رفضت المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، فكرة إقصاء أى من القوى الوطنية الفاعلة من الحوار الوطنى، موضحة أن الأمر ليس سباقا للسلطة، ولكنه تنافس مقبول من أى تيار بشرط أن يكون المجتمع محصناً دستورياً.
وأكدت المستشارة تهانى الجبالى خلال ندوة نظمتها مكتبة الإسكندرية مساء الاثنين، تحت عنوان "الدساتير بين المصدر الدينى والدولة المدنية" أدارها المستشار يوسف وجيه، على مناداتها أن يكون الدستور أولاً ثم الإعداد لسلطة الدولة، محذرة من خطورة استدعاء دستور 1971 مع بعض التعديل، بحيث يكون بقاء المجلس العسكرى فى السلطة أمراً غير دستورى، وأن ما تم فى مصر كان إعلاناً دستورياً مؤقتاً لانتخاب رئيس جديد مقيدة سلطاته لمدة عام، وإلزامه بوضع دستور جديد خلال تلك الفترة.
وأضافت، أن المسلك الذى انتهجته لجنة التعديلات الدستورية فى إرباك البلاد باستفتاء ثم انتخابات متتالية هو مسلك معيب، مؤكدة أن هذا المنهج ليس سيفاً مسلطاً، ولكن يمكن تنظيمه بما فيه المصلحة العامة، مطالبة بإعادة النظر فى هذا المسار، محذرة "إن لم تدار المرحلة الانتقالية الحالية بتوافق وطنى حقيقى ومحصن دستورياً، فإن الأمر مقدمة لأوضاع أكثر إرباكاً".
وكشفت الجبالى، عن أن هناك حكماً من المحكمة الدستورية صادر عام 1994 يمنع وضع دستور جديد إلا من خلال السلطات التشريعية"، مشيرة إلى أن هناك إشكالية بالشارع المصرى حالياً تدور حول المادة الثانية من الدستور، وهل بمقتضاها تفرض فكرة الدولة الدينية على مصر أم لا؟.
وقالت "لأول مرة تكون الدولة المصرية فى خطر، وأنها دولة مستهدفة فى الوضع الحالى، لسقوط بعض أدوات الدولة بعد الثورة، خاصة بمؤسسة الرئاسة والأمن والخارجية وانحلال السلطة التشريعية، بالإضافة إلى ضعف السلطة التنفيذية".
وطالبت تهانى الجبالى بتماسك الشعب حول الدولة المصرية، بالتمسك بالمرجعيات من خلال مفهوم معنى المضمون الحقيقى للمصطلحات، لعدم الخلط بين المفاهيم.
وعن قضية تطبيق الحدود فى الشريعة الإسلامية، أشارت إلى أن هناك العديد من الأمور ظن الثبوت وظن الدلالة، وهو ما يعطل تطبيق الحدود، ضاربة المثل بموقف عمرو بن الخطاب فى تطبيق حد السرقة، رافضة فكرة أن تطبيق الحدود بأسلوب تهريجى كما يجرى الآن بما يعد جهل بفلسفة الحدود بالدين الإسلامى، خاصة أن الهدف الرئيسى من تطبيقها هو الردع.
وشددت على أن المرجعية فى أى دولة لابد وأن تكون لذوى الخبرة والاختصاص وليس لرجال الدين، ضاربة مثل بتخلص الدول الأوروبية من سيطرة الدولة الدينية فى القرون الوسطى، وقالت "لم نخرج من الاستبداد السياسى ليحكمنا استبداد دينى، وأن ممارسة الولاية على المجتمع لابد وأن يكون من أدوات الدولة والأطر الدستورية التى تحكم و تحدد العلاقات.
واعتبرت الجبالى، أن فكرة المرجعية يجب أن تدقق ويجب أن يكون لها ضمانات دستورية فى الدستور القادم، وإلا لن يكون الدستور القادم أمن، وأكدت على أن ضرورة ضمان الدولة المدنية المحصنة بالدساتير هى ضمانة للجميع.
واستنكرت تهانى الجبالى غياب الوعى بمضامين هذا النص الخاص بالمادة الثانية من الدستور والأطر الدستورية المحيطة بها، خاصة وأن هناك أطراً واضحة لتطبيق القانون وفق الشرائع السماوية الأخرى، مطالبة بتوضيح ذلك بالدستور الجديد خاصة للأقباط.
وقالت "إن لم يتعلم الشعب المصرى الدرس ويحصن الأطر الدستورية وما حولها بضمانات واضحة فسوف نستمر فى نفس حالة الارتباك، خاصة أن المادة تخاطب المشرع وليس أحد آخر، مطالبة بإعادة النظر فى فقه الولاية التى يجب أن تكون مصر دولة الولاية بها للسلطات.
وأشارت إلى أن فكرة تطبيق قانون الميراث على سبيل المثال، بالنسبة للأقباط لم يكن قسراً ولا قهراً، ولكن بطلب من المجلس الملى فى ثلاثينات القرن الماضى تطالب بتطبيق نظام موحد على المصريين فيما يتعلق بالميراث.
وأشارت إلى أن الجدل هو ما إذا كانت مصر دولة دينية أم لا، هو جدل مفتعل والدليل على ذلك أن مصر طيلة تاريخها هى دولة مدنية بالرغم من كل الأيدلوجيات والعصور التى مرت على مصر بداية من العصر الفرعونى، حيث كانت مصر تمتلك أدوات الدولة الحقيقة والتى تحقق من خلالها المعادلة الصعبة.
وأشارت إلى أن لحظة الثورة كانت لحظة التطور الجماعى التى شملت كافة فئات وطبقات الشعب، بما يعتبر درساً تاريخياً وموقفاً ليس بجديد على الشعب المصرى لمن قرأ التاريخ، وكان أمر متوقع لهذا الشعب بأن يخرج بهذا الموقف الحاسم والحازم، وأكدت على يقينها بالشعب المصرى قبل الثورة وهو أيضاً قادر على تحقيق المعجزة الثانية وهى إقامة مجتمع ديمقراطي حر عنوانه المساواة والعدل والحرية وكرامة المواطن، وهو شعار الثورة الذى صاغته الجماهير.
وأكدت على أن الشعب المصرى قادر على إفساد كل المؤامرات والمناورات، خاصة التلاعب بالفتن الطائفية وإضراب الهوية المصرية ما بين (عربية أو إسلامية أو افريقية...) مؤكدة على أن الشعب المصرى يعى تماماً هويته.
ورفضت المستشارة تهاني الجبالى فكرة تطبيق أقوال الفقهاء على المجتمع وفرضها بالقوة، محذرة من فرض فكر بعينة على المجتمع باستخدام أقوال الفقهاء، وكل من لدية فقه ليس بالضرورة فرضه على المجتمع، وأن الإسلام لم يعرف فى تاريخه الدولة الدينية ولكن استخدم الدين فى توريث الحكم فى بعض الحالات، متسائلة عن إغفال المجتمع للجزء الثانى من النص الدستورى للمادة الثانية، والذى ينص على أن اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة والتى تتعرض حالياً لحالة انتهاك ثقافى كبير.
تهانى الجبالى: مسار لجنة التعديلات الدستورية "معيب"
الثلاثاء، 24 مايو 2011 12:45 ص
المستشارة تهانى الجبالى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نهى
انا مؤيدة
كلام صحيح فعلا مستشارة محترمة
عدد الردود 0
بواسطة:
almassry.bc @yahoo.com
المادة الثانية
انا مؤ يد