أرسل عبد العزيز إبراهيم يسأل عن ما هى العوامل الوراثية التى تتسبب فى الإصابة بأمراض القلب؟
ويجيب على هذا التساؤل الدكتور حاتم غازى، اخصائى الحالات الحرجة وأمراض القلب، قائلا، هناك العديد من العوامل المعروفة تؤثر فى الدورة الدموية، والتى تنبئ بالإصابة بعلة فى القلب أو يكون أصحابها أكثر عرضة للإصابة بمشاكل فى القلب، كالجلطة الدموية، أو الأزمة القلبية، أو ضيق الشريان التاجى أو انسداده.
وتنقسم هذه العوامل إلى عوامل وراثية (لا دخل للإنسان فيها وتتحدد عن طريق الجينات)، وعوامل بيئية (يمكن التحكم فيها وعلاجها حاليا وتؤدى إلى تقليص نسبة الإصابة بأمراض القلب بدرجة كبيرة).
ومن العوامل الوراثية العمر، والجنس، وارتفاع ضغط الدم، والإصابة بالسكرى، وارتفاع الكولسترول والدهون الثلاثية، والسمنة وزيادة مستوى الهوموسيستين فى الدم، و يأتى التدخين على رأس العوامل البيئية وكذلك شرب الكحول والخمور بكثرة، والغذاء غير الصحى الملىء بالدهون الحيوانية المشبعة والأملاح (المخللات والمياه الغازية بجميع انواعها وقلة الرياضة والنشاط البدنى وزيادة ضغوط الحياة وظروف العمل القاسية.
إن امتلاك أى شخص لعدد اكبر من هذه العوامل، يجعله أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب خاصة أن هناك تداخلا كبيرا بين العوامل الوراثية والبيئية فمثلا حالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم غير معروف سببها وتتداخل فيها العوامل الوراثية مع العوامل البيئية مثل التدخين وعدم الرياضة ونمط الغذاء غير الصحى.
وقد تؤدى الإصابة بارتفاع ضغط الدم إلى مشاكل خطيرة على رأسها الإصابة بمشاكل فى القلب، علما أن من أهم مشاكل هذا المرض هو عدم ظهور الأعراض فى أغلب الأحيان، لذلك فان عملية اكتشافه لا تتم إلا بعد الإصابة بمرض آخر أو بالمصادفة أو عند الفحص الدورى، إلا أن الوقاية والتعايش مع هذا المرض ممكن جدا.
وأحسن طرق الوقاية تبدأ من الغذاء الصحى القليل الملح، مع ممارسة الرياضة، وتخفيف الوزن، وتجنب العصبية والإجهاد والتوتر والشد النفسى، أما طرق التعايش مع هذا المرض فسهلة جدا، فعن طريق الالتزام بالخطوات الماضية، وإتباع تعليمات الطبيب، واخذ الدواء فى أوقاته، والفحص المستمر. كما يمكن استعمال بعض المواد الطبيعية التى تعتبر وقائية لتخفيض ضغط الدم كالثوم والبقدونس، وبعض أنواع الفيتامينات والمعادن والأملاح التى تحافظ على سلامة الأوعية الدموية كمجموعة فيتامين ب وفيتامين سى والزنك والماغنيسيوم والكالسيوم والبوتاسيوم وكلها متوفرة فى طبق السلطة والفواكه بكافة أنواعها.
وينطبق نفس الكلام على مرض السكرى من النوع الثانى، والنوع الثانى المسمى بالسكرى غير المعتمد على الأنسولين والذى يصيب فى أغلب الأحيان من تجاوز الأربعين من العمر، ويكون العامل الوراثى سبب رئيسى فى الإصابة به، بالإضافة إلى عوامل أخرى لها دور مهم فى إحداث خلل فى عمل البنكرياس وإفرازه للأنسولين وتجاوب الخلايا معه.
يمكن الوقاية من الإصابة بالسكرى أو تقليل احتمالية الإصابة به، عن طريق الاعتماد على الغذاء الصحى الذى تقل فيه كمية السكريات والنشويات المتناولة يوميا، وتجنب زيادة الوزن، وممارسة الرياضة المناسبة.
أما طريقة التعايش معه فتكون عن طريق السيطرة على مستوى السكر فى الدم، التى تجنب المريض بالسكرى من الإصابة بأمراض كثيرة وعلى رأسها أمراض القلب، التى لوحظ أنها تزداد بنسبة الضعفين إلى أربعة أضعاف لدى المصابين بالسكرى . وتتم عملية السيطرة على السكرى باتباع الخطوات السابقة بالإضافة إلى اتباع نصائح وإرشادات الطبيب، والالتزام بالدواء وأخذه فى أوقاته، والفحص المستمر.
كما يمكن استعمال بعض الأعشاب والمواد التى تعتبر آمنة لخفض السكر كأعشاب الحلبة، والجينكوبايلوبا، والجنميما، والحامض الأمينى كارنتين، والكروميوم، والسلينيوم، والإكثار من الألياف الغذائية.
أما بالنسبة للكولسترول فهو من العوامل التى يتم تحديدها وراثيا ولكن يمكن التحكم فيها عن طريق نوعية الغذاء والرياضة ولابد من التمييز أولا بين نوعى الكولسترول، الأول يسمى الكولسترول منخفض الكثافة ( LDL ) أو ما يطلق عليه الكولسترول الضار، والثانى الكولسترول عالى الكثافة ( HDL ) أو ما يطلق عليه الكولسترول النافع.
وكما هو معروف فإن النوع الأول هو الذى يسبب الكثير من المشاكل القلبية كتصلب الشرايين وانسدادها، وإضافة جهد على القلب، كما يؤدى إلى إغلاق بعض الأوعية الدموية الصغيرة التى تغذى عضلة القلب . أما النوع الثانى فإن زيادته تأتى بنتائج إيجابية لسلامة القلب والدورة الدموية، حيث يعمل على منع النوع الأول من التجمع على الشرايين ونقله إلى الكبد ليتم تحويله إلى مواد أخرى.
لابد من العلاج السريع لزيادة الكولسترول فى بداية عن طريق قياس كثافة الكولسترول بأنواعه وكذلك الدهون الثلاثية، مع الفحص الدورى، والاهتمام بالغذاء الصحى من تقليل كمية الدهون المشبعة فى الغذاء والموجودة فى اللحوم والزيوت ومشتقات الألبان، والتركيز على أغذية معينة لديها إمكانية خفض الكولسترول كالشاى الأخضر، والثوم، وزيت السمك وزيت الكتان ( لاحتوائهما على مادة اوميجا 3 )، والصويا، وزيادة تناول الألياف النباتية فى الوجبات. وممارسة الرياضة بشكل مستمر.
كما أن السمنة أحد العوامل الأساسية ذات الشقين الوراثى والبيئى التى يربطها العلماء والباحثون والأطباء بالإصابة بأحد أمراض القلب، فقد سجلت معدلات عالية من الإصابة بأمراض القلب لدى مرتفعى الوزن.
وهذه الزيادة جاءت من عدة أسباب، أهمها أن الزيادة فى وزن الجسم تتطلب جهد أكبر من القلب لتلبية الحاجة المتزايدة من الدم المحمل بالأوكسجين والغذاء للخلايا والأنسجة المختلفة.
بالإضافة إلى أسباب أخرى ترتبط مع زيادة الوزن عادة، ومنها زيادة الكولسترول والدهون الثلاثية فى الدم، وانخفاض كمية الأوكسجين فى الجسم نتيجة زيادة حجم الأنسجة المستهلكة، وزيادة معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم والسكرى لدى مرتفعى الوزن يضاف إلى ذلك زيادة الشوارد الحرة التى تؤدى إلى إتلاف ودمار مختلف أنواع الخلايا فى الجسم . وصعوبة وصول الدم إلى أنحاء الجسم المختلفة وبالتالى زيادة تكون الجلطات الدموية وانتقالها فى الجسم.
وقد قام العلماء بتجميع العوامل الوراثية التى تزداد كثيرا بتداخل العوامل البيئية وتؤدى إلى زيادة الإصابة بأمراض القلب وقصور الشريان التاجى والسكتة القلبية الفجائية فيما يعرف متلازمة التمثيل الغذائى أو ما يطلق عليه المتلازمة Xوهذه المتلازمة تشكل خطرا كبيرا على القلب والدورة الدموية.
وتنشأ هذه المتلازمة عادة من عدة أسباب أهمها مقاومة الخلايا للأنسولين، والناتجة عن كثرة تناول المواد الكربوهيدراتية، ذات المحتوى السكرى العالى، كالسكريات والنشويات، بكميات كبيرة ولفترة طويلة.
بالإضافة إلى أسباب أخرى تلازم هذه الحالة كارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الدهون الثلاثية والكولسترول السيئ وانخفاض نسبة الكولسترول الجيد فى الدم، وزيادة الوزن وخصوصا فى الجزء العلوى من الجسم، يعزو الكثير من الباحثين الإصابة بهذه المتلازمة إلى زيادة السعرات الحرارية اليومية القادمة من الغذاء مع قلة استهلاكها متمثلة فى قلة الحركة والنشاط الرياضى فى الأشخاص المعرضين وراثيا (وجود التاريخ المرضى العائلى للضغط والسكر وقصور الشريان التاجى)، وقد وجد أن المصابين بهذه المتلازمة عرضة بأكثر من أربع مرات للإصابة بأمراض القلب من الأشخاص الاعتياديين.
وللوقاية والعلاج من هذه الظاهرة لابد من علاج الأسباب المرافقة لها من خلال استشارة الطبيب، وممارسة الرياضة المناسبة وتقليل كمية السعرات الحرارية اليومية، مع التركيز على خفض الوزن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة