جيهان فوزى

الانقسام الفلسطينى أفل.. ولكن؟

السبت، 07 مايو 2011 07:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما بين المفاجأة وعدم التصديق، عاش الشعب الفلسطينى أيامه الماضية، يراقب أخبار اتفاق المصالحة بين حركتى فتح وحماس، التى دامت أربع سنوات، عانى خلالها الفلسطينيون ما لا يحتمله بشر، من صراعات وتمزق وانقسام وحصار وحرب تجويع وعزلة دولية أنهكت قواه وعبثت فى مقدرات قضيته الأم.. الصراع مع الاحتلال الإسرائيلى والنضال من أجل الوجود والهوية.

أربع سنوات عجاف من الانقسام والتشرذم، قاسى منها الفلسطينيون، أثرت سلبا على المجتمع ككل، وعمقت الفجوة بين الأطراف المتصارعة، وعصفت بأحلام الشباب الذين نال الانقسام من طموحاتهم، وقضى على مستقبلهم وأحلامهم، وأفرز داخلهم العديد من الافكار المشوهة، التى ربما تحتاج إلى إعادة تأهيل نفسى مضنى حتى تعود الأمور إلى سابق عهدها، فهناك من قتل وعذب واعتقل وطرد من بيته، على خلفية الصراع الدامى بين أبناء الوطن الواحد، وهى أمور تحتاج إلى ترميم هذه التشوهات النفسية بحاجة إلى جهد وصدق حقيقى فى النوايا من الطرفين، حتى يعبر المجتمع بكافة أطيافه السياسية بر الأمان، بعيدا عن الثأر وروح الانتقام.

لا أحد يستطيع أن ينكر أن حالة الانقسام مزقت النسيج الاجتماعى للشعب الفلسطينى، وألحقت به من التخلف الحضارى والثقافى، أكثر مما خلفه الاحتلال، فشعر المواطن أن هذه الفصائل عبء ثقيل على مستقبله ومستقبل أبنائه، فخرج إلى الشارع ليصرخ فى وجوه من صموا آذانهم، ليقولوا لهم " الشعب يريد إنهاء الانقسام "، خرجت الأغلبية الصامتة المستقلة التى لاتنتمى إلى أى أحزاب، بل هم من اكتووا بنارها، ليقولوا لهم كفاكم عبث بمقدراتنا، فنحن ننظر فى مرآة الوطن، ونرى الأمور على حقيقتها، بينما أنتم تنظرون فى مرآة أحزابكم فلا ترون سوى أنفسكم.

خرج جموع الشعب الذى أدماه الانقسام من أكاديميين، ورجال أعمال ومثقفين ورجال دين مسلمون ومسيحيون ومؤسسات المجتمع المدنى الذين أفرزتهم حالة الانقسام ووحدت أهدافهم، فلا يعقل أن يرتهن مصير شعب ووطن برمته، ويبقى حكرا على فئة هنا أوهناك، الشعب الفلسطينى قدم التضحيات تلو الأخرى، وناضل على أرض فلسطين من أجل وطن اسمه "فلسطين"، وليس من أجل سيطرة فتح فى الضفة الغربية أو حماس فى قطاع غزة.

ما بعد المصالحة يحتاج إلى لملمة الجراح والتوافق بين جميع الفلسطينين، وبالذات الذين تضرروا من الانقسام بشكل مباشر، وهم المعنيون بإعلاء روح التسامح وإظهار أخلاق العفو عند المقدرة، على الانشغال بالأخذ بالثأر، تيمنا بما فعله القادة، حينما تجلت وحدتهم واتفاقهم على قلب رجل واحد فأذابوا الجليد وسبحوا ضد التيار وفضلوا المصالحة والمصلحة الوطنية على الضغوط الهائلة التى تعرضوا لها من إسرائيل، وتخييرها للرئيس محمود عباس بين السلام معها، أو انجاز المصالحة مع حماس، التى ستكون بمثابة شوكا فى حلقها.

ربما يواجه الاتفاق اشكالية تعصف به، ذلك إذا ماتم تطبيقه ببطء، وهنا حماية الاتفاق من العابثين هى المرحلة الأهم والأخطر بالنسبة للفلسطينيين، والاهتمام بالحفاظ عليه أكثر قيمة من الانشغال والتفكير وإهدار الطاقات فى كيفية الانتقام، خاصة وأن هناك دراسات معدة بالتعويض للمتضررين، الذين طالتهم أشكال مختلفة من التعسف والعنف الذى حدث خلال السنوات الأربع الماضية، المعروفة باسم "الدية فى العرف الفلسطينى" هذه الدية وصلت تقديراتها الأولية لأكثر من ثلثمائة مليون دولار تحتاج قطعا إلى الدعم المالى العربى، وفى المقابل تحتاج إلى طى صفحة الماضى الأليم بين الفرقاء الفلسطينين، حتى يستطيعوا إكمال ما بدأوه على الطريق القويم، لتفويت الفرصة على إسرائيل التى كانت المستفيد الأول من هذا الانقسام المشين، والخاسر الوحيد هو الفلسطينيون أنفسهم.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة