أحمد العش يكتب: عندما صاح الشعب: جلالة الملكة افهمينا.. قبل فوات الأوان!

السبت، 28 مايو 2011 01:29 م
أحمد العش يكتب: عندما صاح الشعب: جلالة الملكة افهمينا.. قبل فوات الأوان! الملكة إليزابيث الثانية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
2 مايو 1997 يوم فاصل فى تاريخ الملكة إليزابيث الثانية فى الحكم والذى يمتد لأكثر من 60 عاما بدأت منذ عام 1952! إنه اليوم الذى أعلنت فيه نتائج الانتخابات البرلمانية، والتى مثلت ثورة شعبية غير مسبوقة جاءت بحزب العمال إلى الحكم بأغلبية كبيرة، عكست الرفض الشعبى لسياسات المحافظين الاقتصادية التى أفقرت قطاعات واسعة من البريطانيين، كان على الملكة التى وفقا للدستور تنصح الحكومة ولا تشارك فى الحكم! كان عليها أن تفهم التغير الحاصل فى مزاج شعبها نحو التحديث والتغيير الشامل، فهذا التأييد الكبير والانتفاضة الانتخابية لم تكن تهدف فقط لاستبدال حكومة ووجوه ونما إلى تغيير شامل يبدأ من السياسة الاقتصادية والتعليمية وينتهى بالقصر ذاته وميزانيته وإنفاقه وطبيعة دوره فى الحياة السياسية، فماذا فعلت الملكة ؟!

ينبغى الذكر فى البداية أن الملكة كانت تتعاطف مع سياسات المحافظين السياسية والاقتصادية، فهما يتشاركان نفس الفكر المحافظ الذى لا يميل للتغيير، ويميل للتحالف مع الولايات المتحدة، وتقليص دور الدولة فى الاقتصاد، والحفاظ على هيبة الملكية ووضعها فوق الانتقاد، لذا كانت تميل لاستمرار حزب المحافظين فى الحكم، إذ كانت ترتعد من شعارات وأفكار التحديث التى رفعها حزب العمال أن تطالها ذاتها، ولكن لما أعلن عن فوز حزب العمال، سعت للتعامل مع الأمر الواقع، فرحبت كما يفترض بها بنتائج الانتخابات، وفى استقبالها لتونى بلير زعيم الحزب الفائز-والذى هو فى عمر أبنائها سعت لاحتوائه بتذكيره بتاريخها فى الحكم وخبرتها التى اكتسبتها من عقود طويلة فى السلطة وواجبها الدستورى بإسداء النصح للحكومة ودورها فى حماية وحدة البلاد! وأنه مادام الشعب يريد التحديث فستدعمه، لكن بما لايمس بوحدة البلاد ومنجزاتها؟!

وبالطبع كان هذا كافيا لدى غالبية الشعب البريطانى الذى ينشأ على حب الملكة وتقديس التاج ودوره فى حماية وحدة البلاد، وإن كان هناك أقلية كانت ترى أن الملكة جزء من النظام القديم الذى اكتسحته نتائج الانتخابات، وأنه ينبغى أن تقبل بالتحديث الشامل للمؤسسة الملكية نفسها وأما ترحل هى الأخرى ليتم إعلان الجمهورية! لكن هذا الرأى كان مستهجنا بشدة فى وقته، فليحفظ الرب الملكة والشعب، فهل وفت الملكة بوعدها فى دعم التغيير؟!

لكن الاختبار الحقيقى على مدى صدق التغيير جاء فى 30 أغسطس من نفس العام، مصرع ديانا أميرة القلوب وأميرة ويلز السابقة، تأثر الشعب الإنجليزى بشدة بالحادث وكانت رغبته أن تحظى الأميرة بجنازة ملكية وأن يعلن الحداد الرسمى، وأن تخرج الملكة من برجها العاجى لتشارك شعبها حزنه، لكن الملكة التى لم تستوعب بعد التغيير الحادث فى مزاج شعبها، ولم تتعظ من رأس الذئب الطائر- جون ميجور زعيم المحافظين– أبت إلا أن تتعامل بنفس السياسة القديمة فتجاهلت الرغبة الشعبية تماما، وتعللت بأن ديانا لم تعد جزءا من العائلة المالكة وبالتالى رفضت القاء بيان للشعب أو إعلان الحداد أو إقامة جنازة ملكية أوقطع أجازتها الصيفية والعودة إلى لندن!

أدى هذا لتصاعد الغضب والسخط الشعبى على الملكة شخصيا، الغضب الذى تصاعد تدريجيا اضطر الملكة للتعامل معه، لكن بنفس الأساليب القديمة، طريقة المسكنات والتنازلات الصغيرة، فوافقت على إقامة جنازة شعبية على جسر التاى، لكنها واصلت تجاهل باقى الرغبات الشعبية واعتمدت الحجج الواهية، مثل أنه الأولى البقاء مع الأحفاد الأحياء! وهكذا كان نفس الأسلوب كأنه لم تقم ثورة انتخابية منذ شهور!

استمرار الملكة فى اتباع نفس الأساليب القديمة أدى لتصاعد الغضب الشعبى بصورة غير مسبوقة ضد التاج، وزاد الإصرار على المطالب بعد أن بات واضحا أن الملكة تصر على العناد ولا تستوعب التغيير بل وترفضه وتراه مجرد غبار سينقشع مع الوقت ويتراجع الضغط!، لكن زادت الانتقادات إلى درجة خطيرة لحد أن هناك من اتهم القصر بالاشتراك فى قتل ديانا بصورة غير مباشرة، وتم فتح كل الملفات القديمة التى تم تجاهلها تحت وعد التفاؤل بالتغيير، وتنامى السخط إلى حد أن مواطن من كل أربعة صار يطالب بإسقاط الملكة نفسها واعلان الجمهورية!

بعد وصول الغضب الشعبى إلى هذا الحد استمعت الملكة أخيرا لصوت العقل، وتدخل من يدركون أهمية التاج لوحدة البلاد، لكن ليس على حساب رغبات الشعب، فانصاعت الملكة للرغبات الشعبية كاملة والتى كانت تراها مبالغة وغير مقبولة، فنكست العلم البريطانى حدادا، وقطعت إجازتها وعادت إلى لندن، وخرجت للحشود أمام القصر تشاطرهم، بل وألقت خطابا متلفزا للشعب تشاطرهم فيه، وتمت الجنازة على أعلى مستوى ملكى!

كل هذا كانت تراه الملكة إذلالا وانتقاصا من قدرها لكنه كان انصياعا للشعب مصدر السلطات وهو فوق الملكة وفوق أى تابو، وبتصرفها هذا أنقذت عرشها وأنقذب البلاد من المجهول؟!

فماذا كان ليحدث لو واصلت عنادها؟!

الله وحده كان يعلم.. لكن مؤكد أن الشعب لم يكن ليتراجع.. وأن الوقت لم يكن فى صالحها!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة