أظهرت استطلاعات الرأى التى جرت على مواقع إلكترونية عديدة، من بينها اليوم السابع ومصراوى، وغيرها، تحفظ أغلب الشعب على مظاهرة الجمعة 27 مايو، أو ما أطلق عليها بعض القوى المشاركة فيها جمعة "الثورة الثانية"، ومع ذلك أرى أن هذه المظاهرة فى غاية الأهمية، وحققت نتائج سياسية بارزة ينبغى التوقف عندها وقراءتها قراءة دقيقة.
ولعل أهم تلك النتائج هى وضوح الفرز السياسى بين بين قوى الإسلام السياسى، والقوى المدنية والليبرالية التى احتشدت فى ميدان التحرير، ما يعنى أن الساحة السياسية بدأت فى التمايز على أسس سياسية وعقائدية، اختلطت بما هو دينى خلال الفترة التى تلت الخامس والعشرين من يناير، حتى وصلت إلى الدعوة على الدخول فى ائتلاف عريض يجمع من أقصى اليسار الاشتراكى، إلى أقصى اليمين الدينى.
وأتصور أنه فى ضوء عدم مشاركة الأحزاب والجماعات الدينية فى مظاهرات الأمس، أن تمضى القوى السياسية، كل فى طريق مختلف، بما يعنى إعادة بناء الساحة السياسية المصرية، وتمايزها بين ثلاثة اتجاهات وتحالفات: الأول قائم على أساس دينى، والثانى ليبرالى، والثالث اشتراكى.
وقد يكون من المناسب جدا التسريع فى التئام هذه التحالفات لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، فى ثلاث قوائم رئيسية تمثل هذه الاتجاهات والتحالفات، حتى تنضج الخريطة السياسية، وتعبر تعبيرًا حقيقياً عن التوجهات الشعبية.
أعلم جيدا أن البعض كان يريد التنسيق والتحالف فى قائمة موحدة تضم كل الموجودين على الساحة السياسية والفاعلين فيها فى الشوارع والميادين منذ الخامس والعشرين من يناير، لكن هذا الائتلاف الواسع العريض كان من شأنه القضاء على التمايز السياسى الذى يجب التأكيد عليه وتبنيه.
ولا أعتقد أن الخوف من أغلبية دينية فى البرلمان القادم لها ما يبررها، وحتى لو ترشحت جماعة الإخوان على نصف مقاعد البرلمان القادم، فإنها لن تقترب من هذه النسبة بأية حال داخل المجلس النيابى، لأننا أمام تطورين مهمين، الأول أن الأصوات الاحتجاجية التى كانت تذهب لمرشحى الإخوان، لن تذهب إليهم بالضرورة، بعد غياب الحزب الوطنى، والثانى أن الكتلة التصويتية الإخوانية كانت تمثل فى حدود 20% من أصوات الناخبين، حينما كان لا يشارك فى الانتخابات أكثر من 23% كما حدث فى انتخابات 2005 الأقرب إلى النزاهة من أى انتخابات جرت فى مصر رغم ما شهدته من تزوير، وإذا أقبل المصريون على التصويت فى انتخابات البرلمان القادم، كما فعلوا فى التعديلات الدستورية الأخيرة، فهذا يعنى أن الكتلة الصامتة يمكنها ترجيح قوى الأحزاب المدنية والليبرالية، إذا عرفت كيف تنزل إلى الشارع وتتعاطى مع الناخبين.
صحيح أن مظاهرة الأمس لم تكن مليونية، لكن أغلبية من جلسوا فى بيوتهم وقالوا كفاية مظاهرات ليسوا محسوبين على الإخوان أو متعاطفين معهم؟، وإنما مواطنون عاديون يشغلهم الأمن والاقتصاد قبل أى شىء، وهؤلاء من يحسمون الانتخابات المقبلة، وهم من ينتظرون الأحزاب المدنية والليبرالية لكى تذهب إليهم.
mhamdy12@yahoo.com
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة