الاغتيالات الفكرية وتبادل الاتهامات التى تقوم بها بعض التيارات الفكرية والدينية والسياسية فى مصر الآن تشكل جدارا ًمنيعاً أمام التنمية، وأمام عبور مصر من هذه الأزمة السياسية والاقتصادية.. اتهامات بالعمالة والخيانة والكفر والفسق وسرقة الثورة والوصولية والأنانية، فهذه الاتهامات جعلت الضباب يخيم على الحوار الوطنى والفكرى فى مصر، وأصبح اهتمام هذه التيارات هو السيطرة على الحوار الوطنى بدون تقديم حلول حقيقية مفيدة للأزمة فى مصر، فأين مقترحات وبرامج هذه التيارات للنهوض بالتعليم والصناعة والزراعة والبطالة فى مصر؟ فالكثير من هذه التيارات الفكرية تخلط بين الأفضل والأنسب لمصر فى هذه الفترة، وبين الأنسب والأفضل لتفعيل ونشر أفكارهم ومعتقداتهم فالكل يتبع منهج التعميم ويفتقر لوضع البدائل، فنحن لا ننكر وجودهم بالعكس نحن نتعلم منهم ونأخذ برأيهم فى بعض الأمور، ولكن نرفض الإرهاب الفكرى بفرض رأى ومنهج وحيد، بالإضافة لذلك نتج اختلاف وانقسام حتى داخل الكيان الواحد، فبعض هذه التيارات فقدت الديمقراطية بداخلها وفرضت ديكتاتورية فكرية على الآخرين، فأصبحت هذه التيارات صورة لديمقراطية بطعم الديكاتورية، ففى جماعة الإخوان المسلمين استقال أحد أعضاء الجماعة، وهو المهندس هيثم أبو خليل اعتراضاً على ما وصفه بتفاوض سرى بين الجماعة وأمن الدولة وعمر سليمان مقابل إنشاء حزب وجمعية، فجماعة الإخوان بالأمس كانوا يملأون المتعقلات بسبب قمع النظام السابق، واليوم يداعبون السلطة، وأيضا حدث خلاف بين قيادات الجماعة وبين شباب الجماعة بسبب تحفظ الشباب على بعض القرارات داخل الجماعة أما التيار السلفى، فيتهم الآخرين بقمع آرائهم وتشويه صورتهم وعدم اعتبارهم جزءاً من المجتمع المصرى، بالإضافة لاتهامهم الآخرين بالتفريط فى الدين، وتنفيذ أجندات غربية من زاوية الاختلاف على مصر مدنية أم دينية، فى حين يتهم الليبراليون التيار السلفى بالتشدد والعنف وفقدان فقه الواقع، خاصة أثناء الاستفتاء الدستورى، وبعد أحداث الفتنة الطائفية، فالأمر هنا ليس مجرد سرد اتهامات، بل محاولة للوصول لحوار وطنى بين هذه التيارات من أجل تحقيق عمل مثمر بسواعد هذه التيارات يحقق المنفعة العامة لا أن يكون الحوار الوطنى مجرد شو إعلامى يزيد الفرقة.
ويجب أن نفرق بين السلف كمنهج وبين مواقف بعض المنتسبين للسلفية، لأن منهج السلف الصالح الذى خلف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بلا شك أفضل العصور والعقول التى عبدت الله، وتحلت بالأخلاق، وفى نفس الوقت قامت ببناء حضارة إسلامية فى جميع المجالات، فأنا وكثير من المصريين لا ننتمى لتلك التيارات، ولكن ننتمى لأخلاق السلف الصالح وللحرية والعدالة.
والمشاركة المجتمعية التى تنادى بها كثير من التيارات والأحزاب والفيصل هو صحة المبدأ وليس الانتماء لتيار بعينه، ولا أحد يختلف على الدين والأخلاق والحرية، ولكن الخلاف على الأسلوب والمنهج المتبع داخل كل تيار فكرى ومن الآراء والتصريحات المتزنة فى هذا الضباب الفكرى هذه التصريحات، وهى محاولة لاحترام جميع الأطراف وتوضيح المفاهيم.
التصريح الأول للدكتور عصام العريان المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين قائلاً "يجب أن تتوحد القوى الوطنية على أهداف لبناء مصر للاتفاق على برنامج يحقق أهداف المصرين"، التصريح الثانى للدكتور عبدالله شاكر رئيس جماعة أنصار السنة السلفية قائلاً إن الدولة الدينية لا تعنى أن يكون لها موقف معاد للتيارات أو الديانات الأخرى، لذلك لا مانع أن تكون مصر دولة مدنية قائمة على الدين، الثالث للدكتور عمرو حمزاوى فى ندوة قائلاً إن بعض التيارات لا تمتلك برامج واضحة ومحددة، واستنكر لجوء البعض حاليا إلى لغة تخوين الآخر فى محاولة لإقصائه، والانفراد بالساحة السياسية، وأكد أن فريقا من الليبراليين واليساريين قد تعاونوا مع النظام السابق لإقصاء بعض القوى السياسية، الرابع "لمهدى عاكف" المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين يقول إنه يرحب بتولى مسيحى حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين لأنه حزب لكل المصريين، والتصريح الأخير للشيخ محمد حسان وهو شخصية تتمتع بالقبول والجماهرية من معظم التيارات الفكرية والدينية بسبب وأدبه واحترام المخالفين له فى الرأى، حيث صرح الشيخ قائلاً "مصر ليست ملكاً للمسلمين فقط، وإنما هى ملك لأهلها من المسلمين والأقباط"، كما ناشد حسان الجماعات الإسلامية الموجودة على الساحة مثل الإخوان المسلمين والجماعات السلفية بالوحدة، وللأسف انشغلت التيارات الفكرية والدينية بتبادل التهم، وتركت العمل والإصلاح، فهذه التيارات أولى بها أن تعمل وتتحد، خاصة أن ما يجمعها أكثر ما يفرقها، فعندما قامت ثورة 25 يناير ضد الظلم والفساد اشتركت فيها كل التيارات الفكرية والدينية من التيار الناصرى والإخوانى والليبرالى والتيار السلفى واليسارى، لأن الكل لا يختلف على محاربة الفساد.
وعندما حدثت الفتنة الطائفية استنكرت كل هذه التيارات ذلك بما فيها المواطن البسيط الذى لا يفهم هذه التيارات، ولا يعرف لهجتهم، لكنه يعرف أن مصر الآن فى خطر، فعلى هذه التيارات أن تحترم اختلاف وجهات النظر فيما بينها مادامت وجهات النظر يحتملها الدليل، ويطلبها الواقع ولا تخل بالشرع، وأن تتعاون للتوصل لحلول وسط بديلة تحقق المنفعة العامة، ولنفكر جميعاً فى المستقبل بأن تقوم هذه التيارات بإعداد برامج تنموية عملية للنهوض بالمجتمع.
فغياب الحوار الفعال والاختلاف على المفاهيم والمصطلحات بين هذه التيارات أنشأ فجوة كبيرة ومشاكل كثيرة واتهامات خطيرة تشتت الشخصية المصرية، وتمنع سبل الإصلاح.
الشيخ محمد حسان
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحيم نصر
أحييك على هذا المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد رمضان
انا سلفي(صدقت)
عدد الردود 0
بواسطة:
akmel rashed
الاغتيلات الفكرية فى مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد المحسن
بارك الله فيك
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم
مد الله فى عمرى ورأيتمقالا تسر به عينى ف اليوم السابع
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد التركي
خطيب الجمعه
عدد الردود 0
بواسطة:
الاسلام قادم انشاء الله
حسبنا الله ونعم والوكيل فى كل من يعترض على تطبيق الشريعة الاسلامية
عدد الردود 0
بواسطة:
منى رشاد
ارجو ان نستمع للعملاء الذين يحبون مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو فداء الله
انت خايف