انتقدت ناهدة نكد رئيسة قناة فرانس 24 ومونت كارلو الدولية الإعلام العربى موضحة أن هدفه التأثير على رأى المشاهد العربى وتحويل تفكيره لاتجاه معين، وخير مثال على ذلك قناة الجزيرة التى يوجد لديها خط سياسى إسلامى، قائلة"عمرك ما تشوف على BBC العربية أو فرانس 24 القرضاوى يحكى بالساعات".
وأضافت ناهدة التى عملت لأكثر من عشرين عاما فى تغطية الحروب "لليوم السابع" أنه لا توجد أى ضغوط على فرانس 24 من الرئاسة أو الحكومة أو وزارة الخارجية الفرنسية.
وأوضحت أن انتمائها لأصل لبنانى لا يعنى انحيازها لأى طائفة مؤكدة فى الوقت نفسه أن سبب عزوفها عن العمل فى الإعلام الأمريكى عدم حبها للعقلية الأمريكية، مشيرة إلى أن الشعب الأمريكى عندما يصوت فى الانتخابات فهو يصوت للعالم كله، لكنه لا يبالى بما يجرى فى هذا العالم وإلى نص الحوار.
رغم مغادرتك للبنان أثناء الحرب إلا أنك عملت لأكثر من 20 عاما كمراسلة حرب أليس ذلك جديدا على الإعلاميات العرب؟
فى أيام الحروب نرى الناس على حقيقتها إن كانت خائفة أو شجاعة بدون كذب، وهذا عكس الكذب الذى يظهر فى المجتمعات التى تعيش فى السلم، ثانيا لكونى امراة حيث أن تغطية الحدث من قبل امرأة يؤثر أكثر فى المجتمع لأن المجتمع يتأثر بالحروب، إضافة بأنى لبنانية ولا أخاف من الموت لأنى رأيت الموت بعينى، عندما رأيت أقربائى وأصدقائى يموتون أمام عينى، وثالثا لشعورى بأنى أغطى الحروب بطريقة مختلفة عن الآخرين فمثلا عندما غطيت حرب "يوغوسلافيا" كان الصحفيون الأجانب يرون أن الصرب لا يسوون والمسلمين هم الضحايا لكنى كنت اعرف أن أى حرب أهلية لا يكون هناك أناس لا يسوون و اخرون ضحايا لان ان صح هذا فانه ينم على وجود خلل بالمجتمع والكثير من تلك الأشياء التى تجعلك تعشقى هذه المهنة وتجعلك تقضين الليل تفكرين فى السلبيات والأخطاء.
فى تغطية الصحف للحروب يكون للصحفى انحيازاته.. فهل واجهتى هذه المشكلة من قبل؟
لقد ربانى أهلى من غير ما أعرف ما هو دينى أو أفكارى السياسية، لكن بعد دراستى بالولايات المتحدة الأمريكية اتسيست شوية، وأكيد مع طول الوقت والتفكير لازم يكون لدى الإنسان أفكار سياسية، ولكنى كنت أكثر ميلا للمجتمع غير السياسى.
التزام الإعلامى بالحياد.. أكذوبة أم حقيقة؟
ممكن انت كشخص عادى لا تكون محايدا ولكن كإعلامى أنت مجبور عليه، فنحن فى قناة فرانس 24 نقول للذين يعملون معنا أن من واجب الصحفى أن يكون لديه الرؤية المهنية التى تجبره فى كتابته أو فى الأشياء التى يقولها للمشاهد أن يعطى الحقيقة فقط بعيدة عن ميوله، فمثلا نقول لهم ممكن تكون يسارى ولكن تقدر ما يعمله اليمين، وذلك لأن أغلبية الذين يعملون معنا عرب ولديهم أفكار سياسية ناتجة عن ما عايشوه من ظروف صعبة فى دولهم مما يظهر فى تغطيتهم.
وهل تعتقدين أن هناك إعلاما يتسم بالموضوعية؟
أنا لا أحب كلمة الموضوعية لأن تحقيق الموضوعية صعب ولكن الصدق فى نقل الحقيقة هو الأهم، وهذا ما ندافع عنه بشدة فى الإعلام الخارجى الفرنسى سواء فى قناة فرانس 24 أو إذاعة مونت كارلو الدولية فمن الممكن أن يخطئ الصحفى، ولكن المهم أن يكون بحث و قام بمجهود ليحصل على المعلومة بنية صافية، وأن يعرف أن عمله لخدمة المشاهد والمستمع وليس لخدمة شخص آخر مهما كان.
وهل هناك لقناة فرانس 24 نقدا للإليزية؟
رغم أن مونت كارلو الدولية وفرانس 24 ممولين من الحكومة الفرنسية إلا أننا ننتقد الحكومة والإليزية والمجتمع الفرنسى، فهناك أشياء تصدر عن المجتمع الفرنسى بمجرد علمنا بها ننقده، فليس لدينا أى ضغوط لا من الرئاسة أو من الحكومة أو من وزارة الخارجية الفرنسية لتغطيتنا، لذلك إذا أخطأنا فلابد أن ندفع ثمن خطأنا، ولكن إذا قلنا الشىء الصادق فلابد أن نعطى جميع وجهات النظر، فمثلا عمل يدين الإليزيه أو الحكومة لا يجعلنا نعطى الميكرفون فقط للشخص الذى يندد بهذا، ولكن لابد أن نعطى الإليزية أيضا الحق فى تبرير نفسه.
هل تمت إقالة زوجة وزير خارجية فرنسا السابق من رئاسة القناة؟
لا هى مازالت موجودة و لكن هناك مشاكل فى إدارتها.
هل لتلك المشاكل علاقة بالسياسة الفرنسية؟
فى الحقيقة لا، فهى لم تتدخل بأى شكل من الأشكال فى سياسة القناة ولكن المشكلة إدارية لأن إدارتها كانت سيئة، وقام عليها 85% من الموظفين، فإدارتها كانت تسىء للقناة، وطريقة تعاملها لم تكن مقبولة.
رغم إجادتك لأكثر من أربع لغات إلا أنك فضلتى العمل فى التلفزيون الفرنسى؟ ولماذا لم تفكرى فى العمل فى القنوات العربية رغم نجاحها؟
فضلت التلفزيون الفرنسى لأنى كنت أريد أن أعرف فرنسا بالعالم العربى ومشاكله، إضافة إلى أنى أحب الحرية فى الكلام، وأعرف أن الصحافة الفرنسية تعطى الحرية كاملة فى مناقشة القضايا وهذا على عكس الصحافة العربية فكثير من الأوقات لا تمنحك نفس الحرية لأن القنوات الكبيرة معروف أنها ممولة من دول معينة، وهذه الدول تمنحك الحرية فى بعض النقاط، وتسلبك إياها فى نقاط أخرى، فأنا رغم دراستى بأمريكا لم أرغب بالعمل بها.
لماذا؟
لأنى لم أحب العقلية الأمريكية فأمريكا تؤثر على العالم كله، والشعب الأمريكى عندما يصوت فى الانتخابات فهو يصوت للعالم كله، لكنه لا يبالى بما يجرى فى هذا العالم فهذا الشعور أزعجنى لذلك أفضل أوروبا كثيرا لعدة أسباب لقربها من العالم العربى وطبيعة تفكيرها وتشابه قيمها معنا سواء القيم الثقافية أو العلمانية أو الاجتماعية.
هل ترين أن الإعلام الغربى الناطق بالعربية نجح فى توصيل الرسالة أم أن الجزيرة مازالت تحتل الساحة الأكبر؟
بالطبع مازالت الجزيرة تحتل المساحة الأكبر فى الإعلام، وهذا ناجم عن عدم حرية الإعلام فى الدول العربية، وتعطش المشاهد العربى للمعلومات من قنوات مختلفة فهو مثلا يشاهد الجزيرة لعدة ساعات ثم يتنقل لقنوات أخرى حتى يتمكن من تكوين رأى محدد عما يشاهده، و لكننا فى فرانس 24 نقدم إعلاما حرا، صادق، غير مسيس وبطريقة سهلة وشيقة للمستمع، فالضيوف الذين نستضيفهم يظهرون على قنوات شتى ولكن المشاهد يعلم أن المعلومة التى حصل عليها لدينا صحيحة، فنحن لا نهدف فى التأثير على رأيه أو تحويل تفكيره لاتجاه معين كما تفعل القنوات الأخرى.
معنى ذلك أن القنوات العربية تقوم بالتأثير على المشاهد؟
أكيد طبعا، أنا أرى أن الجزيرة لها خط سياسى وهذا يتضح فى تغيرات تغطيتها فى البلدان فمثلا تغطيتهم لسوريا بدأت فى الأول بشكل خفيف ثم أصبحت مهمة إضافة لعدم اقترابها من إيران فالجزيرة لديها خط إسلامى.
ما معنى خط إسلامى؟
خط إسلامى يعنى خط إسلام سياسى فعمرك ما تشوف على BBC العربية أو فرانس 24 القرضاوى يحكى بالساعات، أو إعطاء أوقات كثيرة غير مبررة لحماس، فمثلا تغطية الجزيرة لحرب غزة جاءت بشكل مناضل وبكلمات لا نستخدمها، فكلمة شهيد لا نستخدمها ونفضل كلمة قتيل وذلك لأن أما جميعهم شهداء، أو جميعهم قتلى، فكثيرا ما نتشاور فى فرانس 24 على الكلمات أو المصطلحات التى نستخدمها، فمثلا نحن أول من قام بتغطية الثورة التونسية والمصرية، ولكن فى بدايتها كنا نطلق عليها مظاهرات غضب إلى أن تحولت إلى ثورة بحق.
هذا يعنى أنكم تلتزمون بـ style book محدد؟
نحن نلتزم بكل من الاستيل بوك والقاموس، فمنذ فترة كنت فى إشكالية مع صحفيى مونت كارلو بشأن مصطلح "العدوان بالنسبة لغزة"، فقلت لهم نبحث بالقاموس عن معنى عدوان فوجدناها اعتداء غير مبرر، فقلت لهم إن غزة قامت أيضا بقصف على إسرائيل، فقلت لهم إن الحقيقة واضحة ولا أحد يزايد عليها فالقصف الإسرائيلى على غزة غير مقبول إنسانيا أو سياسيا، لذا قررنا اختيار العنوان ليكون "الحرب فى غزة".
أليس فى هذا مساواة بين الضحية والجلاد؟
بالطبع لا، لأن الواقع يبيّن من الضحية وأنك إذا زدت كلمة واحدة فممكن تؤخذ عليك بأنك غير محايد، وأنا أعتقد أن المصداقية الكبرى تأتى فى الوقت الذى لا نستخدم فيه كلمات متحيزة، لأن الكلام له معنى.
كيف تعاملتم مع الثورة الليبية رغم اشتراك فرنسا مع الناتو فى قصف ليبيا؟
لم تتأثر تغطية فرانس 24 بدور فرنسا، وهذا ما يفرق بيننا وبين القنوات الأخرى، فمثلا نحن أول من تكلم عن مقتل بوعزيزى بتونس، وقمنا بإنزال فيديوهات متأكدين منها، ونعلم مصدرها، وتكلمنا بالعربية وليس الفرنسية، لذا صرنا أول تليفزيون غربى فى تونس، فى الوقت الذى كانت تدعم فيه الحكومة الفرنسية الرئيس التونسى "بن على" إضافة إلى قيام وزيرة الخارجية الفرنسية بعمل بيزنس، ففى الوقت الذى قام فيه الشعب التونسى ضد الحكومة الفرنسية كانت تغطيتنا عكس ذلك تماما.
ما رأيك فى الإعلام المصرى قبل وبعد الثورة؟
أنا أعتقد أن الإعلام المصرى سيتغير بشكل جذرى، فالإعلام المصرى من أهم الإعلام على مستوى العالم، وأرى أن مصر من البلدان التى تعد فيها الصحافة من أسس الدولة والمصريون لديهم هذا الاحترام للصحافة، أما بالنسبة للإعلام المصرى بعد الثورة فمن الصعب أن يتغير بين ليلة وضحاها، فهو يشبه طفل تربى على أن يسكت ويسكت فعندما تطلب منه بين ليلة وضحاها أن يحكى فلن يحكى لأنه سيظل لديه الشعور القديم.
ناهدة نكد.. فى سطور
ولدت ناهدة نكد فى عام 1960 تحمل الجنسيتين الإيطالية واللبنانية. تجيد بطلاقة العربية والفرنسية والإنكليزية والإيطالية.
وبدأت حياتها المهنية فى لندن عام 1982 كصحفية ومحققة لمجلة الحوادث العربية الصادرة فى لندن، بين 1985 و1987، عملت كصحفية لعدد من المجلات العربية والصحف الإيطالية، قبل أن توظّفها فى عام 1987 القناة التلفزيونية الأولى الفرنسية TF1، وهى أوّل قناة عامة فرنسية، لتكون مراسلتها فى روما: أوكلت بالتحقيقات عن إيطاليا ولبنان، قبل أن تُعيّن فى القسم الخارجى للقناة الأولى عام 1991.
ومنذ 1994، تعمل ناهدة نكد كمحققة كبيرة للقناة الفرنسية المذكورة وقد غطّت معظم النزاعات فى الشرق الأوسط والبلقان وأفريقيا.
عُيّنت فى 2009 رئيسة القسم العربى للوسائل السمعية البصرية الخارجية لفرنسا (AEF). وهى المديرة المساعدة للتحرير المسئولة عن المحتويات باللغة العربية فى قناة فرانس 24 والمديرة المساعدة للأخبار والبرامج فى الإذاعة العربية مونت كارلو الدولية.
وفى سبتمبر 2010، تم ترقية ناهدة نكد لمنصب مدير القسم العربى بقناة فرنس 24، مع احتفاظها بمنصبها فى إذاعة مونت كارلو الدولية، لها مؤلّفان: (زوجان فى الحرب) وهو بحث عن حرب العراق وكتاب (البحث عن لبنان الضائع)، وهو بحث عن لبنان.
رئيسة قناة فرانس 24 لـ"اليوم السابع": من الصعب تغير الإعلام المصرى بعد الثورة فهو يشبه طفل تربى على أن يسكت.. والجزيرة لها خط سياسى إسلامي.. ولا دخل للحكومة الفرنسية فى سياستنا
الخميس، 26 مايو 2011 12:21 ص
ناهدة نكد رئيسة قناة فرانس 24 تتحدث لـ"اليوم السابع"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة