أولا هذا ليس ضد الثورة ولا ضد أى ثورة، بل معها وفى صميمها وفى لب قلبها، فالمنطق يقتضى أن الثورة تهدف إلى التغيير للأفضل.. فما هى الوسيلة للتغيير للأفضل؟ وما هى النواحى التى نريد فيها التغيير للأفضل؟ وكيف؟
الإجابة البديهية هى أن الشعب يريد التغيير للأفضل فى كل النواحى.. فى الاقتصاد والصحة والتعليم ودخل الفرد.. وخلق الوظائف.. والإسكان.. وكبح جماح الفساد.. والقائمة طويلة..
وبالنسبة لأمة هائلة التعداد كمصر هذا يتطلب عملاً كبيراً ودؤوباً على كل الأصعدة.. وفى كافة الاتجاهات.. وخصوصاً– حسب رأيى- فى عمل طفرة فى مجال التعليم.. وهو أمر فى غاية الصعوبة لأسباب كثيرة.. لكنه على أية حال ليس مستحيلا.. لكننا فى الحقيقة أضعنا أو قل على وشك أن نضيع فرصة الاندفاعة الأولى للثورة حتى كادت تخمد.. وأوشك أملها ينقلب إحباطاً، فنحن نطالب ونطالب.. نطالب بكل شىء ومن الجميع.. نريد كل شىء والآن.. فمن سيعطينا؟ قل لى بالله عليك؟ لم أر فى حياتى سيارة تسير بغير وقود ولا نباتا ينمو بغير مياه..
اختزلنا الثورة فى مليونيات تطالب.. تسأل.. تهدد أحياناً.. تتوعد حيناً حتى أرهقنا حكومة الثورة الوليدة.. وشتتنا قواتنا المسلحة وهى حصن الوطن الباقى وأوهنا بلادنا وهناً شديدا..
فهل سنحل مشاكلنا بالمظاهرات والمطالبات؟ وما دورنا نحن طالما استعدنا بلادنا وأصبحنا مالكيها؟؟
والغريب أننا لم نر مليونية للحث على العمل مثلاً مع أنه السبيل الوحيد للنهضة، حسب قانون الكون الأزلى، فهل عجزنا عن أن نستخدم عقولنا لفهم أبسط القواعد؟
ليتنى شاهدت حتى مليونية لإظهار أن النيل هو حياة مصر ومدى تمسكنا ودفاعنا عن كل قطرة وهبنا الله إياها، لكن هذا لم يحدث.. وحتى عندما ظهرت دعوات نبيلة لمليونية ضد الفتنة الطائفية والتى هى مقتل وطننا الجلىَ وجدنا البعض أبى إلا أن يضعفها بإشراك تضامننا مع القضية الفلسطينية معها ما لبث هذا الباعث الأخير أن تحول ليكون المظهر الأساسى فيها فضاع مطلب وأد الفتنة فى بحور المليونية العظيمة! ثم انقلب أحداثاً دامية شارك فيها شباب نبيل، لكنه للأسف عمل ينم عن قصر نظر بيَن وعدم وضوح الرؤية للأولويات.
الغريب أنك إن تناقش معظم الناس فى الشارع وجدتهم يوافقونك الرأى فيما تقول فلا تجد بداً من أن تتساءل عمن يقودنا الآن وإلى أى مصير؟؟
إن التفات المصريين إلى أعمالهم وهم منتبهون إلى ثورتهم متطلعون إلى نهضتهم هو الطريق.. لن ننهض بغير عمل... لن نتقدم بغير اجتهاد.. لن نحصد بغير عرق.. فلنضع جميعاً بلدنا نصب أعيننا.. فلننكر ذاتنا من أجل مصرنا وأجيالنا القادمة.. فالغلطة الآن سندفع ثمنها الكثير ولا مجال للأخطاء فالشعب الآن هو القائد.
هذا ليس تشاؤماً ولا تهويناً ولا تهويلاً، بل هذه دعوة للنهوض وتنبيه رأيته واجباً وضرورة شعرتها ملًحة.
خالد عبيد حسين يكتب: مطلوب مليونية لوقف المليونيات
الأربعاء، 25 مايو 2011 10:04 ص