محمد حمدى

ملاحظات على الحوار الوطنى

الإثنين، 23 مايو 2011 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يشكك أحد فى وطنية وكفاءة الدكتور عبد العزيز حجازى رئيس وزراء مصر الأسبق، فهو رجل محترم، وأكاديمى مميز، وله من الخبرات فى مجال تخصصه، فى المحاسبة، ما يضعه فى مكانة علمية رفيعة جدا.

ولا شك أيضا فى أن وجود حجازى على رأس الحوار الوطنى الحالى يضيف إلى جلساته الكثير، فهو يجمع بين العلم والممارسة السياسية والعامة، ومع ذلك فإن الحوار بشكله الحالى يحتاج إلى إعادة نظر، وإلى الإجابة على سؤال مهم ومنهجى: ما هو الهدف من الحوار الوطنى؟

قال الدكتور عبد العزيز حجازى فى برنامج العاشرة مساء، ليلة أمس، إن الحوار يحضره نحو 750 شخصية، متنوعة الاهتمامات والخبرات، يعكفون خلال ثلاثة أيام، وعبر عدة جلسات على دراسة جملة من الأوراق، تتعلق بالمشاكل المزمنة التى تعانى منها مصر مثل: الفقر والعشوائيات، وغيرها، وبالطبع يتعلق الحوار أيضا بالأوضاع السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، ودور الشباب، واهتمامات المصريين وأولوياتهم، أى أنه عبارة عن مؤتمر جامع الهدف منه مناقشة مشاكل مصر المزمنة، ووضع تصورات وحلول لمواجهتها.

شىء جميل بالطبع لكن هل هذا ما تحتاجه مصر الآن؟.. أو بمعنى آخر، هل نحن بحاجة إلى مؤتمر حاشد من هذه النوعية من المؤتمرات البحثية، فى هذه المرحلة الانتقالية، غير المستقرة التى تعيشها مصر؟

فى تصورى المتواضع أن مؤتمر الحوار الوطنى هو نوع من الرفاهية التى لا تتحملها مصر الآن، أو كما قال صديقى العزيز الكاتب الصحفى أكرم القصاص إنه مؤتمر "توك شو".
الحوار الوطنى كما أفهمه، لا يغرق فى التفاصيل، وليس من ببين أهدافه وضع حلول للمشاكل كافة، لأنه فى مثل هذه الحالة يبدو كمن يحرث فى الماء، فمصر مقبلة على انتخابات برلمانية فى غضون شهرين، ومن حق الأغلبية التى ستقود مصر فى المرحلة المقبلة أن تطبق سياساتها العامة التى نجحت على أساسها، وبالضرورة فيها من السياسات ما يتعلق بهذه المشاكل المطروحة على الحوار الوطنى.

وليس مهمة الحوار الوطنى بأية حال التحول إلى مؤسسة بحثية، تدرس السياسات القديمة، وتضع سياسات بديلة من المجارى إلى البرنامج النووي، فهناك مؤسسات فى الدولة ومراكز بحثية وضعت عشرات الدراسات من قبل لم يأخذ بها أحد، منها المشروع البحثى العملاق الذى صدر عن منتدى العالم الثالث، بعنوان " أوراق مصر 2020"، وناقش فيه خبراء ومختصون كافة المشاكل ووضعوا سيناريوهات للتعامل معها وليس سيناريو واحدا أو حلا واحدا.

هناك أيضا تقارير ودراسات المراكز القومية المتخصصة، ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، وعشرات المراكز البحثية الحكومية والخاصة والجامعية التى لم تترك مشكلة فى مصر، دون أن تتصدى لها.

كل هذه الدراسات والأوراق البحثية الموجودة على أرفف المكتبات تمثل قاعدة أساسية لمواجهة أية مشكلة، لكن المعضلة الحقيقية فى هذا البلد، إننا نصر دائما على البدء من أول السطر، وعلى اختراع العجلة، ولا نعترف أبدا بمن سبقونا، لذلك نهدر الكثير من الوقت والجهد والمال فى إعادة دراسة مشاكل سبق ودرسناها مرارا وتكرارا.

وأتصور أن الحوار الوطنى الحقيقى كان يجب أن يسبق صدور قانون مباشرة الحقوق السياسية، الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ويختص الحوار الوطنى، الذى يمثل فيه الجميع دون إقصاء، يجب أن يعمل على وضع قواعد عامة مثل شكل الانتخابات البرلمانية، هل تجرى بالقوائم أم بالفردى أم بالجمع بينهما.. ومثل شكل النظام الاقتصادى، ودولة العدالة الاجتماعية التى نريدها.

الحوار الوطنى فى أى مكان وزمان هو حوار حول الكليات، وليس الجزئيات، ولأننا فقدنا البوصلة من الأساس، ليس غريبا أن يتحول الحوار إلى مشاحنات وخناقات، ونفقد ففضيلة الحوار ونصر على إقصاء الآخر.. أى آخر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة