عماد صبحى

فضائيات الفقى.. وتليفزيون الوزير

الأحد، 08 مايو 2011 07:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس من قبيل المصادفة، أن يكون فى مصر 24 نقابة لكل الفئات المهنية والعمالية إلا الإعلاميين، وليس من قبيل المصادفة أيضا أن يكون نظام مبارك البائد مستعدا لخصخصة وبيع والتفريط فى أى شىء وبأبخس الأثمان، بدءا من القطاع العام مرورا بالبنوك وانتهاء بقناة السويس، لكنه ظل يحكم قبضته على مبنى التلفزيون باعتباره خط الدفاع الأول والأخير فى بقائه وتنفيذ مخططاته الجهنمية.

وبين رفض إنشاء نقابة للإعلاميين ورفض التفريط فى مبنى التليفزيون يكمن خيط رفيع.. فنقابة تعنى انتخابات وجمعيات عمومية وسحب ثقة ومطالب واعتصامات وحرية وصداع مزمن واحتجاجات على سياسات الإعلام وربما يتطور الأمر الى المطالبة بإقالة وزير الإعلام من منصبه.

كان فى استطاعة وزير التلفزيون أنس الفقى، أن ينشئ تلك النقابة سيما وأن ذلك الحلم يراود أكثر من 10 آلاف من المذيعين والمعدين والمخرجين والمحررين والمصورين وأساتذة الإعلام والمشاركين فى صياغة المحتوى الإعلامى.. لكنه لم يكن يريد أن يكون فى المشهد الإعلامى نقابة تعارض أوتقول لا، كما أن النقابة بأعضائها الذين يمثلون مختلف ألوان الطيف السياسى – فى مفهوم النظام البائد – ليست كمجلسى الشعب أوالشورى أوالمحليات .. فهى تستعصى على التزوير وغالبا ماتفشل كل أساليبه الملتوية فى إخضاعها لتبعيته، بدءا من شراء النقيب بإغراءات وإمتيازات وإنتهاء بالدفع بجهازمباحث أمن الدولة "المنحل" لضرب إسفين والتآمروإثارة الخلافات الى أن ينتهى الأمر بفرض الحراسة وتجميد النشاط السياسى.

أنس الفقى أو وزير التليفزيون أضاع الملايين من أموال الدولة فى تطبيق نظريته العجيبة "أن الريادة الإعلامية لمصر تتحقق بإطلاق مزيد من القنوات التابعة له".. لكنه كان يجهل أن الريادة لا تتحقق بكثرة العدد، وإنما بفتح نوافذ الحرية واحترام عقلية المشاهد لا مخاطبته باعتباره "غبيا".. وهكذا صارت القنوات الفضائية التابعة والمملوكة له كالبيوت المهجورة لا أحد يشاهدها ولا يسمع عنها.

الفقى كرس كل وقته ومجهوده لتنفيذ الملف الإعلامى فى مخطط التوريث، وترك مباحث أمن الدولة ترتع وتعيث فسادا داخل التلفزيون الى حد أن ضباط الجهاز "المنحل" كانوا يفرضون كلمتهم فى كل البرامج الحوارية والإخبارية.. يحددون من يتم استضافتهم ويمنعون من الظهور كل من له موقف من النظام والتوريث.. وفى الوقت الذى كانت فيه دول بحجم حى من أحياء القاهرة تسحب البساط الإعلامى من مصر.. كان وزير التليفزيون مشغولا بتقديم تشريعات مقيدة لحرية الإعلام.. فهو صاحب الوثيقة المشبوهة التى عرضها على وزراء الإعلام العرب وتؤدى الى فرض الرقابة على أجهزة الإعلام العربية ومواقع النت.. وعندما تحفظ عليها عدد من الوزراء عاد ليطرحها فى مصر فيما عرف بقانون "البث".

لقد عاد أنس الفقى ومن قبله صفوت الشريف بالإعلام المصرى إلى الوراء مائة عام.. كان الرئيس الفرعون فى كل ما تبثه فضائيات "الفقى" هو الأول والآخر.. وكانت الهانم زوجة الفرعون أهم من كل شيىء وفوق كل شىء.. تقع الزلازل السياسية والحوادث الجلل التى تتصدرنشرات أخبار كل فضائيات العالم.. إلا فضائيات الفقى التى لم تكن تريد أن ترى أى شىء إلا الفرعون واستقبالاته البروتوكولية عديمة الاهتمام للمشاهد، وربما يفسر ذلك إصرار الفرعون على أن يتمسك بالإبقاء على منصب وزير الإعلام فى وقت انقرضت فيه هذه الوزارة من كل دول العالم ولم يعد لها وجود.

وفى كل مرة كانت ترتفع أصوات الإعلاميين كان هناك من مسئولى النظام البائد من يطرح - كبالون اختبار - فكرة ضمهم إلى نقابة الصحفيين "فوق البيعة" أو "كمالة عدد".. وكان يمكن لهذه الفكرة الشيطانية أن تدخل حيز التنفيذ لولا أننا كنا على قلب رجل واحد فى إصرارنا على الرفض.

إن حلم إنشاء نقابة للإعلاميين الذى اقترب من التنفيذ لم يكن ليصبح حقيقة من دون إندلاع ثورة 25 يناير الطاهرة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة