من المثير للدهشة والألم في نفس الوقت أن نرى ضحايا النظام السابق من أطفال الشوارع الذين كنا نصفهم بالقنبلة الموقوتة، هم بلطجية وعصابات اليوم!.. هؤلاء الأطفال الذين عانوا وتم إذلالهم وظلمهم بشتى الطرق، حيث تربوا وترعرعوا تحت وطأة ظروف قاسية، كانت الأرض فراشهم.. والسماء لحافهم.. والقمامة مأكلهم.. والمخدرات مشربهم.. والسرقة والبلطجة والدعارة مهنهم!..
فقد كانوا وما زالوا منتشرين في كل مناطق الجمهورية خاصة في الميادين الكبرى وأسفل الكباري الرئيسة إلى الحد الذي جعلهم من أبرز معالم وملامح مصر، حيث يصورهم العديد من السائحين والإعلاميين الأجانب لتلويث وتشويه صورة مصر التي لم تكن في حاجة إلى مزيد من التشويه والفضائح!!..
وها هم قد كبروا وأصبحوا رجال الشوارع أو بالأحرى بلطجية الشوارع، لا يشعرون بالولاء والانتماء لهذا البلد، يعادون المجتمع ويروعون الآمنين ويعيثون في كل مناطق الجمهورية فساداً، يسرقون ويقتلون ويصيبون ويغتصبون الفتيات!.. مما يعني أنهم يدعمون ويؤازرون النظام السابق الذي يَسُرّه أن تشيع الفوضى والبلطجة ويعم التدهور على كل الأصعدة لأطول فترة ممكنة!!..
هذا النظام الفاسد الذي بالغ في إهماله وتجاهله لهذه الفئة قاصداً استخدامها كأداة لتحقيق أهدافه الخسيسة التي كان أبرزها إنجاح الحزب الوثني عنوة في كل الانتخابات النيابية والمحلية والنقابية واتحادات الطلاب في الجامعات!.. بالإضافة إلى الاستعانة بهم أثناء وبعد الثورة لإفشالها وإجهاضها وإشعار المواطنين بشدة الفرق بين أيام المخلوع وتلك الأيام التي نحياها!..
المزعج والمقلق في هذا الأمر أن أولئك البلطجية بدأوا في تكوين عصابات وميليشيات منظمة للقيام بأعمال إجرامية ثقيلة من أبرزها السطو على السجون وأقسام الشرطة وسرقة الآثار وسرقة البنوك والمتاجر الكبرى!.. الأمر الذي يؤكد من وجهة نظري أن هؤلاء بالطبع أولاد حرام، فأولاد الحلال يستحيل أن تصدر عنهم مثل هذه التصرفات الحمقاء المدمرة التي من شأنها زعزعة أمن واستقرار البلد!.. وهذا ما جعلني أربط بين مسألة أطفال الشوارع على مدار ثلاثين سنة وبين أعمال العنف والبلطجة المريبة التي تشهدها مصر حالياً على يد بلطجية اليوم ضحايا ماما سوزان التي طالما صدعت العالم كله برعايتها المزيفة لأطفال مصر!!..
أتمنى أن تحظى قضية أطفال الشوارع في المرحلة المقبلة باهتمام ورعاية أولي الأمر كي لا يدفع المجتمع كله فيما بعد ثمن إهمالهم وتجاهلهم، فهم ضحايا ظروف صعبة لا دخل لهم فيها.. لا بد من احتوائهم وتوفير سبل العيش لهم لإشعارهم بالأمان ومصالحتهم على المجتمع لنجدتهم من قصوة ما يعانون.
هناء المداح تكتب: ونعم الرعاية يا ماما سوزان!!!
الإثنين، 23 مايو 2011 04:34 م