نعم الحياة دول أيام يتداول فيها الناس السلطة بطريقة حضارية وسلمية وديمقراطية. وقال رب العزة فى محكم كتابه "تلك الأيام نداولها بين الناس"، فى دعوة صريحة لتداول السلطة بطريقة ديمقراطية حرة، قالها الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى حادثة معروفة لنا جميعا " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"، قالها أحمد عرابى فى وجه جلاديه لقد ولدتنا أمهاتنا أحرار لسنا عبيد إحسانكم ولن نورث بعد اليوم. أعظم شىء فى ثورة يوليو1952م إنها حققت حلم أحمد عرابى وأصبح المصريون هم الملاك الحقيقيون لمصر.
نعم كان ناصر وطنيا لا يشك احد فى وطنيته ووضع بذور تحرير مصر وعادت مصر لشعبها ولكن الثلاثين ستة الماضية انحرف الحاكم السابق بالسفينة واتجه نحو بيع الغالى والرخيص لمن يستحق ومن لا يستحق وفى النهاية ظهرت أعراض مرض توريثنا مرة أخرى.
ونظرا لعظمة هذا الشعب التى لم اشك فيها يوما قامت ثورة مصر المباركة فى 25 يناير 2011م وقالها الشعب المصرى مرة أخرى للنظام الذى أمم عقولنا ونهب ثرواتنا تمهيدا لتوريثنا لابنه الذى فعل المعقول واللامعقول لتحقيق هذا الحلم المريض بوراثة حكم أبيه.
للثورة أهداف كثيرة وتحقق منها الكثير ومازال الطريق الى الحرية الكاملة لجميع افراد الشعب طويلا وملىء بالأشواك، وما أكثر المظالم المروعة التى عانى منها الناس فى كل المواقع لقد تغيرت مصر وتطهرت مصر من نظام مستبد فاسد إلى نظام يعبد لنا الطريق الى الحرية فى فترة انتقالية الكل يريدها قصيرة حتى يتسنى للجميع ان تعود مصر لأصحابها وملاكها الحقيقيون.
إرساء قواعد مصر الحرة الديموقراطية المدنية اعتقد أنها أهم اولويات الشعب المصرى حتى لا نورث مرة أخرى، حتى لانصاب بمرض التوريث مرة اخرى ووسيلته الوحيدة هى الاستعباد وعلاجه الوحيد هو الحرية.
نعم هناك طلبات كثيرة لكل فئات الشعب ولكن إرساء قواعد النظام الديموقراطى الحر هى الأولوية الأولى، لا أحد ينكر أن المستوى المتدنى للأجور عقبة كبيرة أمام الغالبية العظمى من الناس فى مصر ولا أحد ينكر أن الجامعات المصرية عانت لسنوات من قيادات سيئة ومتواطئة مع النظام السابق، ولا أحد ينكر أن الغالبية العظمى من المحافظين هم من فلول النظام السابق ولا أحد ينكر أن هناك وزراء فى حكومة الدكتور شرف محسوبون على النظام والحزب البائد ولا احد ينكر أن الغالبية من القيادات العليا والمتوسطة فى التعليم والصحة هم من اختيار الحزب وامن الدولة المنحلين.
بالرغم من كل ذلك من على هذا المنبر أطالب الجميع بوقف الاحتجاجات وخاصة التى تعطل العمل والإنتاج وإعطاء حكومة الثورة وجيش الشعب الفرصة كاملة لاخذنا الى دولة الحريات والديمقراطية. إعطاؤهم الفرصة لكشف كل ألاعيب النظام السابق ولكشف فلول الحزب المنحل وفلول امن الدولة الذين مازالوا يحلمون بالرجوع الى الوراء الذين لايريدون الاعتذار للشعب وعلان براءتهم من تاييد ونفاق وسلب ونهب فى عصر الظلام.. بالحرية فقط وبالقانون فقط اعتقد أنهم قريبا جدا سينساقون ونراهم مستسلمون إن شاء رب العالمين. ولن تورث مصر او شعبها بعد اليوم لسبب بسيط وهو ان أمهاتنا ولدتنا أحرارا.
لقد انكسر حاجز الخوف عند الجميع واستقر الجميع على ان التظاهر السلمى حق مستحق للتعبير عن الراى وتقره جميع الاعراف الدولية ولكن اناشد الجميع ان نبتعد عن الاحتجاجات التى تعطل العمل وتوقف عجلة الانتاج اناشد الجميع ان نبتعد عن الوقفات التى تؤذى مشاعرنا الدينية مسلمين وأقباط على حد سواء اناشد الجميع الحفاظ على صورة مصر وتنجبها الوقوع فى فخ الكراهية والصراعات الدينية ويرانا العالم فى الخارج وكأننا اصبحنا فريسة الإرهاب والعنف. احتجاجات من يراها يقول ان مصر منزلقة نحو الدولة الدينية مع اننى اعلم أن جميع طوائف المجتمع ترفض الدولة الدينية. أطالب الجميع بالصبر والتريث حتى يأخذ المسئولون الفرصة للوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان.
ميدان التحرير