندهشنا معا لمدى التقائنا فى الحس التعبيرى والتلوينى العام الذى يكمل بعضه بعضاً، رغم اختلاف العالم التصويرى".
وأضافت "أعمالى تجريدية تكاد تكون هندسية بمساحتها اللونية العريضة والصريحة غالباً، أما أعمالها فبدت وكأنها حوارية بين عنصرين مختلفين، ولكنهما يلتقيان فى النهاية ليكونا شيئا واحدًا كعلاقة الإنسان بالأرض، والشىء الوحيد لنا فى هذه التجربة هو أنها أتاحت لنا التخلى عن فكرة "الأنا" الذاتية، التى تتحكم فى عمل الفنان المنفرد، قد أكد هذا الجانب على فكرة الاتحاد ورغم هذه الوحدة التى حاولنا الوصول إليها إلا أنه يبقى أن لكل منا شخصيته وفرديته داخل نسيج واحد".
وقالت الفنانة وفاء النشاشيبى علاقة الإنسان بالأرض بدأت مع الوجود ذاته، والتاريخ مصدر وافر للمعلومات عن تلك العلاقة بين الإنسان والأرض، حيث كانت يحكم تطور الإنسان تغييرات طبيعية، فتغير شكل الإنسان وقدرته مع المتغيرات التى كانت تتعرض لها الأرض، وكذلك ساهم الإنسان فى تشكيل ملامح متجددة للأرض مع كل تغيير يطرأ عليه".
وأضافت "أحاول أن أجد مكانًا للكثيرين ممن شغلوا خاطرى.. أناس بلا ملامح، يملؤهم الحلم بتحقيق الاكتمال الداخلى والخارجى فكانوا متجذرين فى الأرض والجبال والصخور معبرين عن جميع أشكال العنفوان والصمود".