> لم يكن أسامة بن لادن هو «المرض» بل كان «عرضا» من أعراض المرض الذى هو ذلك المناخ الثقافى والتعليمى والاجتماعى العام الذى سيطر فيه زبانية التعصب الدينى وأتباع أشد مدارس فهم الاسلام ميلاً للعنف ومقتاً للآخر ورفضاً للحداثة وتجلياتها. هذا المناخ هو «المرض العضال». أما أسامة بن لادن فكان مجرد «ثمرة» من ثمار هذه الشجرة شديدة السمية. ولا علاج لهذا المرض العضال إلاَّ بثلاثة ترياقات: (1) بنظام سياسى ديمقراطى يحقق الكرامة والعدالة والمشاركة (2) بنظام اقتصادى يحقق شروطاً وظروفاً حياتية أفضل لأبناء وبنات المجتمع (3) بمنظومة تعليمية عصرية تغرس فى عقول وضمائر ونفوس أبناء وبنات المجتمع قيم العصر والتى من أهمها التعددية والغيرية (قبول الآخر) وإكبار قيمة الحياة الإنسانية، وإجلال العقل الإنسانى بوجه عام والعقل النقدى بوجه خاص، والسماحة الدينية والثقافية وحقوق الإنسان وأهمها حقوق المرأة، ثم قيم العمل الحديثة وأهمها علوم الإدارة والتسويق والإتقان (QM) والموارد البشرية.
> سألنى دبلوماسى سعودى حضر منذ أيام محاضرة ألقيتها بجامعة ابن طفيل بمدينة القنيطرة المتاخمة لعاصمة المغرب عن تفسيرى لتمسك عددٍ من الحكومات العربية بحظر تدريس مادة الفلسفة بمدارسها وجامعاتها. فقلت إن الفلسفة هى التى جعلت اليونان وروما (قديماً) صاحبتى حضارتين من أعظم الحضارات فى تاريخ الإنسانية. ونحن نتحدث هنا عن حضارتين غير ميتتين (على خلاف الحضارة المصرية القديمة وحضارة بلاد مابين النهرين). فالحضارتان اليونانية والرومانية حيتان اليوم من خلال حضارة الغرب (حضارة الرينيسانس وما بعد الرينيسانس). وأضفت أن قتل الفلسفة (أو التفلسف أو التمنطق) خلال القرنين التاليين للقرن العاشر (الميلادى) فى المجتمعات المسلمة والعربية هو (وحده) سبب الجمود المعرفى والتكلس العقلى والضمور البحثى الذى أدى لدخول هذه المجتمعات فى طور بيات حضارى طويل وقع خلالها استعمارها. وفى العصور الحديثة، فإن الحضارة الغربية كانت الفلسفة هى العمود الفقرى لهذه الحضارة. وباختصارٍ، فإن الفلسفة تُفعّل (بضم التاء وفتح الفاء وتشديد العين المكسورة وتسكين اللام) الأنشطة العقلية والفكرية، وتبث الحيوية فى العقل النقدى، وتخلق مناخاً يسمح بكل وكافة وسائر الأسئلة. ولما كانت الأسئلةُ «مبصرةً» والأجوبةُ «عمياءً»، كما كان الإغريق يقولون، فإن المجتمعات التى انتشر فيها الفكرُ الفلسفى هى التى تطورت وقادت مسيرة التمدن والتقدم الإنسانيين لما نراه اليوم والذى يلخَص (ويترجَم) فى تقدمٍ علمى هائل يثمر تحسناً عظيماً فى الظروفِ / الشروط الحياتية للإنسان.
> أدعو كل القراء لقراءة هذا النص الذى كتبه أبوحامـد الغـزالى فى كتابه المعـروف «المنقـذ من الضلال»: (ودليل وجود النبوة وجود معارف فى العالم لا يتصور أن تنال بالعقل كعلم الطب والنجوم، فإن من بحث عنها علم بالضرورة أنها لا تدرك إلا بإلهام إلهى وتوفيق من جهة الله تعالى، ولا سبيل إليها بالتجربة. فمن الأحكام النجومية ما لا يقع إلا فى كل ألف سنة مرة، فكيف ينال ذلك بالتجربة، وكذلك خواص الأدوية فتتبين بهذا البرهان أن فى الإمكان وجود طريق لإدراك هذه الأمور التى لا يدركها العقل). وهو كلام يستطيع أى طالب فى السنة الأولى بقسم الفلسفة بالجامعة أن يثبت خطأه وخطله. وإذا كان هذا الطالب ملما بفلسفة أوجست كونت (الوضعية) لاستدعى عقله اسم ورسم هذا الفيلسوف الفرنسى العظيم وهو يطالع هذا الكلام شديد الارتباك لمن يحب البعض أن يسموه بحجة الإسلام أبى حامد الغزالى.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية من شبرا
تحياتى للكاتب والعالم الجليل
أحبك من قديم الزمان د. طارق
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
ربنا يشفي!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!1
ربنا يشفي كان فيه مرضى كتير بهذا المرض وشفاهم ربنا
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف البدراوي
طارق حجي
مفكر محترم - ومقال رائع ومفيد = كالعادة
عدد الردود 0
بواسطة:
فيلسوف
فاضي ؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
ابو حامد الغزالى
عدد الردود 0
بواسطة:
امينموبى
مفيش فايده
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم م ج
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد العزازي
مامناسبة التطاول