تعددت الأخطاء فى زمن حكم الفرد فى مصر وذاق الشعب خلالها من العذاب ألوانا وأشكالا، وكان الفساد عنوانا لمعظم التصرفات الحكومية، وكان سوء الإدارة سلوكا طبيعيا من معظم حاشية الحاكم التى رأت فى مصر ذبيحة سمينة لا تكفى جشع الحاكم وعائلته فقط وإنما تزيد وتفيض لتأخذ الحاشية منها ما تشتهى من مغانم ومسالب، ولم تمانع هذا الحاشية أن تخضع لأسيادها الحاكمين كما تخضع العبيد، وفى المقابل وجدت لها عبيدا آخرين ينتظرون ما يلقى لهم من فتات! ولقد قامت الثورة بإزاحة السيد الحاكم الفرد وعائلته وبعضا من أعوانه العبيد خلال أقل من ثلاثة شهور، ويعنى ذلك التخلص من معظم عوامل الفساد والإفساد، فالظاهر للجميع أن كبار رجال الحكم الحاليين من العسكر والمدنيين هم من الشرفاء الأمناء المخلصين الذين يستجيبون لرغبات الشعب، ولعل أهم وأخطر ما ينتظره الشعب منهم هو تغيير الحاشية التى حولهم وأقصد رجال الإدارة العليا من محافظين ووزراء ووكلاء وزراء ومديرى عموم وهم من يمارسون لعبة العبيد والأسياد التى تقول كن عبدا لرئيسك وسيدا لمرءوسك، ويعد هذا التغيير من أصعب العقبات التى تواجه الحكم الجديد وهو فى طريقه ليصبح الحكم الرشيد، وذلك لأن الفرد الصالح هو الذى يصنع القانون الصالح ثم هو الذى يطبقه بطريقة صالحة، والخطر كل الخطر من استمرار هذه الحاشية التى مارست وتمرست فى سوء الإدارة قبل الثورة، لذلك نرى أن بداية طريق التنمية تحتاج لوضع وتطبيق قواعد صارمة فى اختيار رجال الإدارة العليا، وذلك قبل الانشغال بتعديل الأهداف والخطط والأساليب واللوائح التنفيذية، ولا نبالغ إذا اعتبرنا سوء الإدارة بمثابة الخطر الداهم على الثورة، فهو يعنى التخطيط لتحقيق المصالح الفردية وتنظيم العمل ليمسك الفرد بالقرار بمفرده وتوظيف أهل الثقة بدلا من أهل الخبرة وأخيرا التوجيه بأن تكون الرقابة وأعمال التفتيش من المحسنات المظهرية تماما كما كان حال الجهات الرقابية قبل الثورة.
ولا يعنى ذلك أن نتخلص من الحاشية القديمة، فهم من أهل مصر الخاطئين، سواء منهم من شارك فى الفساد أو كان فقط من الشاهدين، ولكننا نقول بأن تترك لهم فرص المراجعة والتوبة بما تشمله من اعتراف وندم وإقلاع ورد الحقوق، ولعل ما فعله بعض قيادات الحزب الوطنى السابق – الذين شهدوا الفساد ولم يمارسوه - خير مثال على توبتهم، وأظن أننا قد نراهم فى السنوات القادمة من القيادات الصالحة التى تبنى بلدها، فمن عاصر الفساد وكان قادرا عليه ولم يفسد، فهو من أصحاب الإرادة الصالحة التى منعته من سرقة الأموال السهلة وامتلاك القصور والأراضى، ولو أن إرادته لم تمنعه من الابتعاد عن الفساد أو تغييره، والملاحظ أن هؤلاء لم يهاجموا الثورة فى بدايتها كما فعل المشاركون فى الفساد. وأخيرا فإن نجاح التنمية فى مصر يحتاج كل السواعد الحرة الصالحة، فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه، وشعب مصر أيضا يتوب عليه.
أيمن على حمد يكتب: الحكم الرشيد.. بلا أسياد أو عبيد
الأحد، 08 مايو 2011 10:59 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة