ربيع الشيخ

الإخوان و"أبو الفتوح" والرئاسة

الجمعة، 27 مايو 2011 02:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتردَّد داخلَ قطاعٍ كبير من الإخوان أنَّ الجماعة ليس لديها استعدادٌ لتولِّى مسؤولية رئاسة مصر فى هذه المرحلة الحرجة، التى من المفروض أن يتكاتف الجميعُ للخروج منها، وهذا قد يكون كلامًا مقنعًا وموضوعيًّا.

لكن دعنى أتساءل بكلِّ وضوح وشفافية، فاتحًا قلبي، ومقدِّمًا مصلحة مصر على رغباتى وآمالى، قائلاً: ما القوى الوطنيَّة الموجودة الآن التى لها قدرة، ومؤهَّلة للقيام بدورٍ بنَّاء فى إعادة مصر إلى ريادتها ومكانتها بين الدول، وإعادة الكرامة والحرية والاستقرار والآمان إلى شعبها العظيم؟

وهذا السؤال يطرحه الجميع، ويرى معظم أهل السياسة - الذين يُقدِّمون مصلحة مصر على مصلحتهم - أن الإخوان هم الأكثر استعدادًا وجاهزية للمنافسة، نظرًا إلى شعبيتهم وكثرتهم، ودقة تنظيمهم، وخبرتهم فى خوض المعارك الانتخابيَّة.

ويرون أيضًا أنَّه من الأولى أن تُسخِّر جماعة الإخوان جهودها وجاهزيَّتها، من أجل قيادة مصر فى هذه المرحلة الحرجة التى تمرُّ بها، مع العلم أنَّ هناك قاعدة أصوليَّة تقول: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، والجميع متَّفِق على أن بناء وإصلاح مصر وإعادتها إلى دورها الريادى داخليًّا وخارجيًّا واجب، وأعتقد أن هذه هى ثقافة القوم.

ورغم هذه الأمور، وما ذكرناه من قاعدة أصوليَّة، وفى ظلِّ الوقت الذى يرى فيه كثيرٌ من أفراد الشعب أن الأفضل لقيادة مصر فى هذه الآونة رجلٌ يَحمل على عاتقه المشروعَ الإسلامى المدنى النَّهضوى، الذى يقوم على المدنية والحُرِّية، فى ظلِّ مَقاصد الشريعة الإسلاميَّة.

ويرون، أن المناسب لحمل هذا المشروع هم الإخوان، ومع ذلك يأبى الإخوان، ولهم وجهة نظر تُحترم، ولكن العجب أنهم ينوون إلى الآن عدم دعم رجل منهم ذى رأى وخبرة فى العمل السياسى والقيادى، ويلتف حوله كثير من أبناء الإخوان، وهو الدكتور "عبدالمنعم أبو الفتوح"!

وهنا يكون السؤال: هل يمكن أن تُغيِّر الجماعة موقفها من "أبو الفتوح" وتدعمه؟

ونُحدث القوم بثقافتهم قائلين: الفتوى الشرعية تتغير بتغير الزمان والمكان، والأشخاص والأحوال، فمن باب أولى أن ينطبق ذلك على قرار الجماعة السياسى، فإنه ليس قرآنًا ولا وحيًا، وإنما هو اجتهاد له ظرفه، يتغير حسب الحالة والظروف الجديدة.

والله سبحانه قد فرض على نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - قيام الليل فى بداية الأمر، ثم تحوَّل بعد ذلك أمْرُه من الفريضة إلى النافلة، ودليل ذلك ما رواه مسلمٌ عن سعد بن هشام، أنه ذهب إلى أُمِّ المؤمنين عائشة، وقال لها: يا أمَّ المُؤمنين، حدِّثينى عن خلُقِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: ألسْتَ تقرأ القرآن؟ فإنَّ خلُقَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان القرآن.

قال: قلتُ: حدِّثينى عن قيام الليل، قالت: ألسْتَ تقرأ: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: 1]؟ قال: قلتُ: بلى، قالت: فإنَّ أول هذه السُّورة نزلَتْ، فقام أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتفختْ أقدامُهم، وحُبِس خاتمتُها فى السماء اثنى عشر شهرًا، ثم نزل آخرها، فصار قيام الليل تطوعًا بعد فريضةٍ.

وهناك العديد من الأحداث والأحكام التى تغيَّرَت من وقتٍ لآخر، كما فى التحريم بالرَّضاع، وكما فى تحريم الخمر، وعدة الحامل.. إلخ.

فهل تُغيِّر الجماعة موقفها من "أبو الفتوح"، نزولاً على رغبة الناس، وطبيعة المرحلة، مع العلم بأن "أبو الفتوح" يحظى بثقةٍ واحترام وسط التيَّارات السياسيَّة والدينية المختلفة، فقد أعلنت الجماعة الإسلامية دعْمَها لـ"أبو الفتوح"، وكذلك معظم شباب الإخوان، وهو واضح من خلال المنتديات وصفحات (الفيس بوك)، وله علاقة طيبة مع كثير من الأقباط، وبالوسط الفنى، وبمعظم طوائف الشعب، وكذلك بالمصريين فى الخارج، فكل مؤشرات القبول والنجاح يمتلكها "أبو الفتوح"، فهل تظل الجماعة على موقفها منه؟ أم تدعمه ليكون رئيسًا لمصر؟

هذا ما يعرفه مكتب إرشاد الإخوان وحده، ولكننا نأمل فى أن نترك الخلاف، والتمسُّكَ بالآراء، ونتَّحِد، ونتنازل عن كل غالٍ ورخيص؛ من أجل النُّهوض بمصر إلى آفاق الحُرِّية والاستقرار.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة