عندما رفع المرشح الشاب للرئاسة شعار التغيير استطاع أن يجذب إليه اهتمام الكثيرين ليس فقط فى الداخل الأمريكى لكن فى دول أخرى مختلفة حول العالم، كانت كلماته براقة فى خطاباته، و ربما لم يكن فى حسبانه أن هذا الشعار كان بمثابة الشرارة الأولى التى أشرقت منها نيران الشمس، فلقد أصاب هذا الشعار الكثير من الأمريكيين بالهوس، وامتد تأثيره ليتجاوز البحار حتى طاف كل أرجاء الكرة الأرضية، وأصبح الكثير من الشعوب يتمنى فوز أوباما ذى الأصول الإفريقية الذى يحمل التغيير شعارا له.
والآن وبعد أن مرّت الكثير من الأيام على وصول هذا الرجل إلى كرسى الحكم فى أمريكا، ودخوله البيت الأبيض، وبعد حصوله على جائزة نوبل للسلام فى العام الماضى فقط على نواياه لتحقيق السلام الذى لم يتحقق حتى الآن، وكأن الجوائز أصبحت تعطى على النوايا والطموحات وليس بناءً على ما يتحقق على أرض الواقع، صحيح أن قوة أمريكية خاصة استطاعت أن تقتل أسامة بن لادن، لكن قتل أسامة بن لادن لا يعنى شيئاً هاماً أو مؤثراً، خصوصا أنهم قد قتلوا الجسد، لكن الفكر ما زال باقياً وتتسع دائرته مع مرور الأيام، حتى أن القاعدة قد اكتسبت شعبية وجماهيرية نتيجة لتعاطف الكثيرين مع أسامة بعد مقتله، واعتبره آخرون شهيداً، وكان خروج أوباما منتشياً ليعلن هذا الخبر بمثابة ضربة البداية لنهاية شعبيته الخارجية حول العالم، بركة بوعمامة.. هكذا كما أحب معمر القذافى (نيرون ليبيا) أن يسمى أوباما معتبراً إياه ذى أصول عربية، أو باراك حسين أوباما.. كما هو اسمه رسمياً، أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن سياسات الاغتيال والاعتقال فى سجون تنتشر فى أنحاء العالم ما زالت سياسة رسمية أمريكية تنفذها فى معظمها المخابرات المركزية الأمريكية والمتعاونون من الأنظمة الأخرى الموالية للولايات المتحدة.
وبالتالى فإن سياسات الإرهاب المنظم التى تتمثل فى الاختطاف والاعتقالات وغيرها ما زالت إحدى سياسات الإدارة الأمريكية حتى اليوم، وجوانتانامو يعد مثالاً واضحاً على ذلك، فهو لم يغلق حتى ألان، أيضا لقد وعد أوباما بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية يرضى جميع الأطراف، ولم ينس ــ كعادة كل الرؤساء السابقين له ــ أن يؤكد أن أمريكا ملتزمة تماما بأمن إسرائيل وحمايتها من أى خطر أو تهديد، وتلك المقولة هى ذاتها التى مازال يرددها حتى الآن، وآخر مرة قالها كانت منذ أيام أمام منظمة إيباك الصهيوينة فى أمريكا.
أيضا مازالت القوات الأمريكية مستمرة فى عملها فى العراق وأفغانستان وذلك حتى تكمل المهمة، ورغم أننا لا نعرف بالضبط ما هى تلك المهمة أو طبيعتها، إلا أن نتائجها هى أكثر ما نعرفه جيدا والتى تتلخص فى قتل المدنيين وترويع الآمنين، وسرقة خيرات تلك البلاد وبث الضعف والوهن فى نفوس جيران تلك الدول لضمان بقاء تلك القوات فى تلك المناطق، ألا تذكر حديثه إلى العالم الإسلامى الذى ألقاه فى جامعة القاهرة، وتحدث عن انتهاج أمريكا لسياسة مختلفة مع الدين الإسلامى، مؤكداً ضرورة احترام جميع الأديان والعقائد، لكن فى المقابل تجد جنوده يهدمون المساجد ويمنعون الشعائر الدينية، بل وتمادى الأمر فى بلاده إلى تضييق الخناق أكثر وأكثر على إقامة المساجد وقضايا أخرى مثل النقاب وحرق المصحف الشريف وغيرها، فأين احترام الأديان إذن؟
أنا لا أعتقد أن هناك تغييرا بالأساس قد حدث، لكن ما هو مؤكد أن كثيراً من الكذب قد ساقه أوباما على مسامعنا من خلال خطاباته الرنانة وكلامه المعسول!
أحمد مصطفى الغـر يكتب: مزيد من الكذب.. قليل من التغيير!
الأربعاء، 25 مايو 2011 03:20 م