كنت أتمنى أن تكون إحدى المظاهرات المليونية التى نظمها شباب التحرير قد خصصت لرفع شعار الثورة العلمية ونشر ثقافة العلم والتحديث التى بدونها لن يتم بناء مصر الجديدة التى يطالب بها الجميع على أسس سليمة وصحية، وإذا كانت هناك ثورات سياسية كبيرة فى العالم قد غيرت من وجه دول عديدة إلا أن ثمة ثلاث ثورات علمية كبرى غيرت وجه العالم والحضارة التى نعرفها.
الأولى هى الثورة الزراعية التى نقلت الإنسان من حالة البداوة والرعى إلى الاستقرار وبناء المدن ثم التحضر، والثانية هى الثورة الصناعية التى أدت إلى استخدام أدوات العلم فى الإنتاج الكبير وازدهار حركة التجارة والتراكم الرأسمالى، ثم ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التى أدت إلى الانفجار المعرفى وإزالة الحواجز الجغرافية وظهور ما يعرف باسم الاقتصاد الجديد القائم على المعلومات.
ويمكن القول إن مسيرة العلم والإختراع والتكنولوجيا اتسمت دائما بالثورات، فاختراع التلسكوب والمحرك البخارى والبنسلين والمذياع والطائرة والمفاعلات النووية والهاتف الجوال والإنترنت والعلاج بالجينات وغيرها أدى إلى قفزات ضخمة فى مسيرة الإنسان على كوكب الأرض، ويقول البعض هل ستنتهى هذه الثورات العلمية ذات يوم عندما يصل الإنسان إلى قناعة بأنه لم يعد بحاجة إلى مزيد من الاختراعات أم أنها ستستمر مع تنوع الحاجات الإنسانية التى لا تبدو أنها ستصل إلى مرحلة الاكتفاء فى يوم ما.
ما أحوجنا فى مصر إلى أن نبدأ الثورة العلمية لتعويض ما فاتنا ونأخذ مكانتنا التى نستحقها تحت الشمس، ولن يتحقق ذلك إلا بعد أن يحصل العلماء والباحثون على ما يستحقونه من مكانة واحترام فى المجتمع وأن تكون للعلم قيمة مجتمعية ومادية أيضا، وأن تزداد ميزانية البحث العلمى وأن تنتشر الثقافة العلمية بين جميع فئات المجتمع.
• مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة