محمد تاج محمد يكتب: متحف أمن الدولة

الأربعاء، 04 مايو 2011 02:15 ص
محمد تاج محمد يكتب: متحف أمن الدولة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الرائع أن تكون إنساناً لك الحق فى أن تقول ما تريد فيما تريد بالشكل الذى تريد أينما ووقتما تريد، بشرط ألا تخرج على أصول الأدب والأخلاق الحميدة والأعراف المتداولة بأى شكل تخرج به إبداعاتك حتى وإن كانت بطريقة فنية، كما قرأت فى أحد الصحف المصرية خبراً عن مجموعة من الشباب على الفيس بوك قاموا بالدعوة لسائر الرسامين وخاصة رسامى الجرافيت للرسم على جدران مبانى أمن الدولة، التى أًصابها الخراب فى الآونة الأخيرة نتيجة ردود الفعل الغاضبة مما كان يحدث قديماً فى تلك الأحراش المختبئة فى طراز مدنى من طوب وأسمنت وحديد بداخل حجراته كثيراً ما استنجد الضعفاء، ولم يجدوا من يغيثهم أو يرحمهم حتى وإن لم يجرموا، فقد كان اسم مباحث أمن الدولة يثير الخوف فى النفوس بمجرد ذكره وكأن كل علامات الهلاك تحيط بالاسم والجسم الحديدى لكل من المبنى ورجاله المحاطين بهالات نارية غاية فى التوهج والهيبة الزائفة، وكثيراً ما سمعنا من مقربين عن أعاجيب فى تلك القلاع الحصينة، وقد استحال على الكثيرين فيما مضى فكرة المرور بجوار تلك المبانى خشية أن يدخلوها فلا يروا نور الحياة مرة أخرى بأعينهم ومن الممكن أن يخرجوا بعاهات مستديمة جسدية وأحياناً أكثر نفسية قد تؤثر على نفوس الكثيرين من معتادى الصمت القاتل والخوف المميت من جراء ما سمعوا وقرأوا من وثائق حصلوا على بعضها بعد أحداث (25 يناير) تلك التى غيرت كل شىء حتى الوجوه الظالمة التى ارتسمت عليها ملامح ادعاء الألوهية، وأنهم ملوك مصر وأباطرتها الجبابرة الذين يملكون كل شىء حتى أرواح البشر التى كانت بلا أدنى قيمة فماذا يحدث إن مات أحدهم جراء التعذيب ؟؟؟ لا شىء.

لا يتحرك ساكنُ أبداً ويستمر العمل فى صمت قاتل بلا هوادة حتى يصمت الشعب بكافه طوائفه، وإن رأى الحقوق تهدر وتسلب لا يمكن أن ينطق لأن الجلادين فى الانتظار بسياط غاية فى القوة تحملها أياد شرسه لا تعرف الرحمة ولا تثنيها صرخات وأنين وعويل أحيان أخرى، وهو ما كشفته الأيام القليلة الماضية من تجاوزات فى حق تلك الوجوه المصرية الأصيلة والضعيفة أمام تلك القوة العاتية حتى أنقشع الضباب وبتنا نسمع اقتراحات منها الرسم على جدران تلك القلاع والسعى نحو تحويلها لساحات لعب للأطفال والعائلات للترويح عن أنفسهم التى روعتها الأخبار الهاربة من فوق أسوار تلك المبانى قديما،ً ولكن ما خطر ببالى كان جديداً أيضاً.

لماذا لا نجعل من تلك المبانى معالم سياحية على نفس هيئتها مع بعض التجديد اللازم لتناسب متحفاً سياحياً به الكثير من عبوات الغاز المسيلة للدموع والرصاص المطاطى وكثير من أدوات (صيد المتظاهرين) بالإضافة لعرض كافة وسائل التعذيب قديماً أيضاً من كهرباء ونزع للأظافر وغيرها مع وضع شاشات تعرض لقطات من تجاوزات الشرطة مع المواطنين داخل وخارج أقسام الشرطة، وأيضاً فيديوهات لرد الفعل يوم (25 يناير) والرد القاسى من بعض رجال الأمن على شكل أشبه ببانوراما حرب أكتوبر وبذلك نستطيع أن ندر عائداً مادياً عالياً من الزيارات السياحية من جهة توفر ما خسرناه مالياً فى الأيام الماضية وعائداً نفسياً على هيئة رد اعتبار لكل قاطنى مصر ممن أرهبتهم تلك القلاع بشكل مباشر أو غير مباشر.

أتخيل حينما أصبح أباً وأنا أسير مسروراً تملأنى السعادة مع "مازن" وهو اسم ابنى الأكبر الذى أتمناه من الله مستقبلاً، وهو فى غاية السعادة من تلك الرحلة فى مبنى كبير ضخم به أشياء لا يفهمها عقله البسيط وربما تنسى عيناه بعضها فيسألنى بسذاجة الأطفال مشيراً إلى المبنى بإصبعه السبابة الصغير وعيناه تبرقان من البراءة : "إسمه إيه دا يا بابا ؟؟؟ " فأجيبه بنبرة استرجعت أحداث كثيرة، الآن ستعد حينها ذكرى جميلة: "دا متحف .. أمن الدولة "






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة