لم يكن الاهتمام بجنى الأموال وتحقيق الأرباح، وإرساء قواعد اقتصادية متينة وناجحة، هو فقط كل ما يشغل بال رجال الأعمال فى العالم، فقديما سعى كثير منهم للخوض فى عالم الثقافة والإبداع تحقيقا للشهرة، سواء كان ذلك من خلال أعمال قدموها بأنفسهم أو عن طريق الاستعانة بآخرين اعتمدوا عليهم فى تأريخ سيرتهم الذاتية، أما حديثا فأصبحت تلك الكتب وسيلة للدفاع عنهم وإثبات براءتهم فى بعض القضايا.
فى الماضى كانت فكرة اللجوء للكتابة والتأريخ جزءًا مكملا لـ"برستيج" وواجهة رجال الأعمال حتى يكتمل نجاحهم بالشكل الأمثل، وحتى تكون سيرتهم الذاتية سجلاً فى ذاكرة التاريخ والناس على حد سواء، فنجد على سبيل المثال المهندس الراحل مؤسس شركة المقاولون العرب، عثمان أحمد عثمان، يقدم فى كتابه "صفحات من تجربتى" تجربته منذ أن بدأ مهندساً مقاولا صغيرا إلى أن صار على رأس إحدى كبرى شركات المقاولات فى الشرق الأوسط، هذا إلى جوار تجربته السياسية المرتبطة بالرئيس السادات، إضافة إلى كتاب "رجل الأعمال السعودى الملياردير.. الوليد بن طلال" والذى أعده الكاتب ريزر خان، وكتب مقدمته الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر، وهو يتحدث عن حياة الوليد العملية والشخصية وقصص صفقاته وبعض المواقف التى حدثت معه، وقصة حياته بداية من الصفر إلى أن وصل فى قائمة أشهر أغنياء العالم، وحقيقة زواجه من الأميرات الثلاثة دلال بنت الملك سعود، إيمان السديرى والأميرة خلود، ولا ننسى أيضا أن نذكر هنا كتاب الشيخ السعودى محمد بن عيسى الجابر، والذى قدم كتابا بعنوان "نعم العرب أيضا قادرون" والذى صدر عن الدار المصرية اللبنانية فى مصر بمقدمة وزير الثقافة الأسبق، فاروق حسنى، وهو يتناول دور وحضور العرب للوقوف صفًا واحدًا لمضاعفة الجهد على المستوى العام والخاص لتحقيق التكامل الاقتصادى والاجتماعى العربى، وللاندماج فى الاقتصاد العالمى والتعامل مع التجمعات السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية، ومن ثم مواجهة الأزمة المالية العالمية، ويقدم الوصفة العملية لتحقيق النجاح الاقتصادى وكيفية تطبيقها على المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالى على المجتمع العربى بأسره، مستلهماً حقيقة تلك القدرات والطاقات العربية الكامنة.
أما الآن فاتسعت دائرة مهام الكتب التى يمكن أن يعتمد عليها رجل الأعمال لتكون سببا كافيا فى إقباله على تقديم أى كتاب، فلم يعد الأمر قاصرا على التأريخ والسرد فقط بقدر ما تحول إلى وسيلة للدفاع وإثبات صدق وحسن النوايا، وتجلى ذلك مؤخرا عندما فاجأ المفكر الدكتور محمد سليم العوا الجميع حينما استند فى دفاعه عن رجل الأعمال الشهير منير غبور على خلفية قضية اتهامه بالإضرار بالمال العام بمعاونة وزير الإسكان الأسبق أحمد المغربى، بكتاب ألفه الأخير عن سماحة الإسلام، وجاء بعنوان "المسيحية فى الإسلام" ليستشهد به على مدى ثقافة موكله وحسه الوطنى بشكل يجعلنا جميعا نفتخر به.
وعن رأيه فى كتب رجال الأعمال من الناحية النقدية، قال الناقد الدكتور حسين حمودة، "أعتقد أن القيمة الكبرى فى مثل هذه الكتب هى أنها تعبر عن تجارب أصحابها، والتى قد تشغل اهتمامات الرأى العام، فيسعى بشتى الطرق للإطلاع عليها، وأتصور أن هناك رجال أعمال لهم قيمة أكبر وأهم من المال، ويستحقون الكتابة عن تاريخهم ونشأتهم مثل رجل الأعمال الشهير بيل جيتس".
وأضاف حمودة: "قيمة تلك الكتب تكمن فى التجربة نفسها، فأحيانا تكون قيمة التجربة الواحدة أهم من أية لغة، مثل رواية الفراشة على سبيل المثال، والتى أرخت لسيرة هنرى شاريار الذى استعان فى كتابة سيرته بأحد المحررين، أما القدرات اللغوية والفنية فهى ليست جزءًا من تكوين شخصية أغلب رجال الأعمال".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة