شاكر رفعت بدوى يكتب: مصر وطن يسكننا قبل أن نسكنه

الثلاثاء، 24 مايو 2011 05:50 م
شاكر رفعت بدوى يكتب: مصر وطن يسكننا قبل أن نسكنه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مصر وطن يسكننا قبل أن نسكنه.. فهو بيت كبير نعيش فيه يجمعنا صدق حبنا وانتماؤنا له.. مسلمين ومسيحيين.. قد تختلف عقائدنا ولكنها لا تخالف المنهج السماوى فى ضرورة التوائم والعيش فى سلام.. والتاريخ يذكر كيف اختلطت دماء هذا وذاك وتناثرت أشلاؤهما فى حروب ضد العدو الإسرائيلى لاستعادة الأرض المغتصبة فى سيناء، وكذلك الحاضر يؤكد ذلك من خلال ثورتنا ضد النظام البائد لاستعادة الحرية.. نحن مصريون يربطنا مستقبل واحد ومصير مشترك.. فكلانا– مسلمين ومسيحيين- من تربة هذا الوطن تجمعنا مصريتنا.. فهى ليست أرض هذا ولا ذاك بل هى أرضنا جميعا.. قد تكون التصورات المغلوطة والتشدد الممقوت من هنا أو من هناك سبب فى ظهور الخلافات التى سرعان ما تخمد جذوتها دليلا على عدم وجود سبب مقنع لحدوثها والغالب أن منشأ تلك الخلافات هو التزمت الذى يمارسه البعض ليس إلا بسبب الفهم الخاطئ والجهل بأمور الدين والتمسك بقشور الدين وترك جوهره.. والذى يؤكد هذه الفجوة أنك حينما تتعامل مع هؤلاء المتشددين من أصحاب الديانتين تكتشف الهوة السحيقة بين أقوالهم وأفعالهم.. ولا يبدو أمامك إلا مظهر خادع اتخذ من الشكل وسيلة لإقناع الآخر بأفضليته الدينية فيسئ إلى دينه فينصب نفسه متحدثا رسميا باسم الدين الإسلامى أو المسيحى فيسىء إلى دينه قبل أن يسىء إلى نفسه ويضيع أمام هذا الصوت العالى أصوات العقلاء والعلماء منهم.. إننا لسنا ضد ما قررته الديانتان

(كإطالة اللحى فى الإسلام ودق الصليب فى المسيحية)، ولكن نحن ضد ذلك، حينما تأتى على حساب جوهر الدين.. إننا نخطئ كثيرا حينما نركز على الاختلافات القليلة بين أصحاب الديانتين ونتجاهل عن عمد أو بدون قصد القواسم المشتركة الكثيرة التى يمكن أن تمثل روابط وشيجة تضمن عيشا سليما وآمنا لنا جميعًا.. لقد تعامل الرسول صلى الله عله وسلم ومن قبله المسيح عليه السلام مع الآخر بروح التسامح وقبول الآخر ومقابلة المنكر بالمعروف.. هكذا تعامل أقطاب الديانتين مع اختلافاتهما العقائدية بهذا الشكل المتحضر.. والإنجيل ومن بعده القرآن لا تعارض بينهما ولا تشدد فيهما تجاه أصحاب العقائد الأخرى.. وحينما كنت أسأل البعض من هؤلاء المتشددين من أصحاب الديانتين عن أسباب الخلاف فلا أجد إجابة سوى لأن هذا يخالفه عقيدته مع أننى على يقين أن هذا الذى يجاوبنى هو نفسه أبعد ما يكون عن عقيدته!!.. ومما آثار حفيظتى وقتها أن هذا الآخر الذى يتحدث عنه هؤلاء المتشددون لا يخالفه فى عقيدته فحسب بل يخالفه أيضا فى الشكل واللون والطول والغنى والفقر والثقافة وأشياء أخرى كثيرة.. فلماذا الدين إذا هو المحرك؟؟.. لقد فات على هؤلاء أننا جميعا كثيرا ما نختلف مع من يشابهنا فى عقيدتنا.. وكأن عقيدة هذا أو ذاك ليست هى عقيدته بل هى عقيدة الاختلاف لا أكثر ولا أقل والخلاف لا يورث سوى البغضاء ولا يخلق إلا حالة من الاحتقان والكراهية.. إننا جميعا مسلمين ومسيحيين فى مصر كالجسد الواحد.. لا عيش لأحدنا إذا انفصل عنه الآخر.. فاختلافاتنا وإن كانت محمودة فإنها تذوب وتختفى أمام عدة قواسم مشتركة ومتشابهة منشأها عوامل الوراثة الإنسانية لنا التى تستمد أصولها من أب واحد وأم واحدة.. فنحن وإن اختلفت عقائدنا فإن الجذور واحدة والأصول هى نفسها.. والأصل الواحد لا يختلف بتعدد فروعه.. فهذه الفروع داعمة لفكرة التوحد إذا ما ارتوت بماء واحد.... ولم لا وكلاهما ثمرة زواج الأرض والمياه.. أرض مصر الخصبة ونيلها العذب.. إن الخطر الذى يحدق بنا فى مصر الآن يتطلب منا جميعا أن يخرج من داخلنا التسامح وقبول الآخر ليعيد الحب إلى أصله وسابق عهده لنكون يدا واحدة لا يفرقنا ذهاب هذا إلى مسجده ولا ذاك إلى كنيسته.. فهذا لا يعدو مجرد افتراق مكانى، ولكنه فى حقيقة الأمر توحد معنوى فى صلاة ودعاء واحد بأن يتحقق الوئام والسلام والاستقرار لمصر.. ختاما فإننا نريد بداية للوفاق والوئام تتحطم أمامها كل محاولات الوقيعة بين عنصرى الأمة.. نريد ترابطا وتماسكا يضيف رصيدا لأصحاب هاتين الديانتين ويؤكد على سماحة عقائد هما ويسهم فى تقدم ونهضة وطنهما مصر.. مصر التى قدمت لهما الكثير وهى الآن فى أحوج ما يكون إليهما.. أعلم يقينا أن الكثير يخمن عن حقيقة ديانتى وخاصة أن اسمى يحتمل انتسابى لأى منهما.. أقول لهم إن تلك العلاقة هى بينى وبين الله.. وأستطيع أن أجيبهم بأننى مصرى من راسى حتى أخمص قدمى مثلهم تماما أخشى على وطنى من فتن لا وجود لها بين أبناء وأخوة فى هذا البلد الطيب.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة