إلى الذين حكمونا سنين عدداً، وما عناهم من أمرنا ما عانينا.. أحدثهم اليوم عن إحساس مرير لا يشعر بوطأته، ولا يحس بمرارته إلا من عاش به أناء الليل وأطراف النهار.. ألا وهو إحساسك بالقهر.. أن تعيش مقهورا من الحياة ومقهورا من ظروفك مقهورا فى عملك مقهورا فى بيتك، إذا جلست فى البيت، مقهورا إذا خرجت إلى الشارع، مقهورا إذا ركبت وسيلة مواصلات، مقهورا إذا تكلمت، مقهورا إذا رغبت إذا تمنيت إذا حلمت إذا تحدثت إذا سكت، مقهورا بين أهلك بين أصدقائك بين زملائك، وهم جميعا مثلك مقهورون، وهذا من عجيب لطف القدر بطائفة المقهورين، حيث صار المقهور يؤنس ويواسى زميله المقهور الآخر وشاع بينهم المثل الشعبى "إلى يشوف بلوة غيره تهون عليه بلوته"، وصارت الأيام ثقيلة ومتثاقلة.. ما نبيت عليه من هم وقهر نصبح فيه من هم وقهر.. يا من كنتم تحكموننا هماً وكمداً، وتغرقوننا فى بحور من اليأس والقهر.. هل يا ترى نالكم قسط من القهر وأنتم تتريضون ساعة بمزرعة طره، أو نال أستاذكم وهو يمارس جلسة العلاج الطبيعى بالجيم الخاص بمستشفى شرم الشيخ.. هل نالكم قسط من القهر، وقد قيدت بعضا من حرياتكم بفعل من لا ترضون من عبيد إحساناتكم من عامة الشعب.. صدقونى ما أنتم فيه ليس قهرا أبدا إنما هو بالنسبة لنا رفاهية واستجماما.. أما القهر الحقيقى فهو ما كان يفعله زبانيتكم فى أفراد هذا الشعب.
القهر الحقيقى يا سادة هو قتل الروح لدى شاب أو رجل شاء حظه العاثر أن يقع فى براثن جهاز مباحثكم أو أمن دولتكم، وما كان أكثر هؤلاء المقتولة أرواحهم.. القهر الحقيقى يا سادة هو ما فعلتموه بأب صار يعانى الأمرين من أجل تدبير نفقات أولاده.. وليست كل النفقات بل الأساسية فقط منها.. وما كان أكثر هؤلاء الآباء الذين أضناهم بؤس الحياة هما وغما وكمدا وحرمانا.. هل جال فى خاطركم ولو مرة واحدة، أنه كان على هذا الأب البائس أن يظل يبحث فى الأرض ليوارى سوءاتكم أنتم.. سوءاتكم يا ظلمة يا أغبياء يا لصوص.. أرهقتم هذا الأب قهرا، وهو يبيت الليل قليل الحيلة شارد الفكر مشتت العقل من أين له أن يوفى بالتزامات تنوء بحملها الجبال لم يتسبب فيها إلا غباؤكم وضلالكم وانعدام ضمائركم وتبلد إحساسكم وتحجر مشاعركم وتسابقكم وتنافسكم فقط فى السلب والنهب والسرقة والغباء والتخلف.. ماذا فعلتم فى التعليم حتى تريحوا هذا الأب وتساعدوه.. ماذا فعلتم فى الصحة.. ماذا فعلتم فى الصناعة.. ماذا فعلتم الزراعة.. ماذا فعلتم فى المواصلات فى الطرق.
رصفتم الطرق المؤدية إلى قصوركم ومنتجعاتكم، وجعلتموها على أفضل هيئة، وتركتمونا نتساقط صرعى فى حفر ومطبات أيامنا.. إن القهر الذى خلفتموه فى نفوسنا صار سوادا يغطى كل شىء أمام أعيننا.. وضاقت علينا الدنيا بما رحبت، وبلغت القلوب الحناجر، وصار لسان حالنا جميعا نحن المقهورين يقول متى نصر الله على هذه الفئة الباغية.. فإذا ما ثورنا وانتفضنا وصرخنا وهبت رياح غضبنا تقتلع جذوركم وتقتلع شافتكم.. عزت عليكم منا الثورة والغضب.. فصرتم تحاولون وأدها بكل ما أويتم من حيلة وخبث وإمكانيات جمعتموها من دمائنا وصبرنا وقهرنا.. ولكن اعلموا أن الله غالب على أمره، وحتما كلى ثقة أن الله سيمن على الذين استضعفوا فى الأرض، ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين، وسيعلم الذين بغوا وتجبروا وأفسدوا فى الأرض أى منقلب ينقلبون.
دسوقى عاشور يكتب: ما أصعب أن تعيش مقهوراً "تانى"
الجمعة، 10 يونيو 2011 08:34 م
سجن طره
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
لك مني التحية
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد ابراهيم ..كاتب مصري
اه من هذا المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
السيد العربى
ياليت ام عمر ما ولدت عمر